قراءات نقدية

رابح بلحمدي: دراسة نقدية لديوان على حافة القلب للشاعرة سليمة مليزي

إن دراسة ديوان الشاعرة والأديبة سليمة مليزي من زوايا نقدية متعددة، يلزمني بتقسيم الدراسة إلى عدة محاور تشمل التحليل السيميائي، التفكيكية، الثقافي، الاجتماعي، والنفسي، بالإضافة إلى النظر في الأدب النسوي وأثره في تشكيل هوية المرأة في أشعارها.

1. التحليل السيميائي:

التحليل السيميائي لقصائد سليمة مليزي يكشف عن استخدام رموز متعددة تعكس حالة الاضطراب والتقلبات العاطفية. الكلمات مثل "الروح"، "النقاء"، "الشوق"، "النغمة"، و"الحب" تظهر بشكل متكرر، مما يشير إلى مدى تأثير العواطف العميقة على الشاعرة. هذه الرموز غالبًا ما تكون مرتبطة بمفاهيم الحب، الحنين، الفقدان، والتعلق العاطفي. إن الشاعرة تستعمل هذه الرموز كوسيلة للتعبير عن مشاعرها الشخصية، وكذلك كأداة لاستكشاف عمق تجاربها النفسية.

2. التحليل التفكيكية:

من خلال التحليل التفكيكية، يمكن الكشف عن التناقضات الكامنة في نصوص مليزي. يظهر في قصائدها صراع داخلي بين القوة والضعف، بين التعلق بالحب والرغبة في التحرر. على سبيل المثال، في القصيدة "اغضب كما تشاء"، نجد تناقضًا بين رغبة الشاعرة في الانفصال عن الحب وبين تمسكها بالكبرياء. هذه الازدواجية تعكس التوترات الداخلية التي تعيشها الشاعرة، مما يبرز تعقيد مشاعرها وتجاربها.

3. التحليل الثقافي:

السياق الثقافي الذي كتبت فيه سليمة مليزي لا يمكن إغفاله عند تحليل ديوانها. الشاعرة، كابنة شهيد ومنحدرة من عائلة ثورية، تعكس في قصائدها تجربة حياة مليئة بالصراعات والتحديات. يظهر ذلك بوضوح في قصائدها التي تتحدث عن القرى والاضطرابات التي عاشتها. استخدام الرموز الوطنية مثل "الجزائر"، "الشهيد"، و"الوطن" يبرز التعلق العميق بالشعب والوطن، مما يعكس جزءًا من الهوية الثقافية للشاعرة.

4. التحليل الاجتماعي:

من خلال قصائدها، تسلط سليمة مليزي الضوء على العلاقات الاجتماعية والتأثيرات التي تشكلت نتيجة للأحداث التاريخية والسياسية في الجزائر. القصائد التي تعبر عن تجاربها كابنة شهيد تحمل وزنًا اجتماعيًا كبيرًا، حيث تعكس آثار الاستعمار والتضحية الشخصية من أجل الوطن. هذه القصائد توضح كيف أن الظروف الاجتماعية أثرت بشكل كبير على تشكيل هويتها وكتاباتها.107 salyma

5. التحليل النفسي:

التحليل النفسي لقصائد سليمة مليزي يكشف عن أعماق تجربتها العاطفية والنفسية. قصائد مثل "صهوة عطرك"، "رفقًا بهذا النبض"، و"شهد القلب" تبرز تجربة حب عنيفة وتقلبات عاطفية مستمرة. الحب بالنسبة للشاعرة يمثل قوة مهيمنة تتحكم في حياتها ومشاعرها، وهذا يظهر من خلال وصفها للحب كقوة تؤدي إلى الشوق والحنين، ولكن أيضًا كقوة تعزز الكبرياء الشخصي والكرامة.

6. الأدب النسوي:

فيما يخص الأدب النسوي، يمكن أن نرى أن سليمة مليزي تجمع في قصائدها بين التعلق بالرجل من جهة والرغبة في إثبات ذاتها كأنثى مستقلة من جهة أخرى. التناقض بين حبها الشديد للرجل ووصفه بأنه "ثوبها" و"دفءها"، وبين بحثها عن هويتها الخاصة يظهر بوضوح في قصائدها. هنا، تعكس الشاعرة صراع المرأة بين التقاليد التي تربطها بالرجل وبين رغبتها في التحرر والتعبير عن نفسها ككيان مستقل.

1. الشعر الرومانسي:

- في هذا النوع من الشعر، تعبر مليزي عن مشاعرها العميقة تجاه الحب والعاطفة. قصائدها تحتوي على عناصر من الحب العنيف، الشوق، الحنين، والتقلبات العاطفية. تستخدم الصور الحسية والمجازات للتعبير عن مشاعر الحب المعقدة والصراعات الداخلية.

2. الشعر الوطني:

- مليزي تنتمي إلى عائلة ثورية، مما ينعكس في قصائدها الوطنية التي تعبر فيها عن حبها للوطن وتقديرها للتضحيات التي قدمها الشهداء من أجل الحرية. تستخدم في قصائدها الرموز الوطنية مثل "الشهيد" و"الجزائر"، وتظهر إحساسًا قويًا بالانتماء والوطنية.

نوع الأدب:

سليمة مليزي تمارس الأدب النسوي، وهو نوع من الأدب يعبر عن تجارب المرأة ومشاعرها واهتماماتها، ويسعى لإثبات وجود المرأة في المجتمع كمبدعة مستقلة. في شعرها، تجمع بين التعلق بالرجل من جهة والرغبة في تحقيق ذاتها كأنثى مستقلة من جهة أخرى، مما يعكس صراع المرأة بين التقاليد والرغبة في التحرر.

إضافة إلى ذلك، شعرها ينتمي أيضًا إلى الأدب العاطفي والأدب الوطني، حيث تجمع بين التعبير عن المشاعر الشخصية العميقة وبين الإحساس بالمسؤولية الوطنية. هذا المزج بين الجانبين يعكس تنوع اهتماماتها الأدبية ويظهر قدرة شعرها على التأثير في مجالات متعددة.

الخلاصة:

ديوان سليمة مليزي يشكل نموذجًا معقدًا ومتنوعًا من التجارب العاطفية والنفسية التي تتجسد في سياق اجتماعي وثقافي متشابك. من خلال استكشاف هذه الجوانب المتعددة، يمكننا أن نفهم عمق تأثيراتها كشاعرة وأديبة على جمهورها، وكذلك كيف تسعى لإثبات ذاتها في مجتمع يتسم بالتقاليد والاضطرابات السياسية. هذا التوازن بين التعلق بالرجل والسعي للاستقلال يعكس بشكل كبير تحديات الأدب النسوي في المنطقة العربية.

سليمة مليزي هي شاعرة وأديبة تعبر عن مشاعرها وتجاربها من خلال قصائد تنتمي إلى نوع الشعر الرومانسي والشعر الوطني، حيث تتمحور قصائدها حول مواضيع الحب، الفقدان، الحنين، وكذلك الانتماء للوطن والنضال من أجل الحرية.

***

بقلم: رابح بلحمدي

البليدة الجزائر

في المثقف اليوم