أقلام حرة
صادق السامرائي: الذاكرة الكسيحة!!
ذاكرة الأمم والشعوب ينبوع إلهام وبوصلة مسار نحو جوهر ذات وهوية، ولابد للمجتمعات أن تصون ذاكرتها الإيجابية ولا تكرس ما هو سلبي في مسيرتها.
الأمة تتعرض لهجمة تستهدف دفن ذاكرتها وتأكيد أنها بلا ذاكرة إيجابية، فتأريخها المستحضر سفك دماء وغزوات وتفاعلات توصف بالسيئة ذات الصراعات البينية المهينة.
مَن الذي قدم لنا تأريخنا بهذه الصورة؟
لماذا يتم طمس ما هو إيجابي وأصيل؟
وفي القرن العشرين تحقق صناعة تأريخ لا يتفق وحقيقة الأمة وقوتها المادية والفكرية والمعنوية، حتى صارت الأجيال تصدق بأن الأمة إختصرت بطولاتها ومسيراتها بسفك الدماء والقتل الشرس .
وترسخ في الوعي الجمعي أنها لتكون عليها بالسيف ومحق الآخر، أيا كان سبب الإختلاف معه، فأبناء الأمة يتذابحون بسبب إدّعاء الواحد منهم أنه يمتلك الحقيقة المطلقة وغيره ينكرها.
بينما الأمة إنطلقت في المدينة المنورة بتنوعاتها، فكان في كيانها من معظم الأجناس البشرية، وتعايشت مع أقوام يختلفون معها.
في مصر لم تحارَب آثار الفراعنة، وفي الهند لم يُعتدَ على معابدهم، وفي العديد من المجتمعات كان لإحترام الثقافة السائدة دورها في تآلف القلوب، ونجاح الدعوة إلى الدين الذي رفعت راياته وحملت رسالته.
"إدعو إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن"
إن أروع ما في التاريخ وأنبله، يتم طمسه والترويج لما يساهم في تأمين مصالح الطامعين، وكأن الدين عدوان على أمة العالمين.
اليقظة واجبة، وإحياء جوهر المسيرة الحضارية للأمة من ضرورات المجد المعاصر، فالدنيا بعثتها أمتنا وألهمتها منطلقات الأبداع والتنوير، وأخرجتها من ظلمات القهر والإستعباد والتنكيل إلى آفاق الأنوار العقلية الساطعة المعطاء.
فلماذا نغفل علماء الأمة، ونهلل لمن وصفناهم بالسفاحين، والذي يسبق السيف العذل في سلوكهم؟!!
علومٌ في مَحافلنا تنامتْ
عقولَ الغير لو تدري أضاءتْ
بدأناها وكانَ الخلقُ يَشقى
بحالكةٍ على زمنٍ ترامَتْ
إلى غربٍ ألا ذَهبتْ رؤانا
فأحْيَت قوّةً فيهم تخابتْ
***
د-صادق السامرائي







