أقلام ثقافية

جمال محمد تقي: غرنيكا.. الجدارية ليست للزينة!

من اقوال بابلو بيكاسو الشهيرة عن الأثر الذي من أجله تنجز الجداريات او اللوحات، الاصيلة وذات القيمة العالية، بمضامينها، وجمالياتها، وابداعها الفني غير المصطنع كلوحات غرنيكا، و مذبحة كوريا، والمرأة الباكية، وتحديدا غرنيكا التي تشكل بمجمل تفاصيلها منطوق بيان سياسي انساني متمرد على حقائق الامر الواقع، يقول بيكاسو: " اللوحة ليست مصنوعة لتزيين الشقق انها سلاح هجومي ودفاعي ضد العدو .."   .

بعد القصف الالماني والايطالي، النازي والفاشي، لمدينة غرنيكا الواقعة في اقليم الباسك الاسباني كدعم منهما للجبهة القومية الاسبانية، بقيادة فرانكو اثناء اشتعال الحرب الاهلية 1937 بالضد من التحالف الشعبي الجمهوري، ووقوع ضحايا مدنيين كثر نتيجة القصف، باشر بابلو بيكاسو وهو في باريس، في مشروع رسم جداريته الشهيرة،غرنيكا، لتكون شاهدا محرضا، على فضاعات تلك الحرب الشرسة والممولة اوروبيا وتحديدا من ثلاثي "هتلر وموسوليني وسالازار، ديكتاتور البرتغال "  لقبر التطلع الحر لطيف واسع من فئات وطبقات المجتمع الاسباني .

تفاصيل عن غرنيكا الجدارية:

استغرق العمل في اللوحة 35 يوما، واعتمد بيكاسو في تنفيذها على اسلوب، هو خليط متجانس من المدرستين التكعيبية والسريالية، بمواد الزيت الخافت اللمعة، على قماش من الكتان، بطول ثلاث امتا رونصف، وعرض سبعة امتار وثمانون سنتمترا، اما الالوان فكانت الازرق الداكن والاسود والابيض .

يتكثف مشهد الجدارية داخل جدران غرفة هي عالم بلدة غرنيكا، على يسارها يقف ثور واسع العينين فوق أمرأة حزينة تحمل بين ذراعيها طفلا ميتا، وفي وسط الغرفة حصانا متألما مع فجوة كبيرة في جانبه وكأنه طعن برمح، وتحته جندي ميت ويده اليمنى مقطوعة وهي قابضة على سيف محطم، ويظهر اعلى الحصان من الجهة اليمنى امرأة خائفة تراقب المشهد من خلال نافذة وفي يدها مصباح مضاء باللهب، والالسنة خناجر تصرخ ..

مجلس الامن ومنسوجة غرنيكا المسترجعة!

الجدارية الاصلية موجودة في مركز الملكة صوفيا الوطني للفنون في مدريد، وقد تنقل عرضها في اغلب متاحف اوروبا منذ انجازها عام 1937 .

في عام 1955 اوصى الملياردير نيلسون روكلفر بنسج سجادة كنسخة عن لوحة غرنيكا ثم اعارها عام 1984 للامم المتحدة لتعلق في مدخل صالة مجلس الامن لتكون حاضرة في قرارات حفظ الامن والسلام العالمي، وبعد ذلك قررت عائلة روكلفر استرجعت السجادة 2021، وقد ساد المنظمة الدولية شعور بالفقدان، عبر عنه الكثير من المهتمين بواقعها وبمستقبل دورها!

***

جمال محمد تقي

 

في المثقف اليوم