أقلام ثقافية
ايناس الحربي: حين اختنقت الروح

حين تختنق الروح بصمتٍ مدوٍّ، تبدأ بالانطفاء.. تُمارس الحياة بجسدٍ حيّ وقلبٍ يحتضر.
تمشي، تضحك، تتحدث… لكنك تحمل بداخلك جنازةً مؤجلة، وجعًا عالقًا، وحنينًا لا تعرف مصدره.
حين تنطفئ، لا يعني أنك ضعيف، بل يعني أنك تعبت من القوة.
تعبت من مجابهة الحياة بصدرٍ مفتوح دون أن تجد كتفًا تستند عليه…
من محاولات التماسك كل مرة، من رفع رأسك كلما انكسر، ومن قول "أنا بخير" وأنت لست كذلك.
كل الذين قالوا "أنا هنا إن احتجتني"، لم يكونوا هناك حقًا…
كانوا مجرد صدى بعيد، كلمات عابرة، تعاطف مؤقت، ثم مضوا.
ولم يبقَ أحد يلمّ شتاتك حين بعثرتك الحياة…
في لحظة ما، تشعر بأنك غريب حتى عن نفسك.
تجهل مَن تكون، ولماذا تبدو ضائعًا.
تتفقد ملامحك في المرآة… تبحث عن النسخة القديمة منك، لكنها لا تعود.
تحاول أن تكتب، أن تبكي، أن تصرخ… لكن لا شيء يُخرج هذا الكم من الألم.
المؤلم ليس فقط أن تُخنق، بل أن لا يفهم أحد معنى اختناقك.
أن يُفسَّر حزنك بالتمثيل، وسكوتك بالغرور، وبعدك بالتجاهل.
أن يشعر بك قلبك فقط، بينما العيون من حولك عمياء عن كل ما يجري داخلك
ربما أنت لا تحتاج إلى من يُنقذك…
بل إلى من يفهم صمتك، يقرأ ملامحك، ويُمسك يدك دون أن تُخبره أنك على وشك السقوط.
ربما أنت لا تطلب الكثير… فقط حضنًا صادقًا، و"أنا معك" لا تشبه الوعود الكاذبة.
هذه ليست قصة حزن مؤقت…
بل قصة أرواح صارت معتادة على الحزن، لدرجة أن الفرح صار غريبًا عنها.
هذه ليست كلمات شخصٍ ضعيف…
بل كلمات قلبٍ قوي تعب من الصراخ في فراغٍ لا يسمعه أحد.
***
ايناس الحربي