أقلام حرة

علاء اللامي: سنُّ تزويج القاصرات ليس 9 سنوات بل 8 سنوات و8 أشهر!

من المؤسف والمثير للانزعاج أن يجد الوطني واليساري والديموقراطي العراقي نفسه في الموقع ذاته الذي تكدس فيه "نشطاء وناشطات" المجتمع المدني مدفوعو الأجر وحاشية المتصهين فخري كريم وأصدقاء السفارات الأجنبية بصدد رفض تعديل قانون الأحوال الشخصية المعروف شعبيا باسم "قانون تزويج القاصرات". يكفي هؤلاء عاراً أنهم طالما دافعوا عن الاحتلال الأميركي وسموه "تحرير العراق" أو "عهد التغيير" وهو أصل البلاء والمدافع حتى الآن حكم هؤلاء الذين يريدون سنَّ هذا القانون...إذن؛ يبقى الحق هو الحق فالناس تُعرف بالحق والحق لا يعرف بالناس الذين يزعمون تبنيه، وهكذا سنطبق مقولة "اعرف الحق تعرف أهله" وندافع عن بناتنا ونسائنا بوجه هذا التعديل القانوني الرجعي الطائفي!

وعلى هذا أقول؛ إن بعض المعممين والساسة يكذبون بفظاظة حين يزعمون أن تسمية تعديل قانون الأحوال الشخصية بقانون "تزويج القاصرات" هو كذب وتشنيع وجهل بالقانون وغباء وانحطاط أخلاقي من قبل الرافضين له والمدافعين عن الطفولة والبراءة لأنهم لم يقرأوه. وإنَّ من حق النساء جميعا والرجال الشرفاء أن يقفوا بوجه هذه القلة من الرجعيين والمرضى بالهوس الجنسي "البيدوفيلي" الذي يعتبر مرضا خطرا وممارسة تعاقب عليها القوانين المعاصرة في الدول التي تحترم براءة الطفولة مثلما تعاقب على بيع وشراء الرقيق والجواري الممنوع في عصرنا.

الحقيقة هي أن المنادين بالقانون قاموا بحيلة مكشوفة حين جعلوا تحديد سن زواج الأنثى بتسع سنين هلالية "قمرية" مذكوراً ضمناً في الفقرة ث من المادة الثالثة المعدلة والتي تنص على (تقسم مدونة الأحوال الشخصية إلى بابين: الأول ينظم أحكام المسائل الشخصية طبقا للفقه الجعفري، والآخر طبقا للفقه السني ويعتمد في وضعها على رأي المشهور عند فقهاء كل مذهب في العراق. وفي حال تعذر تحديد المشهور يعتمد المجلس العلمي رأي المرجع الديني الذي يرجع إليه في التقليد أكثر الشيعة في العراق من فقهاء النجف الأشرف وفي حال تعذر تحديد المشهور في الفقه السني فيؤخذ برأي المجلس العلمي والإفتائي).

والمعنى هنا واضح جدا وهو أن تحديد سن الزوجة سيكون وفق الرأي المشهور عند الفقهاء، وفي حال تعذر تحديد المشهور يؤخذ برأي المرجع الشيعي الأكثر تقليدا "اقتداءً" من قبل الجمهور، وبما أن المرجع الأكثر تقليدا أي المرجع السيستاني أفتى بأن سن الزواج هو "تسع سنين هلاليّة، وهو يعادل ثماني سنين ميلادية وثمانية أشهر وعشرين يوماً تقريباً" فإن من السليم والصحيح تسمية هذا القانون بقانون تزويج القاصرات منذ الآن وقبل أن يُصْدِرَ أصحاب القانون مدونتهم الفقهية للأحوال الشخصية" وإن أولئك الذين شتموا مَن وصفوها بهذا الوصف بأقذع الألفاظ هم كذابون ومنافقون وبيدوفيليون صرحاء يدعون إلى تزويج القاصرات!

من ناحية أخرى أشار تقرير إخباري نشرته "العالم الجديد في عددها ليوم 8 من شهر آب الجاري إلى أن صفقة قد تمت بهدف تمرير تعديل قانون الأحوال الشخصية وقالت الصحيفة المذكورة: "تمكن مجلس النواب يوم 5/8/2024 من القراءة الأولى لتعديل قانون العفو العام وسط مخاوف من شموله المدانين بتهم الإرهاب والانتماء الى داعش. كانت هذه النقطة تثير مخاوف الأطراف الشيعية من القانون تحديداً، ولكن كيف قبلت به وماذا حدث؟ بحسب صحيفة المدى وبناءً على مصادرها الخاصة، فإن الإطار التنسيقي الشيعي “اشترط مناقشة قانون العفو العام مقابل تعديل قانون الأحوال الشخصية” حيث تلجأ القوى السياسية غالباً الى مساومة بعضها لتمرير القوانين الخلافية في سلة واحدة. وهذا ما حدث بالنسبة لقراءة قانوني العفو العام والأحوال الشخصية بناءً على معلومات الصحيفة. وبذلك أنهى مجلس النواب في اليوم ذاته، القراءة الأولى لمقترح تعديل الأحوال الشخصية".

***

علاء اللامي - كاتب عراقي

.....................

* رابط يحيل الى فتوى المرجع السيستاني حول سن البلوغ ونصها:

"السؤال: ما هي علامات البلوغ عند الذكر والأنثى؟

الجواب: ١ـ علامة البلوغ في الأنثى إكمال تسع سنين هلاليّة، وهو يعادل ثمان سنين ميلادية وثمانية أشهر وعشرون يوماً تقريباً".

* رابط صفحة المرجع السيستاني وهو ينفتح بالنقر عليه وإلا فبنسخة ونقله الى خانة البحث ثم النقر عليه:

https://www.sistani.org/arabic/qa/0363/

في المثقف اليوم