أقلام ثقافية

ثامر الحاج امين: جذرٌ لم يميته الصقيعً

في الثاني عشر من شهر أيلول  الجاري مرّت الذكرى الثالثة على رحيل الشاعر (علي العضب 1945 ــ 2022) صائغ كلمات الاغنية الوجدانية (يابو بلم عشاري) والأغنية السياسية (مكبعه ورحت امشي يمه)، وقد التقيت بهذا الشاعر في العام 2009 عندما كنت مدعوا انا والصديق الروائي " سلام ابراهيم " الى مهرجان المربد الشعري في البصرة وعلى هامش المهرجان حظينا بلقاءات خاصة مهمة كان من بينها اللقاء بالقاص الكبير " محمد خضير " الذي أجرى الترتيب لهذا اللقاء وشاركنا حواراته على ضفاف شط العرب القاص الدكتور " لؤي حمزة عباس " وقد امتد اللقاء لساعات متأخرة من الليل ودارت فيه حوارات ورؤى ثقافية مختلفة، وقبل هذا اللقاء وفي مساء نفس اليوم كانت لنا زيارة للشاعر على العضب صاحب الارث الشعري والوطني حيث كان الراحل قد وعد "سلام "ودعاه لاستلام هدية تجعله يعيش ليلة هانئة، وقد تبين من مجريات تلك الزيارة للشاعر التي رافقنا فيها الدكتور " لؤي حمزة عباس " ان بين الاثنين سلام والعضب علاقة حميمة تعود الى فترة نضالية جمعتهما معا، استقبلنا العضب في منظمة الحزب الشيوعي في البصرة التي اتخذت وقتها من بناية نقابة العمال مقرا لها، وقبل هذا اللقاء لم اكن اعرف عن الشاعر العضب سوى انه مؤلف الأغنية الثورية الخالدة (مكبعه ورحت امشي يمه .. بالدرابين الفقيرة) التي انتشرت في منتصف السبعينيات وصارت ترنيمة يتغنى بها شباب اليسار العراقي، عشنا في ذلك اللقاء جوا من المحبة والمرح حيث الذكريات المصحوبة بالضحك والتعليقات الرائعة وكنت طيلة الجلسة أمعن النظر بوجه العضب واستحضر اغنيته الخالدة وكيف تمكنت بكلماتها البسيطة من السيطرة آنذاك على مشاعر الشباب واندفاعهم الثوري فأكيد كان للصدق الذي فيها وما جسدته من نضال الامهات العراقيات النجيبات في مسيرة الحركة الوطنية العراقية دورا في انتشارها وخلودها، وبعد وقت جميل عشناه معا  تركنا الاثنين سلام والعضب في المكتب يكملان سلسلة ذكرياتهما وصعدنا انا والقاص لؤي حمزة الى سطح البناية  لنشهد تمرينات اوبريت " المعيبر " ــ على ما اتذكر ــ  ومن ذلك اللقاء القصير تولد لدي انطباع حسن عن شخصية الراحل المبدع على العضب فقد وجدته متحدثا لبقا بشوشا دمث الاخلاق قام بأصول الضيافة على اكمل وجه حيث اباح لنا فيه عن مكنونات اخلاقه واعماق روحه المرحة .. خلودا ايها الشاعر علي  العذب فأنت جذر لم يميته صقيع الأيام العصيبة.

***

ثامر الحاج امين

في المثقف اليوم