قراءات نقدية
نبيل الربيعي: الروائية الكويتية عائشة المحمود وفن الانتماء للحدث التاريخي والسيرة الذاتية
صدر عن دار الساقي لعام 2022م للروائية الكويتية عائشة عدنان المحمود روايتها الموسومة (عباءة غنيمة) بواقع (224) صفحة من الحجم المتوسط، وتصدرت الرواية قائمة الستين للأعمال المشاركة في الدورة التاسعة لمؤسسة (جائزة كتارا للرواية العربية).
تمثل الرواية واقع حال الشباب الكويتي من العام 1948م وصولاً إلى عام 1990م، لا سيما هي الحقبة الزمنية بين تاريخ الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين وتاريخ الغزو للجيش العراقي للكويت يوم 2 آب 1990، حين استيقظ ابناء الشعب الكويتي عن مشهد منكسر لأحلام الشباب الحامل العروبة سمات الهشة، فيروا جيشاً عربياً لدولة جارة تحتل بلادهم، وهم كانوا في نشوة الحماس للعروبة والمبادئ العليا، كانوا يعتقدون أن هذا الجيش سيحمي أرض وشعب بلدهم في حال تعرض بلدهم إلى أي غاصب.
جعلت الروائية المحمود في هذه الرواية تاريخ السقوط الحتمي والساذج لما يحمل البعض من الشعور العروبي والحسرة اما حصل لهم، فوضعت الروائية شخصياتها في مواجهة القدار، فكانت عباءة الأقدار تحمل (الغنيمة، الهزيمة، الجهل، السذاجة)، كما أن الجهل وطيش الشخصيات بالحب، حب الزوجة أو حب الأشياء كان قد احالهم إلى السقوط والهزيمة وتداعي الذاكرة، فكان السرد من خلال روايتها قد افصحت عن شعور الصراع ومحطات الصفو ومحادثات الذات مع الذات، مما اتاح للقارئ الكريم أن يدنو من أزمنة الخوف للعائلة الكويتية التي تتكون من الشخصية الرئيسية كما ذكرنا فيصل الأبن الأصغر لغازي، وبدور وشيخة والأم مريم والجدة مزنة، ثم الزوجة الثانية أمينة وابنتها سها، لا سيما أن فيصل ابن غازي من الزوجة الأولى كان يحمل الهم العروبي، وقد سلطت الروائية الضوء على هذه الشخصية ليرى القارئ تهاوي احلامه من خلال الخديعة، خديعة الحب لشخصية (لين)، وخديعة العربي في القرن الماضي، الذي تشبع بنهد القومية المفرطة والشعارات الحماسية للجامعة العربية في التجمعات الجماهيرية، وفي الختام ادرك فيصل أنه كانت هناك غشاوة على بصره وبصيرته ضمن جوقة العميان، ضمن هزيمة الإنسان العربي المتكررة.
هكذا يمكن لنا أن نطل على رواية المحمود (عباءة غنيمة) من التوتر الدلالي لدى القارئ المفاجئ أثناء القراءة بدهشة الصياغة السردية والرؤية الضدية التي تنتج من خلال ما حدث. فالرواية تشكل بفضاءها الدلالي لولادة شخصيتها.
الرواية تسلط الضوء على أسرة كويتية تسكن (الفريج) ويبدأ فيصل بسرد الحداث بتاريخ مفصلي معين، ثم الصدمة في الرواية تاريخ ميلاد فيصب يوم 15 آب 1948 وهو تاريخ نكبة احتلال فلسطين. فأهتمت الروائية بالبنية التاريخية للرواية بين آب 1948 وآب 1990، أي بين تاريخ احتلالين، نكبة فلسطين ونكبة الكويت، أي الزمن الماضوي المستمر الذي لم ينقطع، فضلاً عن بسط الأحداث التاريخية العربية بشكل عام، وعرض التحولات التاريخية للزمكان وسيرته، وسرد التحولات الشخصية للبطل والتركيز على الأمكنة بين الوطن الكويت وبيروت والقاهرة وباريس، وهو يصب في التوتر السردي من التنقل بين لحظة زمنية إلى لحظة أخرى، لذلك نجد الروائية بدأت بولادة البطل فيصل وانتهت برحيله. أما فصول الرواية فهي ثلاثة تتخللها احداث اجتماعية وعاطفية رومانتيكية واقعية.
جاء الفصل الأول بعنوان (شهقة بداية) واستهل الفصل بعنوان (مدينة قاصية) وتنقلت الروائية من الفصل الأول إلى عنوان آخر (سواد) وهو يؤرخ يوم 2 آب 1990، وبعدها تبدأ الذاكرة بالعودة لاسترجاع الحياة الأولى لعام 1948م، فالتواريخ لها دلالاتها إذ ترتبط بالتاريخ العربي والعدوان الثلاثي على مصر واستقلال الكويت.
فالروائية بعض الأحيان تعود للانتماء لفن السيرة الذاتية، هكذا فهمت من خلال الرواية، وقد أكون مخطأ، فضلاً عن أني لم اعرف الروائية عائشة المحمود شخصياً، لكن لكي اقرر بدقة أصبحت اعرفها من خلال روايتها (عباءة غنيمة)، فضلاً عن انها كروائية جمعت بيت الجمع الروائي والسيرة الذاتية.
ولا ننسى من خلال البحث عن روايات الروائية عائشة المحمود وجدت أن لها عدة روايات ومنها:
1- آخر انذار، صادرة عن الدار العربية للعلوم- ناشرون عام 2014م.
2- في حضرة السيد فوجي سان- مشاهدات سائحة في اليابان، صادرة عن دار نوفا عام 2016م.
3- وطن مزور... وطن البن والحناء، صادرة عن دار سؤال عام 2018م.
4- عباءة غنيمة، صادرة عن دار الساقي عام 2022م.
ولها تحت الطبع:
1- كتاب متخصص في نقد الدراما التلفزيونية.
2- عابرون، مجموعة قصصية.
3- هوامش على خارطة السفر.
***
نبيل عبد الأمير الربيعي
العراق/ الحلة/ 23 آب 2023