قضايا

قاسم حسين صالح: حماية الأطفال والشباب من اخطار الأنترنت ومنصات التواصل

مسؤولية الأسرة والمدرسة والدولة.. برنامج مقترح

مع أننا لا نمتلك في العراق ارقاما لاستخدام الأطفال والمراهقين والشباب للأنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي فأن الأرقام العالمية تشير إلى أن عام 2023 شهد استخدام نسبة 79% ممن أعمارهم بين (15 و24) عاما منصات التواصل عبر الإنترنت، فيما يقضي الأطفال وقتا اطول.. وحذرت من أن سوء استخدام هذه التكنولوجيا يعرضهم الى الأصابة بأمراض نفسية وعقلية وجسدية.. ومخاطر تهدد الدولة والمجتمع!

وتفردت منظمة اليونسكو في كونها رائدة في تعزيز الدراية الإعلامية والمعلوماتية، خلال تشجيع التفكير النقدي بين مستخدمي الأدوات الرقمية لمواجهة المعلومات المضللة. وفي الوقت نفسه، تسعى جاهدة لتزويد الشباب بمهارات الدراية الإعلامية والمعلوماتية ليصبحوا قادة ومرشدين لأقرانهم في إنشاء ونشر المعرفة والموارد في هذا المجال. ومنذ عام 2016 تعقد المنظمة منتديات أعمال لمساعدة ملايين الشباب للتعرف على آخر التطورات في مجال الدراية الإعلامية والمعلوماتية، في إطار أسبوع الدراية الإعلامية والمعلوماتية، الذي ينظم سنويا للاحتفاء بالتقدم المحرز نحو التثقيف الإعلامي والمعلوماتي الشامل للجميع.. وهذا ما نفتقده في العراق.

ويرى علماء النفس والمهتمون بوسائل التواصل الاجتماعي أن الأضرار التي تسببها هذه الوسائل تعدّ اكثر من منافعها.. نوجز أخطرها بالآتي:

التنمر الألكتروني: اشارت الدراسات الى ان اكثر من ثلث الشباب عبر ثلاثين دولة أفادوا بأنهم تعرضوا للتنمر عبر الأنترنت، وانه تخلى شاب من بين كل خمسة شباب عن المدرسة بسبب وقوعه ضحية ذلك.

ونقصد بالتنمر الألكتروني.. كل سلوك متكرر يهدف إلى تخويف الأشخاص المستهدفين أو إغضابهم أو التشهير بهم.. من خلال نشر الأكاذيب أو نشر صور محرجة لشخص ما، على وسائل التواصل الاجتماعي او إرسال رسائل أو مقاطع فيديو مؤذية أو مسيئة أو تهديدات عبر منصات التراسل.

وننوه الى أن منظمة الصحة العالمية كانت قد اصدرت في العام 2022 تقريرا حول منع العنف المرتكب على الإنترنت ضد الأطفال، والاعتداء الجنسي على الأطفال وما يتعلق بذلك من استدراج الأطفال لأغراض جنسية وإساءة استخدام الصور والاعتداء عبر الإنترنت والتحرش، ويسلط الضوء على أهمية تنفيذ البرامج التربوية الموجهة للأطفال والأولياء، ولا نعرف ما اذا كانت وزارة الصحة ووزارة التربية قد أخذت به أم لا.

اخطر الأضرار

نوجز في الآتي أخطر أضرار الأنترنت ومنصات التواصل:

اشاعة الكراهية: يتعرض الأطفال والمراهقون والشباب لخطابات الكراهية بما في ذلك الرسائل التي تحرض على إيذاء النفس وحتى الانتحار، فضلا عن خطر التجنيد من قبل الجماعات المتطرفة والإرهابية.. وينبه الباحثون الى ان المنصات الرقمية اصبحت اليوم من الوسائل المستخدمة لنقل المعلومات المضللة وخطاب الكراهية ونظريات المؤامرة ذات التأثير الضار على الأطفال والشباب، من اقبحها ما توصلت اليه دراسة بأن حوالي 80% من الأطفال عبر 25 دولة صرحوا بتعرضهم للشعور بخطر الاعتداء الجنسي أو الاستغلال عبر الإنترنت.

الأضرار النفسية والعقلية. توصلت الدراسات الى أن وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تؤدي إلى رفع معدلات الإصابة بالاكتئاب والقلق والشعور بالوحدة والأنتحار، وتفاقمها لدى الأطفال والمراهقين. وبناءا على أبحاث شملت آلاف المشاركين اصدرت الجمعية الأميركية لعلم النفس إرشادات إلى الآباء والمعلمين ومقدمي الرعاية الصحية وصنّاع السياسات وشركات التكنولوجيا في كيفية الأستخدام الأفضل لوسائل التواصل الاجتماعي.

الاتجار بالبشر. يعدّ الاتجار بالبشر أحد التحديات الرئيسية التي يواجهها المجتمع العالمي حاليا، وتتمثل في استغلال البشر لتحقيق الربح. وأصبح تجار البشر بارعين في الاستعانة بمنصات الإنترنت لتجنيد الضحايا وجذبها، وصار الأطفال والمراهقون عرضة للخداع من قبل المتجرين بالبشر على منصات وسائل التواصل الاجتماعي.

ان مسؤوليتنا الأخلاقية والاجتماعية توجب على الأسرة والمدرسة والدولة حماية ملايين الأطفال والمراهقين والشباب من اخطار استخدام الأنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي.. ويمكن تحقيقه من خلال توصيتين:

الأولى:التعاون والتنسيق مع منظمة الصحة العالمية ومكتب الأمم المتحدة، في تطبيق توصياتها الخاصة بحماية الأطفال والمراهقين والشباب من سوء استخدامهم للأنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي.

والثانية: قيام وزارتي الصحة والتربية ومجالس الآباء والمعلمين بتشكيل هيئة تضع اجراءات عملية لحماية الأطفال والمراهقين والشباب من الأضرار النفسية والعقلية والجسدية والفكرية الناجمة عن سوء استخدام الأنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، بالتعاون مع اقسام علم النفس في الجامعات العراقية، وجمعية الأطباء النفسيين، والجمعية النفسية العراقية التي يسرها ان تقوم بهذه المهمة.

***

أ. د. قاسم حسين صالح

مؤسس ورئيس الجمعية النفسية العراقية

في المثقف اليوم