أقلام حرة
صادق السامرائي: وهم إصلاح الأديان!!
إصلاح: تقويم، تغيير، تحسين
الأديان كينونات متحجرة متصلدة تتدحرج في نهر البشرية لتأكيد إرادة التصارع وسفك الدماء، وهذا ديدنها منذ الأزل، وبواسطتها يتقاتل البشر وتستعر الحروب والنزاعات الدامية حتى بين أبناء الدين الواحد، لأن التأويلات والتفسيرات تقدد الدين وتحوله إلى مفردات متعادية.
فلا يمكن عمليا إصلاح دين بالمعنى الحقيقي للإصلاح، بل ربما يمكن العمل على إعادة الدين إلى بعض قيمه ومعاييره السلوكية التي من المفترض أن تسود فيه، كما حصل في ديانات متعددة، لكن المعمول به أن الدين يغذي نوازع النفوس الأمارة بالسوء ويطلقها، لقدرته على تبرير خطاياها ومآثمها، ولهذا فأن الأديان تتصف بفترات تمكنت من تجسيد الشر بأقبح معانيه.
وربما لا يوجد دين لم ينطلق بسلوك شرير مرير إلى أوجه، ويتفوق بجرائمه على غيره من الأديان، وكأن الأديان تتنافس في التعبير عن الشر أكثر من التعبير عن الخير والمحبة والرحمة.
هذا واقع الأديان الذي لا نواجهه ولا نتصدى له، ونتدحرج في مهاويه وويلاته، وعندنا من التبريرات والتسويغات ما يحررنا من المسؤولية، ويلقيها على أكتاف الرب الذي نعبده، أو ندّعي ذلك.
الدين العمل، وأعمال الأديان في واقع الدنيا يؤكد أنها توظف ما فيها من القيم والمثل لخدمة الرذيلة ومحاربة الفضيلة، لأنها لا تتفق ورؤيتها لها ولعقيدتها وثوابتها الفكرية والمعرفية، فلكل دين تعريفاته ومصطلحاته ومعانيه التي تتقاطع مع الدين الآخر.
فكيف تصلح ثوابت لو زحزحتها لفقد الدين هويته وذاته؟
لا يوجد سلوك عملي يؤكد أن الإصلاح الديني ينفع البشرية، وقد عانت من ذلك على مدى القرون، فأوجدت حلا واحدا لا بديل عنه، وهو أن يكون الدين للدين وحسب، فلكل دينه وربه وما يراه ويعتقده، وعليه أن يتعايش مع الآخر مهما كان دينه وفهمه للحياة التي عليها أن تستوعب الجميع.
فدع الدين للدين ومارس الحياة فأنها للخلق أجمعين.
***
د. صادق السامرائي
18\11\2020