قراءات نقدية
عبد الله الميالي: رواية متميّزة لكاتبٍ مجهول

صدرت رواية (عالَم صدام حسين) في بداية عام 2003 عن دار الجمل في كولونيا بألمانيا، لكاتب مجهول باسم مستعار (مهدي حيدر)، وتقع في أربعمائة وأربع عشرة صفحة. صدرت الرواية قُبيل أسابيع قليلة من غزو الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها للعراق لإسقاط النظام، وكأن الرواية جاءت ضمن الحملة الإعلامية والدعائية الداعمة لعملية الغزو، على قاعدة (كلمة حق يُراد بها باطل).
التمهيد:
في رواية (وليمة لأعشاب البحر) للروائي السوري حيدر حيدر (1936 – 2023) وفي الفصل الذي عنونه الكاتب (اللوياثان) ويقع في أربع عشرة صفحة، من ص225 إلى ص238، يوجز الكاتب وبأروع وصف سيرة الحاكم المرعب الذي انبثق من ما وراء الكون ليعيد للأمة العربية والعالم، سيرة جنكيز خان وهولاكو وهتلر وستالين لئلا يتم نسيانهم:
(في غفلة من الزمن وضياع الوعي البشري، جاءنا ذلك اللوياثان المجنون. داهم القارة العذراء بقوة جنده وظلامنا. بدأ عمليات التطهير داخل البلاد ونشر الرعب بدأً من عائلته فعشيرته فطائفته فحزبه فالشعب الذي سطا عليه. وكما كان القياصرة المعتوهون والممسوسون يرتعدون من كوابيس المؤامرات والاغتيال، كان هو يتخيل في ليالي مجده المؤرقة أن هناك خونة يحيكون ضده مؤامرات اغتيال داخل جهازه الحزبي والعسكري.. كان الأمر يتم على شكل مسرحي للمشبوهين أو الذين لم يعلنوا الولاء المطلق أو الذين ينبسون بانتقادات في الاجتماعات السرية للحزب. وكان هؤلاء المتهمون يُغتالون سراً في منازلهم أو مكاتبهم أو يُصدمون بعجلات السيارات في الشوارع، وفي اليوم الثاني تقام لهم جنازات مهيبة كشهداء للوطن.. ذلك اللوياثان الدموي سطا بسحره الأرجواني وحركاته الأكروباتية على ملايين ملاثة بأقدارها وشهواتها العضوية.) ص231.
ولمن لا يعرف (اللوياثان) فقد وردت بحقه تعريفات عدّة، أهمها: هو وحش بحري خرافي أسطوري شبيه بالتنين ينفث من فمه ناراً، جاء ذكره في النصوص التلمودية.
ويبدو أن (اللوياثان) العراقي قد عمل بقاعدة دوستويفسكي: (الأصعب هو امتلاك الفكرة والأسهل هو قطع الرؤوس)، فما دامت الرصاصة والمدية والساطور تقوم بالواجب وزيادة، وهي أدوات (أصدق إنباءً من الكُتبِ)!.. ولم لا ونحن في بيئة خصبة ينطبق عليها قول شاعر العصر الأموي عمر بن أبي ربيعة:
كُتبَ القتلُ والقتالُ علينا... وعلى الغانيات جرُّ الذيولِ.
ملخص الرواية:
ــ يجد القارئ نفسه أمام رواية متعددة الاتجاهات، فهي رواية (سياسية، تاريخية، سيرية، بانورامية، تسجيلية، وثائقية، صحفية)، وهي ليست على لونٍ واحد. شخصيتها الرئيسة هو ذلك الصبي القروي (صدام حسين) القادم من (شويش) إحدى قرى تكريت، الذي سرعان ما تسلق المناصب كما تسلق الصعاب والجرأة والحزم والشدة والقسوة والفظاظة والشراسة. وإلى جانب هذه الشخصية تناولت الرواية عشرات الشخصيات السياسية والعسكرية التي مرّت في تاريخ العراق خلال القرن العشرين وخصوصاً خلال العقود الأربعة التي كانت تتحدث عنها الرواية (الخمسينيات، الستينيات، السبعينيات، الثمانينيات). الكثير من أحداث هذه الرواية (تاريخياً وسياسياً) وقعت فعلاً، وهي متداولة في المؤلفات التي أرشفت تلك الحقبة من تاريخ العراق السياسي، ومنها مثلاً كتاب (العراق.. الشيوعيون والبعثيون والضباط الأحرار) للباحث العراقي المعروف حنّا بَطاطو. ولا نغفل وجود الجانب الأدبي الذي طعّمه الكاتب بخيال مبدع أضاف للرواية تلك المتعة التي يطلبها القارئ الواعي، فالمؤلف أراد الابتعاد (أحياناً) عن سيرورة الأحداث التاريخية ودقتها، فجمح به الخيال ليبتدع بعض الشخصيات الوهمية والأحداث غير الحقيقية، وقد كان موفقاً جداً في اشتباك الحقيقي بالخيال، والمتلقي الواعي هو من يكتشف ذلك بناءً على مخزونه الثقافي والفكري.
