قراءة في كتاب

فؤاد الجشي: لغز الكائنات الفضائية عبر التاريخ في كتاب "عربات الآلهة"

Chariots of the Gods - unsolved mysteries of the past

منذ الصغر، ربما كغيري من الذين يرون السماء الصافية أثناء النوم فوق السطوح المتلاصقة مع الجيران، تلك النجوم الصافية لا يحصى عددها، ولكنك تحاول عدّها حتى يأخذك النوم في سبات عميق حتى الصباح، لكنّ أحلامك لا تتوقف كلّ ليلة وأنت تحلم أن تكون فوق النجوم تطلّ من نافذتها إلى الأرض في بهجة وفرح بأنك الأول الذي حقق الحلم.

 وبين المدرسة وتعلّم القراءة استطعت قراءة الكتب الذي تخصّ الاطباق الطائرة التي عززت الفضول إلى الوصول، وبين العمر والمدى لم يتوقف هذا الحلم، أصبحت حالـمًا طائرًا أرفف بيدي في حلمي منذ بداية الوعي. سافرت مع الغيوم إلى أراضٍ مختلفة من الكوكب ناهيك عن الفضاء التي حلمت به دومًا، بقي الحلم يبحث على جدرانه بعيدًا عن الكلام في صداقتك الطفولية والرجولية، لكنّ الحلم استمر حتى في العمر الذي أعيش ما يقرب النصف قرن.

ترى لو كانت الظروف مناسبة، ربما تحققت أن تكون وكالة ناسا بيتي الذي لا أغادره، حلم يقيني لكنه حلم، ومع تقنية الإنسان واكتشافاته المذهلة ما زلت متتبعًا الكتب والأفلام الخيالة وما يلحقه في هذا المجال، حتى ارتبطت الروح بالخروج إلى هذا العالم السديم الذي تتوق إليه الروح صوفيًا أو عرفانيًا.

لقد انتهيت من قراءة كتاب عربات الآلهة للكاتب السويسري إريش فون دانيكن الذي تحدث فيها عن السؤال الأكبر، هل توجد مخلوقات ذكية في هذا الكون، مستغرقًا في الخيال بنظرية الكاتب جول فيرن؟

ما الذي يمكن حدوثه في رحلة خيالية على متن مركبة فضائية وصلت من الأرض إلى كوكب آخر في زمن قدره مئة وخمسين سنة الذي أصبح حدوثه ممكنًا في السنوات العشرين القادمة؟

وفي لحظة الاقتراب سيقوم طاقمها، بدون شك، بمعاينة الكوكب بالتحليلات والقياسات الجاذبية وحساب المدارات، سوف يختارون موقع الهبوط مع الافتراض، شاهدوا كائنات تصنع أدوات حجرية ويمارسون قنص الطرائد بقذف الرماح وقطعان الغنم والماعز ترعى في السهوب، ما الذي سوف يخطر ببال هؤلاء البشر وهم يرون سفينة فضائية تهبط على كوكبهم، مرتدين خوذهم ذات الهوائيات وهم يعبدون الشمس والقمر، مما سيؤدي ما يشبه الزلزال والرعب ويقولون لقد هبطت الإلهة من السماء!

سوف يصابون بالذهول عندما يتحول الليل إلى نهار بفعل الأنوار الكاشفة، يركضون خوفًا إلى كهوفهم لدى رؤيتهم لهذه السفينة الفضائية العملاقة، سيبدون لهؤلاء البدائيين مثل آلهة جبارة. ويومًا بعد يوم، يحتمل أن يقترب بعض سكانها من الكهنة من الملاحيين بغرض الاتصال مع الآلهة حاملين بعض الهدايا لضيوفهم، سوف يحاول رجال الفضاء تعلم اللغة بالاستعانة بمترجم آلي للتخاطب فيما بينهم، مع أنّ جهودهم ستذهب سُدًى في إقناعهم بأنهم ليسوا من الآلهة التي تستحقّ العبادة.

وبعيدًا عن ذلك لن يكون إقناعهم سهلًا، فالرواد سوف يحاولون تعليم الأهالي أبسط أشكال الحضارة والمفاهيم الأخلاقية لكي ينشأ نظام اجتماعي. ربما سيقوم الرواد بإخصاب بعض النساء اللواتي يتم اختيارهن لهذه الغاية لنشوء عرق جديد يكون قد اجتاز المرحلة الأولى من التكون الطبيعي، وقبل العودة سوف يتركون وراءهم علامات مرئية وواضحة من التطور التكنولوجي القائم على الرياضيات في جبالهم وجدرانهم، لا يستطيع فهمها سوى مجتمع قادر على درجة عالية من التطور، وبعد انقضاء فترة من الزمن سوف يترجمونها إلى لغتهم البسيطة وسوف يحولون الهدايا والأدوات وما خلفه رواد الفضاء وراءهم إلى آثار مقدّسة، سوف يقولون "الآلهة كانت هنا" وبين عودة الرواد واختفائهم في ضباب الكون.

