قراءات نقدية
علوان السلمان: التجربة الصوفية والفنية في رباعية يحيى السماوي الثالثة

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: َ(منْ أحب لقاء الله أحب الله لقاءه)
أخـافُ عـلـــــيَّ مــنـي لا عـلــيــهِ
حـبــيـــبٌ كـــــلُّ أمـري فـي يَـدَيْــهِ
*
أنـا الـتَّـيـهـانُ فـيـهِ ولـيـسَ تِــيـهـاً
ولــــكـنْ ـ فـرطَ مَـغــنَـمَـةٍ ـ بِــتَـيْـهِ
*
ولـو كـان الـردى يُـدنـي مــشـوقـاً
لـمـا بـخـلَ الـمـشـوقُ بـأصْـغَـرَيـهِ
*
نظرتُ الى اسْـمِـهِ فأضَـعْـتُ لُــبِّـي
فـكــيـف إذا نــظـرتُ غــداً إلــيــهِ
***
للحسين بن منصور الحلاج...
أريدك لا أريـــدك للثواب
ولكـــني أريـــــدك للعقـــاب
*
فكل مآربي قد نلت منها
سوى ملذوذ وجدي بالعـذاب
الشعرُ.. امتدادُ روحي مُتّقد باليقظةِ، المفعمة بالحلم.. انه أسمى النِّعَمِ الربّانيّةِ، التي تُعزّزُ اتّحادَ الإنسانِ بالحياةِ، والإنسانِ بالإنسانِ والمخلوق بالخالق.. محققة السمو والارتقاء المجتمعي..
وباستدعاء النص الشعري (رباعية/3) للتفكيك والكشف عن مستوره والمسكوت عنه.. الذي نسجت عوالمه انامل الشاعر يحيى السماوي مقترنة بلوحة دالة على نبض صوفي.. كون التجربة الصوفية والتجربة الفنية بؤرتهما واحدة ولقائهما في افق روحي غايته السمو بالذات الانسانية..
أخـافُ عـلـيَّ مــنـي لا عـلـــــــيــهِ
حـبــيـبٌ كــــلُّ أمـري فـي يَــــدَيْــهِ
*
أنـا الـتَّـيـهـانُ فـيـهِ ولـيـسَ تِــيـهـاً
ولـكـنْ ـ فـرطَ مَـغــنَـــمَـةٍ ـ بِــتَـيْـهِ
فالمنتج يوظف السردية الشعرية كي يرتقي بنصه من التعبير الذاتي الى افق موضوعي متفرد بعمق الرؤية عبر الفاظ موحية تلامس الحياة ونبضها اليومي لتضفي على تراكيبها الجملية طراوة وانسيابية تدغدغ المشاعر من خلال نسيجها اللغوي المساير للمسات الشعرية المعبرة عن بواطن الذات واعتماد الجــمل المتميزة بدلالاتها الخالقة لصـــورها الحركية وانتقالاتها الواعية.. فضلا عن ان النص يكشف عن ظاهرة صوفية متحرّر من اية مرجعية من جهة.. ومن جهة اخرى تأكيدها على الجانب الإنساني والرغبة بالسمو البشري والنقاء النفسي من جهة اخرى..
ولـو كـان الـردى يُـدنـي مــشـوقـاً
لـمـا بـخـلَ الـمـشـوقُ بـأصْـغَـرَيـهِ
*
نظرتُ الى اسْـمِـهِ فأضَعْـتُ لُــبِّـي
فـكـيـف إذا نــظـرتُ غــداً إلــيــهِ
فالنص يعتمد معمارية بنائية مازجة ما بين الذات والموضوع بصورة كاشفة عن الحالة السايكولوجية بلغة شفيفة كاشفة عن المعنى.. مع رؤية معرفية تنحو لملامسة الحقائق العميقة في الكون.. اضافة الى انالمنتج (الشاعر) يعمل على تفعيل خاصية الرمز والعمق الدلالي للمفردة، المفتوح على التأويل، مع الأسلوب العاطفي الخارج باتجاه الحنين والشوق الاستثنائي للذوبان في روح الله.. بتوظيف تقنية الاسلوب الصوري في انتزاع اللحظة وتسجيلها.. مع عناية دقيقة في رسمها وطريق توزيع مناخاتها.. حتى صار عنصر الحركة يشكل احــد معــطيات المستوى الحــسي للغة التي وظفت الاشياء بطريقة موحية اسهمت في تطوير البناء الدرامي للنص الشعري...المكتنز بالعاطفة المتدفقة.. المتميزة بعمقها الدلالي وجماليات صورها المعبرة عن الحالة الشعورية..
فائدة
لقد ارتبطت التجربة الصوفية بالشعر المعاصر ارتباطًا كبيرًا لدى كثير من الشعراء المعاصرين بالحديث عن مُجريات ومكنونات تجاربهم في مظاهرها المختلفة.. ومن أبرز هذه المظاهر الصوفية في الشعر العربي المعاصر عزوف النظرة التقليدية للحزن إلى نظرة عميقة هادئة تبث روح التامل الكوني وتذوب في الوجود وخالقه..
فائدة
لقد اصطبغ القرن الثالث بصبغة الحب الإلهي، موضوعة التصوف المركزية وتجلياته التي اتخذت مع القرن الرابع الهجري شطحات وكتابات شذرية متشظية، كما يبدو واضحًا عند الحلاج في طواسينه، حيث يتكوّن كل طاسين وابن عربي في تجلياته خاصة....
فائدة
لقد كانت العلاقة بين الجمال والتصوف والفنون الابداعية لانها تقترن بالحق الخالق للموجدات بعلاقة وثيقة تكشف عن التداخل الفني والتداخل الصوفي من اجل الارتقاء الروحي والجمالي..
***
أ. علوان السلمان