التحليل الفني للرواية:
1ــ يرى (تودوروف) أن الهدف والغاية من تحليل النص (هو الكشف عن العلاقات الأساسية التي تشكل أنساقه البنائية الخاصة والتي تتيح لنا التعرف على دلالاته الظاهرة والتاريخية والأيديولوجية وعلى طبيعة الجدل بين النص الظاهري والنص الخفي الذي يتمرد تحت قشرة هذا النص الظاهري ويتفاعل معه) وتأسيساً على ذلك، فإن كاتب هذه الرواية ليس لديه ما يخفيه بين السطور، فقد كشف مضمون روايته مذ أعلن عن عنوانها الصريح الكاشف، ومروراً بصفحات الرواية التي تجاوزت الأربعمائة بقليل وجميعها كانت تشير إلى تلك الحقبة السياسية من تاريخ العراق وما خلفته من صراعات وتنافس غير شريف للاستحواذ على السلطة.
2ــ إذا كان العنوان هو العتبة الأولى للنص والنص الموازي له، فيمنحه هويته من خلال حضوره السيميائي الذي غالبا ما يزج القارئ في لعبة الكشف والتأويل تحت وطأة الضبابية والغموض في العنوان. فإننا هنا أمام عنوان مكشوف للقارئ مسبقاً، ليس فيه ذلك الغموض المفخخ بتأويلات متعددة. (عالَم صدام حسين) هكذا رسم المؤلف بوضوح حدود سرديته، إنه ذلك العالَم الذي ساهم بتكوين شخصية صدام حسين، من (قرية، مدينة، فقر، يُتم، حزب، سياسة، عسكر، طائفة، عشيرة، داخل، خارج، مؤامرة، خيانة، عدو، فصيل مسلح، انقلاب،...الخ) وهذه الشخصية الرئيسة التي ستكون محور الرواية وقطبها هي شخصية نامية، تكبر وتتعملق كلما تقدم تسلسل السرد، من طفل يتيم إلى نائب الرئيس ظاهراً ولكنه الرئيس فعلاً، فكان يملي ما يريد على الرئيس (العجوز) المحاط بأجهزة أمنية وسرية تحصي أنفاسه أسّسها وأدارها النائب بنفسه. ففي مرحلة البناء هذه كان عليه أن يكون رجل الظل الحاضر الغائب ويشرف على الهيكل من وراء الكواليس.
3ــ مهّد الكاتب لسرديته مقدمة من ثلاث وخمسين كلمة ليكون القارئ على بيّنة أن ما يقرأه رواية وليس شيئاً آخر، فيها من الخيال كما فيها من الواقعية، وفيها من اللمحات الأدبية كما فيها من الأسلوب الصحفي والمقالي: "هذه الرواية ليست نصاً تاريخيا، بل هي عمل من نسج الخيال، يستغل الواقع لبناء عالم خيالي موازٍ للعالم الواقعي، يتطابق معه أحياناً ويختلف في أحيان أخرى، فتعطي شخصيات معروفة مصائر مختلفة عن الواقع التاريخي بحسب ما تقتضيه الحاجة الفنية كما يحوي هذا الكتاب اقتباسات عربية وأجنبية من أعمال أدباء ومؤرخين وصحافيين وسياسيين وشعراء." ص5.
4ــ كُتبت الرواية بتقنية الراوي/السارد الخارجي (الكلي العِلم) مع السماح لبعض الشخصيات بحرية البوح والتعبير بحسب تقنية (التداعي الحر) وهنا أبدع الكاتب في رسم تلك الشخصيات وكشف أحاسيسها فرحاً أو حزناً. كما أبدع في استدعاء أنواع الأكلات والسجائر والمشروبات الروحية والجنس بحسب ما يقتضيه المشهد من دون تفريط، وكشف المؤلف المجهول عن دراية لا بأس بها بأسماء محلات وشوارع وأزقة ومقاهي وبارات ونُصب وجداريات بغداد.
5ــ جاءت الرواية بأسلوب التدوير حيث بدأت الرواية من حيث تريد أن تنتهي واقعاً ثم انتهت من حيث بدأت:
"بدأ الهجوم عند الثانية فجراً بتوقيت بغداد يوم الخميس 16 كانون الثاني/يناير 1991. كان صدام نائماً ببذلة كاكية مثقلة بالنياشين، وبحذاء عسكري، مع مسدس في حزام جلد يزنر وسطه.. في مقر محصن تحت ملعب كرة قدم يبعد خمسة كيلومترات عن المجمع الرئاسي حيث أقام 12 سنة محاطا بحرسه الجمهوري منذ أعلن الرئيس أحمد حسن البكر يوم 16 يوليو/ تموز 1979 على التلفزيون، وأمام الأمة جمعاء، اعتزاله وتنحيه عن كل مناصبه لأسبابٍ صحية". ص7...