ومع بداية نشوء الكتابة لديهم سوف يدونون في نصوصهم لأبنائهم وبناتهم ما حدث بوصفه غريبًا شاذًا ستبين بأنّ آلهة بثياب ذهبية هبطت محدثة دويًا هائلًا، بعدها سوف تتشكل الأساطير والمديح البطولي للآلهة على شكل غناء. وسوف تبنى الأهرامات والمعابد على المكان نفسه، حسب القوانين الفلكية وسوف يتكاثر الناس وتندلع الحروب التي ستدمر مكان الآلهة وتعيد اكتشاف الأماكن المقدسة والتنقيب عنها محاولة تفسير الإشارات، وستفتح عقولهم على رحلات الفضاء بعد انقضاء آلاف من السنوات في رحلات فضائية مماثلة إلى القمر والكواكب الأخرى.

يعتقد هذا ما حدث على هذه الأرض التي نعيشها حول نظامنا الشمسي والكون من خلال الأركيولوجيا المستمرة في اكتشاف الآثار المكتشفة والتنقيب عن عالم الحقائق اللامتوقعة بذهن منفتح مفعم بالفضول في التحليل عن سر القصص التي رويت بين الحضارات المختلفة في بابل "ملحمة جلجامش" ومصر والصين والهند وحضارة الإنكا والمايا يروون القصة نفسها بوجود إله يطير بأسماء مختلفة، مثلًا: لآلي السماء، إله ناري، إله شمس، وحش سماوي، الآلهة الطائرة، وما خلفته هذه الآثار من تقدّم لا يستطيع البشر في وقتها في البناء والإبداع، لكنّ الإنسان ما زال يعتقد أنّ هناك كنوزًا لم تكتشف بعد؛ بسبب الغموض التي تحيط بمواقعها والأساطير التي نسجت حولها.

 ونحن على أعتاب هذا القرن بدأت تعود مشاهدة الأطباق الطائرة في أمريكا، ولاية نيوجرسي تحديدًا، وبعض مناطق العالم، ومشاهدتها في مراقبة القواعد العسكرية مما استدعى القوة العظمى لعدم التصدّي لها وما تحمله من أسرار، ناهيك عن آلاف الوثائق التي تمتلكها القوة العظمى عن هذه الأطباق بعيدًا عن البشر.

يفسّر البعض أنّ البشر "الكرة الأرضية" وصلت مرحلة الكشف والوجود بسبب الذكاء البشري الذي حان وقته للمقابلة الأولى وجهه لوجه بين البشر، مما سوف يشكل علمًا آخر مختصرًا للإنسان بمعرفة التقدم الذي سوف يقودنا للذهاب إلى كواكب ومجرات مختلفة ناهيك عن طمع الإنسان الذي لا يتوقف.

يذكر الكاتب إريش في كتابه الأسئلة الكبيرة: ما الذي يقوله الناس عندما تم العثور على تقويم "روزمانة" تبين أوقات الاعتدالين والفصول ومواضع القمر في كلّ ساعة وحركات القمر مع الأخذ بعين الاعتبار دوران الأرض، ناهيك عن اكتشافات خرائط قديمة دقيقة عن الكرة الأرضية تعود لضابط في البحرية التركية في القرن الثامن عشر، اسمه بيري ريس التي تشمل البحار والتضاريس والجبال بشكل دقيق في وقتها وأشياء أخرى كثيرة.

لقد اختبرنا النصوص والألواح المسمارية المكتشفة في أور وهي أقدم الكتب التي دوّنها الجنس البشري جميعها بلا استثناء عن "آلهة" كانوا يركبون سفنًا في السماء قدموا من النجوم مما أثار علماء الفلك منذ نصف قرن إرسال إشارات راديوية وليزرية في الوقت الحالي محاولين الاتصال بهم.

الكتاب يضم اثني عشر فصلًا بين السؤال الكبير: هل توجد مخلوقات ذكية في الكون، عالم الأسرار المستعصية، الفضاء في الميثولوجيا قراءة في ملحمة جلجامش، خيالات وأساطير قديمة، أم حقائق قديمة، عجائب الماضي/ مراكز الرحلات الفضائية، جزيرة الفصح: بلاد الرجال الطائرين، عجائب أمريكا الجنوبية، خبرة سكان الأرض بالفضاء، البحث عن اتصال مباشر بالفضاء أخيرًا المستقبل.

 ينهي كتابه في الصفحات الأخيرة بالفرضية القائلة بأنّ مجموعة من العمالقة المريخيين قد هربت إلى الأرض لكي تنشئ الحضارة الجديدة للإنسان العاقل، وبالتزاوج مع كائنات نصف ذكية تعيش هناك، تتحول إلى إمكانية تأملية. إذا كان هناك شيء من هذا القبيل الذين بمقدورهم إزاحة كتلٍ كبيرة من الحجر يعتقد أنهم علموا البشر فنونًا لا تزال مجهولة تحت على الأرض ثم اندثروا في نهاية الأمر، إذ يقول المؤلف: إنني واثق من أنّ مقولة "الإنسان والمخلوقات الذكية" ستبقى على جدول البحث حتى يتم إيجاد جواب لكلّ مشكلة يمكن حلّها.

أمام المستقبل ما زلنا أمام أسئلة محورية:

أين نقف اليوم؟

هل سيهيمن الإنسان على الفضاء ذات يوم؟

هل حاولت مخلوقات ذكية مجهولة في مكان ما في الكون أن تقيم اتصالًا معنا، ناهيك عن الأسئلة الأخرى الطب والأحياء؟

هل ستكون المستشفيات في المستقبل مجرد مستودعات قطع غيار للناس؟

المستقبل ما زال ينبض مع عقل الإنسان الذي يفكر ويبتكر الأفضل.

***

فؤاد الجشي

في المثقف اليوم