قضايا

هاجر فرزولي: من بنية العقل العربي إلى بنية العقل الإنساني

قراءة ثانية في واقع ما بعد السابع من أكتوبر

كتب الدكتور زكرياء سعيدي قائلا "معظم الكتابات التي نقدت العقل العربي وحللت بنيته ومكوناته تنتمي إلى فترة النكبة الأولى والثانية للهزيمة العربية ضد الكيان السرطاني.... واليوم أمام الفضيحة العربية المخزية تجاه ما يجري لإخواننا في غزة لم تعد تجدي تلك التحليلات شيئا ولم يعد لها قيمة معرفية، اليوم يجب الحفر أعمق في بنية العقل العقيم، هذا العقل المستقيل من أسباب بقائه الحقيقية" الوحي"، هذا العقل المتورط في محرقة القرن"، وبحكم تفاعلنا مع ما كتب فإننا نوسع الأطروحة لتشمل تشريح بنية العقل الإنساني جمعاء، فبعد أزمة كورونا والحرب -الروسية الأوكرانية- صار الحديث عن مصير إنساني مشترك أمرا مطروحا في الساحات الفكرية والثقافية.

وفي ظل ما يعيشه العالم اليوم من توجيه الحديث حول القضية الفلسطينية، وبما أن محورية التقييم اليوم ومعيار الحكم على العقل الإنساني، أصبحت في التعامل مع ما يجري في غزة، يمكننا أن نقول أننا بحاجة لقراءة ثانية لواقع العقل الإنساني، أو الحديث عن تقسيم عام للعقل البشري.

ولا أستثني في هاته التقسيمات عربي أو أوربي، مسلم أو غير مسلم ، أو كل ما يدعي أنه إنساني ، ولعل هذا ما رسينا عليه في أخر تصريح للفيلسوف الفرنسي إدغار موران الذي جاء فيه " صمتت العالم، صمتت الولايات المتحدة الحامية لإسرائيل، صمتت الدول العربية، صمتت الدول الأوروبية التي تدعي أنها تدافع عن الثقافة الإنسانية وحقوق الإنسان ، أعتقد أننا نعيش مأساة مروعة لأننا أيضا عاجزون، أنا مذهول، ومستاء من حقيقة أن الذين يمثلون أحفاد شعب تعرض للاضطهاد لقرون بسبب أسباب دينية أو عرقية أن الأحفاد من هذا الشعب الذين هم اليوم، صناع القرار في دولة إسرائيل، أنهم يمكنهم ليس فقط استعمار شعب كامل وطرده جزئيا من أرضه ورغبتهم في طرده بشكل نهائي من أرضهم، ولكن بالإضافة إلى ذلك بعد مجزرة 7 أكتوبر  انغمسوا في مقاتل هائلة حقيقية على سكان غزة وما زالو يستمرون بلا توقف ويستهدفون المدنيين والأطفال والنساء ، وأرى أن صمت العالم، وصمت الولايات المتحدة الحامية لإسرائيل، وصمت الدول العربية، وصمت الدول الأوربية التي تدعي أنها تدافع عن ثقافة الإنسانية وحقوق الإنسان، أعتقد أننا نعيش مأساة مروعة لأننا أيضا عاجزون أمام هذا الشيء الذي يتفشى وعلى الأقل شهادة ، الشيء الوحيد الذي يبقى إذا لا يمكننا المقاومة بشكل ملموس، فلنقاوم في أذهانناـ لا تدعوا أنفسكم يتم خداعها، ..... ".

وقد ارتأيت من قراءتي للواقع و متاباعاتي أن يكون كالآتي:

1-العقل التدميري: هو الذي يدمر غزة الأن وتمثله القوى الوحشية الكبرى: إسرائيل وداعمتها أمريكا.

2-العقل الاتكالي: وهو العقل الذي يعول على غيره في تحرير غزة وسكانها، ويناشد بهذا دوما.

3-العقل المستقيل: وهو العقل الذي اختار أن يواصل حياته كما هي غير أبه بما يحدث في قطاع غزة من قتل وتجويع، وتدمير، وإبادة ممنهجة، وتطهير عرقي...

4-العقل الحقير: وهو العقل الذي اختار بيع اخوانه تطبيعا من داخل الدول الإسلامية) وبيع الإنسانية الغزاوية (تمويلا بالسلاح وكل ما يحتاجه الكيان الصهيوني لإبادة الشعب الفلسطيني).

وقد أضاف لنا الدكتور زكرياء سعيدي بتفاعله نوع خامس وهو:

5-العقل المقاوم: وهو عقل ملحمي يصنع بطولات هذا الزمن ويعيد كتابة التاريخ ...وهو فيص التفرقة بين الحق والصهيونية.

وهو العقل الذي يعول عليه الأن في إحداث نهضة تغييرية لمصير الأمة الإسلامية ومصير الإنسانية جمعاء.

*** 

هاجر فرزولي

في المثقف اليوم