ثم يسترجع المؤلف لأحداث وقعت قبل عدة عقود، وقبيل انتهاء الرواية يعود لما بدأ به:
"موجة من الغارات الجوية في ذلك الليل البارد من كانون الثاني/يناير 1991.. في الملجأ المحصن تحت مدرجات ملعب كرة القدم نام الرئيس العراقي صدام حسين غير مبالٍ بالانفجارات التي تهز الأرض والسماء" ص397.
6ــ الرواية ممتعة وشيّقة، وهي من النصوص القليلة التي يستمتع بها القارئ أمام هذا الكم الهائل من النصوص الروائية التي تندم أحياناً على قراءتها. والذي أعطى للرواية هذه المتعة العالية هو أسلوب السرد المتدفق والانتقالات السريعة بين النصوص والذي يُعبّر عنه نقدياً بـ(المفارقات الزمنية) وهي بحسب قاموس السرديات: (التنافر الحاصل بالنظام المفترض للأحداث، ونظام ورودها في الخطاب) جيرالد برنس، قاموس السرديات، ص16.
إذ عمل الكاتب على قطع التسلسل الزمني لسرديته ليسترجع أو يستبق الحدث، مما منح النص الروائي تلك السِمة الفنية والجمالية التي ينتظرها القارئ الشغوف بنصوص مميّزة تثيره وتشد انتباهه. وفي هذه الرواية وجدنا تقنية الاسترجاع والاستباق حاضرة بكل قوة.
ففي الصفحة الحادية عشرة من الرواية وبينما المؤلف يتحدث عن طفولة (صدام حسين) القاسية في بداية الأربعينيات، ثم نجده يقفز إلى عام 1975: (قبل أن يهندس اتفاقية الجزائر في 1975، ويتخلى عن نصف شط العرب، كان الأكراد في الشمال يؤرقون سلطة صدام حسين الخفية بثورات مسلحة...) ص11. وبعد عدّة أسطر أخرى يعود إلى الأربعينيات: (خرج خاله خير الله طلفاح من السجن في 1946 مطروداً من السلك العسكري)، وهكذا يستمر المؤلف في هذه المفارقات الزمنية طيلة صفحات روايته.
7ــ الوصف في الرواية هو أحد أركانها الأساسية، وهو الذي يعطي للرواية ذلك المذاق الذي يستمتع به القارئ، ومن دونه تكون الرواية جافة وباهتة وبلا لون ولا طعم. وفي هذه الرواية لجأ المؤلف إلى الوصف باتجاهين: الوصف المادي، والوصف النفسي أو المعنوي.
الوصف المادي: قدم المؤلف عن طريق (السارد الكلي العلم) وصفاً خارجياً للحياة العامة من موجودات وجمادات وطبيعة، كما جاء في هذا النص على سبيل المثال: "بلغ الكرخ عند الغروب، مع كيسٍ ملقى على كتفه. في الشارع الطويل مشت أمامه عجوز محنية الظهر وحفيدتها. برد بغداد دغدغ جرحه القديم. جاءت ريح خفيفة وحملت ضجّة الكرخ بعيداً عنه. لم تكن مصابيح الكهرباء أضيئت بعد.. أسرع الخطى متأكداً أنه بات في بلده ودخل سوق الخضر. قبل أن يبلغ مخزن التمور أضيئت المصابيح دفعة واحدة، ورأى في النور الأصفر كيف تبدلت معالم الحارة. دكاكين زالت، بيوت اتسعت، وأزقة سُدّت بالكراجات. الشجرة الكبيرة أمام الجامع لم يبقَ منها إلا قرمة الجذع." ص73 – 74. نجد في هذا النص كيف رسم السارد/الراوي بدقة مسار الشخصية وهي تجوب الشوارع وجعل الجمادات تنبض بالحياة من خلال الوصف المتدفق المتميّز.
الوصف النفسي أو المعنوي: وهو الوصف الذي يُعنى بعرض تداعيات الوعي الداخلي للشخصية، وكشف الحالة النفسية والشعورية لها، كما في هذا النص على سبيل المثال: "بينما البَرَد يطقطق على الزجاج. رفع كوب القهوة السوداء إلى فمه، وقبل أن يلمس السائل الساخن شفتيه عصفت به رياح حنين غادرة فأضاع الحدود بين أرض الواقع وسماء الخيال، وانتابه ذعرٌ مبهمٌ إذ أحسّ للحظة خاطفة أنه لم يغادر ذلك السجن تحت الأرض وأنه ما زال يتعفن في زنزانة رطبة ينيرها نورٌ خفيف يتسرب عبر نافذة عريضة متسخة وعالية." ص126. وهنا أيضاً نجد السارد/الراوي كيف رسم بدقة اختلاجات الشخصية من الداخل كاشفاً تداعيات الحالة النفسية والشعورية لها.
8ــ لم تهتم الرواية كثيراً بدراسة سايكولوجية صدام من الداخل، بقدر اهتمامها بالمحيط الخارجي له من الناحية الاجتماعية والسياسية، وأكبر الظن عندي أن المؤلف تحاشى ذلك ليحافظ على حياديته في السرد. وهذا لم يمنع المؤلف أن يصوّر شخصية صدام بالشخص القليل الكلام الكثير التفكير، الذي يخطط لكل شيء بصمت ثم يضرب ضربته الاستباقية من دون ثرثرة، فيكون صاعقاً خاطفاً، يقتنص الفرصة لحظة ما تلوح في الأفق من دون تردد: "يكتشف رويداً رويداً أن الصلابة الكامنة في الكلمات هي التي تحسم المواقف. الصلابة، والقدرة على اكتشاف نقطة الضعف في الخصوم. والأهم من كل شيء، الأهم على الإطلاق، القوة، ألا تضعف أبداً، أن تكون دائماً أشرس من الآخرين" ص24.
9ــ كشفت الرواية أهم المحطات الحياتية والسياسية التي عاصرها وتفاعل معها صدام حسين: (اليُتم، الطفولة البائسة، علاقته بخاله خير الله طلفاح، علاقته بابن خاله عدنان خير الله، علاقته بزوجته ساجدة خير الله،رعلاقته بأحمد حسن البكر، علاقته بميشيل عفلق، علاقته المرحلية برفاقه والتخلص منهم لاحقاً واحداً بعد الآخر، تدرجه في المسؤوليات والمناصب) ونقلت الرواية للقارئ صورة واضحة عن الشخصية المركزية فيها، كما كشفت الرواية الاستراتيجية التي بنى عليها صدام حياته، وتمثل ذلك بنقاط محددة كأنها دستور عمله الحزبي والسياسي:
(المَلِك خارج مملكته كلب) ص50.
(يُمكن للحاكم أن يضرب الأحزاب، ويُسمح له حتى أن يرمي حلفاءه في السجون، ولكن بشرطٍ واحد: الاحتفاظ بالقدرة على إقناع النفس بصواب أفعاله. إذا اقتنع هو، لابدّ أن تقتنع الجماهير. إذا اقتنع هو، وبالدهاء الكافي، يستطيع إقناع الجماهير.) ص62.
(إياك أن تكشف مركزك الحقيقي، مقدار قوتك، قبل أن يدرك الجميع أنك فعلاً مصدر خطر، أنك الأقوى والأشرس) ص63.
(الشراسة ليست طبعاً يُولد فينا بل هي قرارٌ إرادي يتخذه المرء بكامل وعيه. الحرص ضروري والصبر فضيلة والتأني طريق النجاة. لكن الأهم من كل ذلك دقّة التنفيذ. الرصاصة التي لا تصيب من عدوك مقتلاً هي رصاصة ترتد إلى صدغك ولو تأخرت في مسارها الأفعواني عشر سنين.) ص97.
(على البعثي أن يتحصن في قلعته) ص129.
(الضعيف يُضعف الجماعة، يُهدد الحزب، علينا أن نتحصن في قلاعنا وأن نستعد طوال الوقت) ص130.
10ــ وظّف الكاتب في روايته مفردات غير عراقية، مما يدل على عدم عراقية الكاتب، وجهله بالمفردات الشعبية في العراق، ومنها: {صباط (بمعنى الحذاء)، الجاط (بمعنى الطبق أو الصحن)، الحارة (بمعنى المحلة أو الحي)، الزلعوم (بمعنى البلعوم او الحلقوم)، الجنرال والكولونيل (رتب عسكرية)، الكنزة (بمعنى (البلوزة)، القمباز (بمعنى الصاية أو الزبون، المازوت (بمعنى الكاز أو الوقود)، الزاروب (بمعنى الدربونة أو الزقاق).. وسنعود لهذه المفردات لاحقاً بشيء من التفصيل.
11ــ يمكن أن نعد هذه الرواية من روايات (الدايستوبيا) حيث صوّرت مدينة بغداد وهي الفضاء الأبرز في الرواية، على أنها مدينة العنف والجريمة والاغتيال والفساد والجنس والخيانة، فحكامها رغم اختلافهم الأيديولوجي ينتهجون (وهذه حقيقة لا غبار عليها) نهج التوحش والإرهاب والتخلف وخنق الحريات وعدم التعايش مع الآخر المختلف وفرض نظام سياسي صارم لا يقبل الرأي الآخر. هي بغداد التي حولها الظلاميون المعقّدون بهوس السلطة إلى مدينة مستباحة نتيجة صراع الإرادات والضرب تحت الحِزام وكسر العِظام، هي بغداد التي تنام على إيقاع انقلاب وتستيقظ على آخر، وعندما لا يجد النظام من ينقلب عليه ينقلب على نفسه ويأكل بعضه بعضاً، هي بغداد فاضل العزاوي في روايته (الديناصور الأخير) حيث يقول: (وفي مدينة بغداد، حيث يستقر الموتى هادئين، صامتين، رأى "س" الذي يُلقب بالديناصور أحياناً، غاليلو جاثياً أمام محكمة التفتيش ذات الوجه الأبوي السماوي، يدلي باعترافاته عن الأحزاب التي عمل داخل صفوفها.
ــ أنا غاليلو، وفي السبعين من عمري، سجين جاثٍ على ركبتي، وبحضور فخامتك، وأمامي الكتاب المقدس الذي ألمسه الآن بيدي، أعلن أني لا أشايع وأحتقر من يقول أن الأرض تدور.
ضحك الديناصور: إنهم هكذا دائماً!) ص63.
12ــ توقفت الرواية عند أهم المحطات السياسية التي مرّ بها العراق خلال الخمسينيات والستينيات والسبعينيات: ثورة أو انقلاب تموز 1958، تمرد عبد الوهاب الشوّاف آذار 1959، محاولة اغتيال عبد الكريم قاسم 1959، انقلاب شباط 1963، انقلاب تشرين 1963 على الحرس القومي، مقتل عبد السلام عارف 1966، انقلاب تموز 1968 على دفعتين: 17 تموز، 30 تموز، المؤامرات والخيانات والدسائس وما رافقها من إعدامات بالجملة للضباط والوزراء والمسؤولين والمعارضين، التوتر بين الحكومات المتعاقبة والأكراد، قصر النهاية رمز الاعتقال القسري والتعذيب الرهيب الذي يذكرنا بسجن الباستيل الفرنسي، ..الخ.
13ــ تحاشت الرواية المساس بالولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وهما لهما الأثر الكبير في الأحداث السياسية لتلك الحقبة (وما بعدها طبعاً) سواء من تحت الطاولة أو من فوقها. ولنذكر القارئ بما جاء في كتاب حنا بطاطو المشار له سابقاً: (اتهام عناصر من القيادة القومية بإقامة اتصالات مع الاستخبارات البريطانية) ص282. وجاء في ص300 من الكتاب نفسه، على لسان ملك الأردن الحسين بن طلال خلال لقاء أجراه معه محمد حسنين هيكل رئيس تحرير جريدة الأهرام القاهرية بتاريخ 27 أيلول 1967: (إن ما جرى في العراق في 8 شباط/فبراير قد حظي بدعم الاستخبارات الأمريكية)
وهذا التحاشي يؤيد وجهة نظرنا أن الأمريكان وبريطانيا هما وراء كتابة هذه الرواية.
14ــ جاء في ختام الرواية في الصفحة 414 في إشارة إلى تاريخ كتابة الرواية: (كتمندو/نيبال 1992 – ليما/بيرو 2002)
ومملكة النيبال (أصبحت جمهورية في عام 2008) تقع في قلب قارة آسيا بين الهند والصين، أما جمهورية بيرو فتقع في غرب قارة أمريكا الجنوبية. ولا نجد أي رابط بين مكان الدولتين وبين كاتب يتناول هكذا رواية تُعنى بشخصية عربية. وقد تكون عبارة الكاتب التي ختم بها روايته صحيحة وقد تكون للتمويه لتشتيت ذهن القارئ.
أخطاء في الرواية:
لم تخلُ الرواية من وجود بعض الأخطاء، ومنها:
1ــ جاء في الصفحة 13: "صلاح الدين بطل حطين الذي خرج من هذه الديار وقهر الفرنجة في القدس سنة 1138"
والصحيح أن هذا تاريخ مولد صلاح الدين، أما تحرير (بيت المقدس) فكان في عام 1187.
2ــ جاء في الصفحة 26: "حين رجع إلى بغداد وجد مهمة ثالثة في انتظاره: تهذيب إمام جامع الحسين الذي وصف البعثيين في خطبة الجمعة بقُطاع الطرق" وفي السياق نفسه جاء في الصفحة 28 عن إمام الجامع نفسه: (قارن بين خطته الصبيانية لترهيب إمام جامع عطا)
وهنا نجد أن اسم الجامع قد تغيّر من (جامع الحسين) إلى (جامع عطا)، وهو خلل بالتأكيد.
3ــ جاء في الصفحة 72: "وكراساً بقلم ميشيل عفلق: على سبيل البعث"، وتكرر في ص128: "أعاد قراءة: على سبيل البعث 7 مرات"، وفي ص187: "في 1960 قرأ: على سبيل البعث"
والصحيح في اسم الكتاب (في سبيل البعث)
4ــ جاء في الصفحة 161 عند الحديث عن خير الله طلفاح: "في خريف 1981، عيّنه الرئيس العراقي صدام حسين عمدة لمدينة بغداد"
والصفحة كلها أخطاء معلوماتية. أولاً: مفردة (عمدة) غير متداولة في العراق، وإنما محافظ. ثانياً: صار خير الله طلفاح محافظاً لبغداد بداية السبعينيات وليس في بداية الثمانينيات، إذ اشتهر عنه محاسبته ارتداء الزي الرجالي (الجارلز) والنسائي (البكيني) السائد حينئذ، وكتب عن ذلك القاص عبد الستار ناصر قصته القصيرة (سيدنا الخليفة) ونُشرت في عام 1975 وسُجن على أثرها عدة أشهر.
