أقلام حرة

صادق السامرائي: الدستور المهجور والكرسي المسعور!!!

غياب الدستور الذي يحدد  ويرسم خارطة القوة ومواقعها الفاعلة في الدولة، أدى إلى تحول الكرسي إلى مطلق الصلاحيات، فهو الدستور والقانون والمالك للبلاد والعباد، مما دفع للإنزلاق إلى قيعان الوجيع والإنهيار.

الدستور الغائب أوجد الحاكم المطلق  والطاغية والدكتاتور والمستبد، وغيرها من الحالات التي فتكت  بذاتها وبموضوعها.

والعجيب في الأمر أن البشر ربما لديه نزعة خنوعية وإستجدائية وإنكسارية، أمام القوة الفاعلة في السلطة

فلكل كرسي متسولين ومتوسلين وشحاذين، يرجون منه الصدقة والمكرمة، التي بها يشعرون بالقرب منه والتقوي به، فيغدق عليهم من أموال الوطن، ويوهمهم بأنها مكرمات من عندياته، ويصدقون ويمتنون ويقبلون الأيادي، ويركعون في حضرة الكريم المطاع المهيب العظيم المنان.

تلك حالة قائمة في العديد من المجتمعات المنكوبة بأنظمة حكمها، وخصوصا التس إستوردت ما تتوهمه بالحرية والديمقراطية، وإذا بها تتهاوى في صراعات بينية أقسى عليها من الإستبداد والطغيان االعدوان على وجودها، لأنها أصبحت ضحية لدائها الخفي الفاعل في نخر وجودها، وإسقاطها في حضيض مكانها وزمانها.

فهل وجدتم تجربة سياسية ناجحة في مجتمعات لا دستورية؟

إن الدول لا تقوم لها قائمة إذا فشلت في رسم معالم عقد إجتماعي يضمن مصالحها ويحافظ على مسيرتها وتفاعل أجيالها بوطنية وأمان.

فلكي تعرفوا مستوى الحياة الديمقراطية في أي مجتمع، إبحثوا عن نسبة السلوكيات الدستورية الفاعلة فيه، فإن غابت فأنه في مأساة، وإن وجدتموها، فهو من المجتمعات التي سيكون لها مستقبل وقدرة على المعاصرة والنماء.

فالدستور يوجه الطاقات الوطنية نحو مصب واحد، ويمنعها من التشرذم والتشظي والإنفلات.

وكل من عليها طاح  في مجتمعات بلا دليل!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم