أقلام ثقافية
علي الجنابي: وأولئكُمُ القَوْمُ العَبَث
نَهَضَ راعي (الصَّحافةِ الحُرَّةِ) على إستحياءٍ وبأجلالٍ تامٍ بحَضرةِ هُمَامِ الثَّقافةِ والفِكرِ الحَصين وإمامِ الحَصافةِ والذِّكرِ الرَّصين، نَهضَ وبقولٍ خجولٍ بَثَّ ونَفَث؛
" لَعَمريَ أنَّ هذا نَصُّ مَقالةٍ رفيعٌ بديعٌ عن الطَّلاقِ إن حَدَث، لومَا أنّهُ قد أَوْكَدَ الطَّلاقَ ثلاثاً وما جدَّدَ فيهٍ وما بَحَث، فهلّا صيَّرتَ -ياإمامَ الحرفِ الحَصينِ- الطَّلاقَ اربعاً وجدَّدتَ الدّينَ بِبَعث، حِفاظاً على أثاثِ الدّاَرِ وعلى ثُرياتِها وحِفظاً لصِبيةٍ صِغارٍ في الدارٍ مِن ذَكَرٍ ومَن وقعَ عليهِ القولَ وأَنُثَ، وقد تعلمُ -ياهمامَ الذَّرفِ المتينِ- ألّا جَمالَ لمقالٍ إلّا في مُخالفَةِ واقعَ حالٍ وللخِلافِ نَبَشَ فَهَشَّ فَرَفَشَ وشَعَث، ونحنُ فيما ههُنا لا نبغي تَمرّداً -وحاشا للهِ- ولا فتنةً ولا جدالَ ولا فسوقَ ولا رَفَث، بل نبتغي رَفعَ مَواردِنا بعدما مسَّها كسادُ الجهل وطَمَث، ونبغي دَفعَ ورفعَ أجرَكَ الى سنامٍ مُعتَبرٍ إن ذلكَ حَدَث".
بُهِتَ إمامُ الحرفِ الحصينِ والذَّرفِ المتينِ وفي مُتَّكئهِ جثَمَ ولَبَث، ثمَّ نظَرَ في سماءِ الغُرفةِ ثمَّ بَسَرَ وإكترَث، ثُمَّ بادَرَ فغادرَ الغُرفاتِ فالحُجُراتِ حثيثاً بِغَثَث، ثُمَّ مَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ وفي مُكْثِهِ قليلاً لَبَث، ثمَّ عادَ للغُرفةِ مَسروراً بِلَهَث، فسَلَّمَ على راعي الصَّحافةِ الحرَّةِ وسَلَمَ نصَّ المَقالةِ على خَجلٍ وبِخَنَث.
وكانَ ممَّا جاءَ في المَقالَةِ الحَدَث:
[قد عَلِمتَ أيا قارئي ذا الشَّيبةِ والحَدَث، أنَّ (الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ) وذاكَ لَعَمري هو الحقُّ ولن نبغيَ لهُ تبديلاً ولا حِوَلاً عنه وكانتِ السُّوأَىٰ عاقبةٌ لمَن نَكثَ، بيدَ أنَّ الفِكرَ اليومَ ياقارئي قدِ إستنارَ والذِّكرَ اليومَ قدِ إستثارَ على كلِّ زَبُرِ ولعهودِها نَكَث ولبُنودِها حنث، فمَن شاءَ مِنكُم فليُمسِكْ أو يُسَرِّحُ في الثَّالثةِ بدَمَثَ، ومَن شاءَ فليُمسكْ أو يُسَرِّحُ في الثَّالثةِ والثّلاثين بإحسانٍ وبلا عَبَث، ومَن شاءَ منكمُ فليمحُ إحصاءَ الطَّلاقِ من مِنهاجِ الزُّبُرِ ولا أثلاثَ عليهِ ولا وغداً وَرث، وما على المُضطَرِّ من سبيلٍ ولا جرمٍ ولا غرمٍ في مالٍ ولا في زرعٍ كانَ قد حَرَث. (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ) بلِ الإثمُ على مَن عبث. ونحنُ ما خططنا مقالَنا هذا إلّا من واقعِ مالِنا ومَآلِنا وما فيهِ من وَعَث، وما أردنا إلّا الحُسنى وإبتغاءَ سعادةِ الوِلدانِ وحِفظاً لسُقوفِ الدَّارِ وما فيها من ثُريّاتٍ وما تحتَها من قُدُورٍ راسياتٍ ومِن أثَث، واللهُ من وراءِ القَصدِ وهوَ الشَّاهدُ على عقدِ النِّكاحِ وهوَ رَبُّ الوِلدانِ ورَبُّ الثَّرى وثُرياتِ الدَّارِ وربُّ البَعث، وهو المُنتقمُ مِن كلِّ كَاتبٍ وأديبٍ بدَّلَ وداهَنَ العهدَ أو للعهدِ نَكَث].
وقفَ راعي الصَّحافةِ على إستحياءٍ وبأجلالٍ تامٍ بحضرةِ هُمامِ الثَّقافةِ والأدبِ الرَّصين وإمامِ الحَصافةِ والفِكرِ الحَصين وبقولٍ حييٍّ بثَّ ونَفَث؛
" لَعَمريَ إنَّ هذهِ لهيَ الرِّيادةُ الحَقُّ في الثَّقافةِ وإنَّها لهيَ السِّيادةُ الحقُّ في الصَّحافةِ، وهو التَّجديدُ العدلُ للدّينِ بلا خبثٍ ولا عَبَث، فهنيئاً لنا بكَ ياهُمامَ الثَّقافةِ والأدبِ الرَّصين بلا ضَغث، ومَريئاً لقرَّائِنا الأحرارِ بكَ يا إمامَ الحَصافةِ والفكرِ الحَصين بلا شَعَث، وإذاً فمَن شاءَ من فرّائنا فليُمسكْ وحُريّةُ الفِكرِ مكفولٌ لمَن مَسَكَ الثّريات والأثاثَ والإناثَ بِرَمَث، ومَن شاءَ فليُسَرِّحْ في ثَلَاثَ مِائَةٍ وثلاثٍ وثَلاثين، وحُريّةُ الفِكرِ مكفولٌ لمَن سَرَّحَ في ثلاثٍ أو في ثلاثينَ أو في ثَلَاثَ مِائَةٍ وزادَ ثلاثاً وثلاثين بلا عَبَث".
***
حرَّرَ النَّصَّ إمامُ الحَرفِ الرَّصين: أخوكم علي الجنابي
....................
* رَمَثٌ جمع أرماثٌ ورماثٌ: وهو الحَبْل الخَلقُ، أو الطَّوْفُ، خَشبٌ يُشَدُّ بَعضُه إلى بعض ويُرْكَبُ في البحر- القاموس المحيط.