5ــ جاء في الصفحة 180: "أُعدّت خطة انقلابية تُنفذ في 6 كانون الثاني/ يناير 1958، يوم استعراض الجيش. عبد الرحمن رفض تنفيذ الخطة بحجة عدم وجود ذخيرة كافية. بعد خمسة أسابيع أقدم الأخ الأصغر – عبد السلام – على تنفيذ ما عجز عنه الأخ الأكبر عبد الرحمن. ثورة 14 تموز/يوليو 1958"!
والصحيح بين شهر كانون الثاني 1958 وشهر تموز 1958 ستة أشهر وليس خمسة أسابيع.
6ــ جاء في الصفحة 181 عند الحديث عن الأخوين عارف: "تحطمت طوافة الرئاسة على صخور بادية الشام، فوجد عبد الرحمن عارف نفسه مضطراً للارتفاع درجة أخرى على سلم السلطة)
والصحيح كما هو المشهور، أن تحطم طائرة عبد السلام عارف كانت في (التنومة) في البصرة، فما علاقة البصرة ببادية الشام؟
7ــ جاء في الصفحة 191: (رئيس الحرس الجمهوري العقيد عبد الرحمن داود) وتكر الاسم أكثر من مرة.
والصحيح هو إبراهيم عبد الرحمن الداود.
8ــ جاء في الصفحة 284 وما بعدها بعدة صفحات تم استدعاء اسم "يوسف رزق الله غنيمة" على أنه شخصية يهودية في العهد الملكي وصار وزيراً للمالية لخمس مرات. ومات بحادث دهس بسيارة سعدون شاكر في عام 1970.
وهنا وقع المؤلف في خطأ مزدوج، فمن جهة هذا الاسم الثلاثي (يوسف رزق الله غنيمة) هو اسم شخصية عراقية مسيحية وليست يهودية، وهو سياسي ومؤرخ وصحافي وكاتب توفي في عام 1950، ومن جهة أخرى فاليهودي الذي صار وزيراً للمالية خمس مرات هو ساسون حسقيل المتوفى في عام 1932 (اسمه موجود أيضاً في هذه الصفحات). ربما كانت مشاهد وأحداث هذه الصفحات في الرواية من خيال الكاتب، وهو ما أميل إليه، ولكن كان عليه اختيار الاسم المناسب لشخصية اليهودي، لا أن يستدعي اسم شخصية مسيحية معروفة ويلبسها الثوب اليهودي.
9ــ جاء في الصفحة 286: "بقي حسقيل – يقصد وزير المالية اليهودي ساسون حسقيل – في بغداد ثلاث سنوات ثم هاجر إلى كندا ومات بسرطان البروستات في مونتريال عام 1939" والصحيح أنه مات في باريس في عام 1932.
10ــ جاء في الصفحة 366 : "العقيد رفعت مصطفى أمر بتنفيذ عملية إنزال لمغاوير اللواء السابع عشر" لغرض القبض على ناظم كزار.
ولكن بعد صفحتين أي في الصفحة 368، يُتهم هذا العقيد بالتواطؤ مع ناظم كزار ويُحكم بالإعدام، ولكن تحت اسم (العقيد عزت مصطفى) مما يدل أن المؤلف أخطأ في الاسم، وهذا طبيعي لأن الرواية حفلت بعشرات الأسماء الحقيقة والوهمية، مما يستدعي نباهة ودقة في استدعاء هذه الأسماء.
11ــ جاء في الصفحة 386 عند الحديث عن فاضل البراك: "عام 1984 نشر الأستاذ المذكور كتاباً عنوانه (المدارس اليهودية والإيرانية في العراق) كان البحث الذي نال عنه شهادة الدكتوراه في جامعة لينين عام 1949"
وهنا وقع المؤلف في خطأ ثلاثي: الأول: كتاب (المدارس اليهودية والإيرانية في العراق) ليس هو أطروحة الدكتوراه لفاضل البراك، بل كان عنوان الأطروحة (دور الجيش العراقي في حكومة الدفاع الوطني والحرب مع بريطانيا سنة 1941). الثاني: أن العام الذي حصل فيه على الدكتوراه عام 1979 وليس في عام 1949 (علماً أن البراك من مواليد 1942، فكيف حصل على الدكتوراه في عام 1949؟)، الثالث: أن الجهة المانحة للشهادة كانت معهد الاستشراق التابع لأكاديمية العلوم السوفيتية في موسكو وليس جامعة لينين كما ذهب مؤلف الرواية.
مجهولية مؤلف الرواية:
أكاد أجزم أن مؤلف الرواية (مهدي حيدر) هو اسم وهمي، وأن مؤلف الروائي الحقيقي هو كاتب أو صحفي غربي متمرس بالشأن العراقي، ولديه معلومات واسعة عن العراق، وكتب روايته هذه باللغة الانجليزية أولاً ثم قام مترجم عربي لديه خبرة واسعة بالترجمة الأدبية بترجمة الرواية إلى اللغة العربية. وهذا الجزم تأسيساً على ما سبق ذكره من الرواية وعلى ما يلي:
1ــ ورد اسم مولود مخلص التكريتي، باسم (مولود مكلس) مما يدل أن المترجم نقل الاسم كما هو، ولو كان المؤلف عراقياً لما خفي عليه اسم (مخلص)، فالمترجم نقل كلمة (مكلس) كما هير(mukhlis)
2ــ تكرر اسم عبدالرحمن داوود ضمن أسماء الذين قاموا بانقلاب 1968، والصحيح إبراهيم عبد الرحمن الداوود، ولو كان المؤلف عراقياً لما خفي عليه ذلك.
