أقلام ثقافية
عبد الرضا حمد جاسم: رحلة دون تدخل في كتاب محمد الماغوط (3): طوق الحمامة
هل يمكن يا حبيبتي ان يقتلني هؤلاء العرب اذا عرفوا في يوم من الأيام انني لا احب الا الشعر والموسيقى ولا اتأمل الا القمر والغيوم الهاربة في كل اتجاه.
أو أنني كلما الى السمفونية التاسعة لبتهوفن اخرج حافيا الى الطرقات واعانق المارة ودموع الفرح تفيض من عيني
او انني كلما قرأت " المركب السكران" لرامبو اندفع لألقي بكل ما على مائدتي من طعام وما في خزانتي من ثياب وما في جيوبي من نقود وأوراق ثبوتيه من النافذة.
نعم فكل شيء ممكن ومحتمل ومتوقع من المحيط الى الخليج بل منذ رايتهم يغدقون الرصاص بلا حساب بين عيني غزال متوسل ادركت انهم لا يتورعون عن أي شيء.
و لكن من اين لهم ان يعرفوا عني مثل هذه الاهواء وانا منذ الخمسينات لا احب الشعر او الموسيقى او السحب او القمر او الوطن او الحرية الا متلصصا اخر الليل وبعد ان اغلق الباب والنوافذ وأتأكد من ان كل المسؤولين العرب من المحيط الى الخليج قد أووا الى اسرتهم وأخلدوا للنوم ولكن اذا صدفة عرفوا ذلك بطريقة او بأُخرى فاكدي لهم يا حبيبتي بان كل ما سمعوه عني بهذا الخصوص هو محض افتراء واشاعات مغرضة واني لا اسمع الا نشرات الاخبار ولا اقرا الا البلاغات الرسمية ولا اركض في الشوارع الا للحاق بموكب التطور وانني اقتنع دائما بما لا يقنع واصدق ما لا يصدق لا اعتبر نفسي اكثر من قدمين على رصيف او رصيف تحت قدمين.
و اذا ما سألوك اين اذهب أحيانا عند المساء فقولي لهم انني اعطي دروسا خصوصية في الوطن العربي في توعية البائسين والمضللين واذا ما بدوت بائسا في بعض الأحيان فاكدي لهم انه ياس إيجابي واذا ما أقدمت على الانتحار قريبا فلكي ترتفع روحي المعنوية الى السماء،
و انني لا اعتبر ان هناك خطر على الانسان العربي والوطن العربي سوى إسرائيل وتلك الحفنة من المثقفين والمنظرين العرب الذين ما فتئوا منذ سنين يحاولون اقناعنا في المقاهي والبارات والندوات والمؤتمرات بان معركتنا مع العدو هي معركة حضارية وكأنهم ينتظرون من قادته وجنرالاته ان يجلسوا صفا واحدا على كراسيهم الهزازة على الحدود مقابل صف من الكتاب والشعراء والفنانين العرب ليبارزوهم قصيدة بقصيدة ومسرحية بمسرحية ولوحة بلوحة وسمفونية بسمفونية واغنية بأغنية ومسلسلاً بمسلسل.
لا يا حبيبتي اركبي اول طائرة واجتمعي بكل من يعنيهم هذا الامر في الوطن العربي وحذريهم من الوقوع في هذا الشرك أو مثل هذه الدوامة فصراعنا مع العدو واضح كل الوضوح في مقولة عبد الناصر الشهيرة:" ما اُخذ بالقوة لا يُسترد الا بالقوة"...و الصراع المحتدم الان بين اكبر دولتين في لعالم واكثرهما غنى بالشعراء والكتاب والفنانين الا وهما روسيا وأمريكا حول سباق التسلح الا الدليل القاطع على صحة هذه المقولة. ولذلك فانا ككل عربي مستضعف مستهدف من جميع الجهات اتابع هذا السباب باهتمام بالغ واتابع بالاهتمام نفسه كل ما يطرأ على عالم الأسلحة من تطور في الشكل والمضمون والفعالية وان كان لا يزال للدبابة بالنسبة لي ولجيل الخمسينات برمته مكانة خاصة في نفوسا ولا نستطيع بمجرد ان ظهرت أسلحة جديدة اكثر رشاقة وفعالية منها ان ننساها بكل هذه البساطة فبيننا وبينها عشرة عمر.
واذا كانت الدول الأقل غنى منا قد وفرت لكل مواطن دبابة واحدة على الأقل فحريُ بنا نحن العرب وقد وهبنا الله تلك الثروات والموارد التي لا تنضب ان يصبح لكل مواطن عربي في المستقبل لا دبابة واحدة بل خمس دبابات على الأقل:
واحدة الى يمينه
وواحدة الى يساره
وواحدة امامه
وواحدة وراءه
وواحدة فوقه وبذلك يرتاح ويريح
***
يتبع لطفاً/4 المبتدأ والخبر
عبد الرضا حمد جاسم