قراءات نقدية

عيال الظالم: أنواع النصوص الثقافية

النص الثقافي في الشعر العراقي المعاصر (3)

1- النص الثقافي الشعبي: الحكاية الشعبية كما في موقع ( www.marefa.org) هي نوع من أنواع الحكايات التي تقوم على الخيال وبناء الأحداث و الشخصيات فيها بعيدا عن الواقعية، لكنني في النصوص الثقافية الشعرية أجدها واقعية، نقلت لغاية التعريف بخلق أو نصيحة أو مدح واقع إنساني مفقود ومؤثر، ويكون أسلوبها مفهومًا وواضحًا وهي مأخوذة من السّرد الشفويّ عن طريق شاعرٍ موجود ومعروف، أما الحكايات تنقل إمّا عن طريق الآباء أو حكّاء معين وتدور أحداثها على أساس القِدَم ولمرحلة سالفة في الدهر، فقد كانت الحكايات تروى في الزمن الغابر الذي امتاز بظلامه التنويري، وخاصة في ليل القرى، ألّفها الشعب لغايات متعددة منها للهو كتعويض عمّا يوجد الآن من وسائل متطورة وألعاب تخص الأطفال فقد كانت سلاح الجَّدَّات وغاية المحبة لهذا الصندوق الحكائي الجميل، والذي يزرع المحبة لإيقونة الحديث الشيق، فقد عَلَقت بأذهاننا الحكاية الهادفة والمشوقة، منها ما أخذها المؤلفون لتُضمَّن في مناهج الدراسة الأولية، أما اليوم وقد صيغت ضمن المتن الشعري فقد نسجت ليست للمتعة ولا لتعويض فقد اسميتها بـ (النص الثقافي) فبعضها لبعث القيم التي زحفت عليها الحضارة الغربية المتجددة وفق منظورها التجاري العالمي، أو للتحفيز وشحذ الهمم للتغني بماضي الأجداد لرؤية أن الأجيال الحالية بدأت بفقدان هِوية العروبة ونهوض التهجين المعرفي والأخلاقي، كل الحكايات السالفة بُنيت جيدًا، بالإعتماد على الشخصيات في الحكايات الخيالية والأسطورية كعملاق أو بطل خارق أو رجل يتصف بالقيم الإجتماعية العليا، أمّا في المتن الشعري استنهاض لهذه الثلة من الشخصيات لبعثها قيمياً وافشاءها بين المجتمع وخاصة المتعلم والمثقف، ومنها عالجت أمور مهمة في المجتمع كالصراع بين الفقير والغني، والمتعلم والجاهل، وأما مَهَمَة الشعراء تتنوع منها للفخر بهذه الشخصيات وعملها الانساني والديني لبناء منظومة اجتماعية قيمية، أمّا لغة هذه القصص احتوت على السجع والجناس والطباق، في الشعر قد تأتي في ثناياها مسجّعة ولكنها ليست صفة، ففي أغلب النصوص الثقافية غير موجودة،  هناك حكايات تتوالد بحكايات متفرعة داخل حكاية واحدة كألف ليلة وليلة، في تعاملي مع النص النثري الشعري والقصيدة العمودية لم أجد قص أو حكي شعري متعدد، إنّما ناقشت مهام وأعمال لرجال في مجتمعنا المعاصر من الجنسين الذكر والأنثى، بأغلب الحكايات ألِّفتْ للأطفال، وفي الشعر ألفت لأجيال وللآباء والأدباء وخاصة أن الكتب الشعري قليلة التداول اجتماعياً، فعند اطلاعي على مجموعة الشاعر معن غالب سباح والمعنونة (عن الشط وأهله) أجدها متوالية  نصوص ثقافية في مدينته الآن، بقيم قرية زراعية سابقة، ومن نهل الاسترجاع الذاكراتي الشفاهي الذي نقله الآباء عن الأجداد أصبح من تراث مدينته التي أرخ لشخصياتها بنصوص ثقافية  شعبية شعرية لم تصل إلى الأجيال اللاحقة في العصر الحديث، ومنها لم يصل لعصر الكهرباء في المنطقة، وهذه العِبَر الشعرية تشكل تأريخ المدينة الحالية (الشامية) حيث كانت مدينة الرز المشهور برائحته والمسمى (العنبر) وهو ما يشبه ذلك الحوت الذي يمخر البحار والذي يقتله الإنسان للحصول على المادة التي في جمجمته ليصنع عطر (العنبر) الزكي، كذلك تكالبت النفوس وأماتوا العنبر فيها، كما تكالب الصيادون على قتل الحوت الوديع هناك، ومازالت تحمل أسمه (مدينة العنبر).

***

عيّال الظالمي

 

في المثقف اليوم