3ــ جاء اسم ناصر الحاني، وزير خارجية انقلاب 1968 باسم (ناصر الهاني) مما يدل على أن المترجم نقلها من اللغة الانجليزية كما هير(alhani)
4ــ جاء في الصفحة 10: (حاملاً صباطه) ويقصد الحذاء، ونحن في العراق لا نقول للحذاء (صباط)؟ علماً أن هذه الكلمة تكررت أكثر من مرة في الرواية.
5ــ جاء في الصفحة 15، في وصف ساجدة خير الله طلفاح: ".. وتشبه نساء الحارة حين تفك شعرها"، وتكررت مفردة (الحارة) أكثر من مرة في الرواية، وكما نعلم فإن مفردة (الحارة) مفردة شامية ولا يتم تداولها في العراق، وإنما يُقال: محلة أو طرف أو حي.
6ــ جاء في الصفحة 22 عن صدام حسين: (في 1976، بعد أن صار حاكم العراق الخفي "رجل بغداد القوي" خلع عليه رئيس البلاد أحمد حسن البكر رتبة جنرال، وهو الذي ما كان يوماً جندياً"
من المؤكد لا توجد ضمن التوصيفات العسكرية في العراق رتبة جنرال. علماً أن الرتبة التي مُنحت لصدام أيام حُكم البكر (رغم عدم دخولة للكلية العسكرية) هي الفريق أول الركن.
كما جاء في الصفحة 30: (الكولونيل عبد الكريم قاسم) وتكررت لفظ الكولونيل أكثر من مرة. كما تكررت مفردة (جنرال) أكثر من مرة. في الصفحة 78. وفي الصفحة 153. وهذه توصيفات وألقاب لا يتم تداولها في القاموس العسكري العراقي.
7ــ جاء في الصفحة 20: (كان مولود مكلس مات قبل وقت قصير.. حارب مكلس في الثورة العربية ضد الأتراك.. عينه الملك فيصل الأول مستشاراً خاصاً بعد استقلال العراق ونائباً لرئاسة مجلس الشيوخ)
لقد تردد اسم (مكلس) في الرواية أربع مرات، والمقصود به (مولود مخلص التكريتي)، وهو شخصية سياسية واجتماعية من مدينة تكريت، له الفضل بوصول الكثير من ضباط مدينة تكريت وقتئذ إلى السلك العسكري، ومنهم (أحمد حسن البكر، وخير الله طلفاح)
وجاء في هذا النص عبارة (مجلس الشيوخ)، ونحن نعلم أنه لا يوجد في العهد الملكي هيكل او توصيف إداري أو سياسي باسم (مجلس الشيوخ) وإنما هو (مجلس الأعيان)، وهذا يدل مع كتابة اسم (مكلس) هكذا، أن الرواية كُتبت أولاً بلغة غير عربية وتم ترجمتها لاحقاً من مترجم غير عراقي.
8ــ جاء في الصفحة 33: (في آب/أغسطس 1958 أُعلن تشكيل محاكم ثورية برئاسة ابن عم الرئيس قاسم، فاضل عباس المهداوي..) وتكرر ذلك في الصفحة 68.
والصحيح إنه ابن خالته وليس ابن عمه. ولو كان الروائي عراقياً لما خفيت عليه هذه المعلومة التي يعرفها الجميع.
9ــ يبدو أن المؤلف (ولكونه غير عراقي) لا يعرف من الرُتب العسكرية العراقية غير رتبة (العقيد) إذ تردد في معظم صفحات الرواية: (العقيد أحمد حسن البكر، العقيد عبد الكريم قاسم، العقيد عبد السلام عارف، العقيد عبد الوهاب الشواف، العقيد حردان التكريتي، العقيد صالح مهدي عمّاش، العقيد يحيى عمران، العقيد عبد الكريم سليم حيدر، العقيد عبد الرزاق النايف، العقيد عبد الرحمن داود، العقيد سعدون غيدان، العقيد حماد شهاب، العقيد عبد الكريم مصطفى نصرت، العقيد عبد الغني الراوي، العقيد صالح مهدي، العقيد حسن الجاسم، العقيد مدحت سليمان، العقيد يحيى هيثم، العقيد حسن التازي، العقيد رفعت مصطفى).
فهؤلاء على امتداد صفحات الرواية كلهم (عقيد)! بحسب المؤلف. وهذا دليل آخر أن مؤلف الرواية ليس عراقياً، كما أن المترجم (كما أجزم) ليس عراقياً هو الآخر.
