أقلام حرة
صادق السامرائي: لماذا يتدين الناس؟!!
ربما أول ما بناه البشر هو المعابد، وفي الحضارات القديمة كان للمعابد شأنها، وللآلهة دورها في تنظيم حياة المجتمع.
فما أكثر الآلهة والأديان في مسيرة الخلق فوق التراب، وربما أكثر نشاطات الناس على مر العصور وتفاعلاتهم فيما بينهم كانت ذات منطلقات دينية.
فالتوجه نحو التدين نابع من مجهولية المصير، وصعوبة الإجابة على العديد من الأسئلة التي تقلق وتحيِّر، وبطاقة الغيبية المهيمنة على الوعي.
الغيب أملى على البشرية الأديان، ومضت في بحثها وجدها وإجتهادها حتى توصلت إلى منظومة إدراكية بموجبها تستريح، فتؤمن بأنها تعرف معالم مسيرتها من البداية وحتى الختام، وتأكدت هذه الرؤية في الديانات الإبراهيمية الثلاثة، التي ترسخت من خلالها مفاهيم الرحلة ما بين الولادة والموت وما بعده.
فالبشر لا يمكنه أن يكون بلا دين، حتى وإن أعلن إلحاده، فأنه يستند على حالات يؤمن بها، ويتيقن من رحلته في ربوعها.
فالتدين يساهم في تحرير البشر من القلق والخوف من المجهول، ويمنحه مسلمات وثوابت متكررة في حياة الأجيال، يمر خلالها ويكون بها.
والتدين علاقة عاطفية قلبية إنتمائية ذات طاقة نفسية عالية، لا يمكن إخضاعها للتقييم العقلي مهما كانت الأدلة قوية وبينة، فالمتدين يرى ما يراه وحسب، وأي زعزعة لرؤيته تتسبب بإرتعاب شديد، وإضطراب خطير لا يمكنه أن يتعايش معه.
وأن يكتشف المرء أن ما يؤمن به نوع من البهتان الذي يفنده العقل ينجم عنه أضرار نفسية جسيمة، وإنهيارات إدراكية ومعرفية مروعة.
فلكي يتواصل البشر فوق التراب، لا بد من التدين أيا كان نوعه ومعناه، ولا بد له أن يتعبد في ظلال إله مهما كان إسمه وشكله ونوعه.
المهم أنه يتبع دليلا يقوده في دياجير المجهول ومتاهات الغيوب!!
فهل أن التدين حاجة نفسية، وإرادة بقائية واجبة، وهل سيفقد البشر وجوده إذا فقد دينه؟!!
***
د. صادق السامرائي