10ــرجاء في الصفحة 39 من الرواية: (لكنه لا يجيدها كما يجيد لعبة الداما)
إذا كان الكاتب يقصد بها لعبة (الدوملة) لكتبها كما هي باللهجة العراقية، ولو كان يقصد (الطاولي) لكتبها كما هي، ولو كانت غير ذلك فلا نعرف في العراق لعبة بهذ الاسم.
11ــ جاء في الصفحة 42 عبارة: (حجارة الباطون)
لا توجد تسمية في العراق لهذا النوع من الحجارة، وربما يقصد المؤلف بها (البلوك)
12ــ جاء في الصفحة 64 من الرواية: (يشرب ويدخن سيجارة تلو أخرى، حتى بدأ الألم في زلعومه)، كما جاء في الصفحة 81: (علقت اللقمة في زلعومه)، وجاء في الصفحة 139 (كأن قلبه عالقٌ في زلعومه).
إن هذه المفردة (زلعومه) لا يتم تداولها في العراق، بل يُقال (بلعومه) أو (حلقومه)
13ــ جاء في الصفحة 70 من الرواية: (قبيلة غرغرية الكردية ضد القبيلة ذاتها.. فقراء حي المكاوي ووادي هجر ضد ارستقراطية حي الدواش..)
والصحيح في هذه الأسماء: القبيلة الكردية اسمها (الكركرية) أو (الجرجرية)، ووادي هجر اسمه (وادي حجر)، وحي الدواش اسمه (حي الدواسة) مما يدل أن المترجم نقلها من اللغة الإنجليزية كما هي.
14ــ جاء في الصفحة 72رمن الرواية: (ملابسه الداخلية وكنزته الصوف امتصتا الدم النازف من بطنه)
ومن المؤكد أننا نحن في العراق لا نتداول كلمة (كنزة) وإنما نقول (بلوزة)
15ــ جاء في الصفحة 83 من الرواية: (وعاء الثلج المعدني، جاط الخضرة، صينية الكباب)
ومن المؤكد أننا في العراق لا نتداول مفردة (جاط) وإنما نتداول مفردة طبق أو صحن؟
16ــ جاء في الصفحة 95: (وقفا وسط سحابة كثيفة من الغبار ومن دخان المازوت)
ومن المؤكد أننا في العراق لا نتداول مفردة (مازوت) وإنما الشائع تداول (كازأو بنزين أو نفط أو وقود)
17ــ جاء في الصفحة 120 من الرواية: (أحد الرفاق البعثيين في السجن حسن عادل الأميري، سأله..)
والصحيح اسمه حسن علي العامري. مما يدل أن المترجم نقل كلمة (الأميري) كما هي:
(Al-Amiri)
18ــ جاء في الصفحة 135: (.. سعدون شاكر الذي يمت بصلة قربى إلى آل مجيد)
والحقيقة أن هذا الرجل واسمه الكامل (سعدون شاكر محمود المفرجي العبيدي) من مدينة بعقوبة في ديالى، وليس له صلة قرابة مع (آل مجيد)، ولو كان المؤلف عراقياً لما خفيت عليه هذه المعلومة.
19ـ جاء في الصفحة 147 من الرواية: (ورأى انعكاس قطة سمينة، قطعت الزقاق واختفت في زاروبٍ وراء مطبخ "الوردة البيضاء")
ومن المؤكد أننا في العراق لا نتداول مفردة (زاروب) وهي بمعنى الدربونة أو الزقاق الضيّق.
20ــ جاء في الصفحة 356 من الرواية: (في عام 1989 نشر عراقي مقيم في أوسلو/النرويج كتاباً عن عمله في المخابرات بعنوان – حقوق الإنسان العراقي – باسمٍ مستعارٍ هو وليد الهَيْلي)
والصحيح اسم الكتاب (حقوق الإنسان في العراق) ومؤلفه أحد كوادر حزب الدعوة واسمه وليد الحلي. ومن الواضح أن المترجم نقل اسم (الهَيْلي) كما هو من اللغة الانجليزية (ALHALI)
21ــ جاء في صفحة 367: (.. رأى فلاحاً آخر في القمباز الفاتح اللون وفوقه الجاكيت..)
ومن المؤكد أننا في العراق لا نتداول مفردة (القمباز) ؟، بل يقال باللهجة العراقية الشعبية (صاية) أو (زبون)
22ــ جاء في الصفحة 386: (جهاز المخابرات، الجهاز الأخطر، نشأ من بقايا جهاز "حنين".. طوال عامين تولى مسؤولية هذا الجهاز أستاذ لمادة التاريخ يُدعى فاضل البراق)!
ولو كان المؤلف عراقياً لما أخطأ في اسم (فاضل البراك) وهو أشهر من نارٍ على علم.
هذه النقاط ومما سبقها من نقاط أخرى أشرنا لها، تثبت بما لا يقبل الشك أن الكاتب غير عراقي، وأن الرواية تم تأليفها أولاً باللغة الانجليزية ثم تُرجمت إلى اللغة العربية من قبل مترجم عربي غير عراقي.
***
قراءة: عبد الله الميالي