آراء

تشانغ شين (يسرى): من مكافحة الفاشية إلى مكافحة الهيمنة

الصين والدول العربية تتكاتفان للدفاع عن العدالة والإنصاف الدوليين وبناء مستقبل سلمي

في عام 2025، سيحتفل العالم بالذكرى الثمانين لانتصار الحلفاء على الفاشية، بينما تكون الأمم المتحدة قد صمدت أمام عواصف ثمانين عاماً. أعادت هذه الحرب تشكيل المشهد السياسي للقرن العشرين بالكامل، وأرسيت أسس النظام الدولي الحديث. ومع ذلك، وبعد مرور ثمانية عقود، لا تزال ظلال السياسات الهيمنية والأحادية والصراعات الجيوسياسية تلوح في الأفق، مهددة السلام والاستقرار الذي تحقق بصعوبة. تواجه الصين والدول العربية، باعتبارهما لاعبين رئيسيين في الحرب العالمية الثانية وحارسين ثابتين للنظام الدولي ما بعد الحرب، تحديات متشابهة وتتحملان مسؤولية مشتركة في نهر التاريخ الطويل.

أولا. الذاكرة التاريخية: المساهمة المشتركة للصين والدول العربية في الحرب ضد الفاشية

كانت الصين من أوائل الدول التي وقفت وقاومت العدوان الفاشي خلال الحرب العالمية الثانية. من "حادثة 18 سبتمبر" عام 1931 حتى استسلام اليابان عام 1945، حرب الصين الشاقة التي استمرت 14 عامًا ربطت أكثر من %60 من إجمالي القوات البرية اليابانية. وفقًا للإحصاءات، قُتل أو أُصيب أكثر من 35 مليون عسكري ومدني صيني، مع خسائر اقتصادية مباشرة تجاوزت 600 مليار دولار أمريكي (محسوبة بناءً على قيم العملة لعام 1945). شكلت مقاومة الصين الطويلة حاجزًا منيعًا، حطم تمامًا استراتيجية اليابان الوهمية لـ"النصر السريع"، ووفر لقوات الحلفاء وقتًا لا يقدر بثمن لشن هجوم مضاد على جبهة المحيط الهادئ. تكمن أهمية مقاومة الصين ليس فقط في الدفاع عن أراضيها وكرامتها، ولكن أيضًا في تقديم دعم استراتيجي حاسم للنضال العالمي ضد الفاشية.

لعبت الدول العربية أيضًا دورًا حاسمًا خلال الحرب العالمية الثانية. كانت معركة العلمين في عام 1942 نقطة تحول حاسمة في مسرح العمليات بشمال إفريقيا، حيث قاتل الجيش البريطاني الثامن بشجاعة في مصر وهزم القوات الألمانية الإيطالية، مما أوقف بشكل فعال توسع دول المحور الجنوني في الشرق الأوسط. في الوقت نفسه، كان النضال القومي العربي ضد الاستعمار متشابكًا بشكل وثيق ويعزز بشكل متبادل الحرب العالمية المناهضة للفاشية. على سبيل المثال، ناضلت سوريا ولبنان بنشاط وحسم من أجل الاستقلال الوطني خلال الحرب. وفي عام 1945، نجحا في أن يصبحا عضوين مؤسسين في الأمم المتحدة، وهو حدث بارز يمثل ظهور العالم العربي على الساحة الدولية. وقدمت حركات المقاومة في المنطقة العربية نقاط ارتكاز استراتيجية حاسمة لقوات الحلفاء، حيث قامت بربط جزء من قوات المحور، وشكلت مع دول مثل الصين شبكة عالمية لمكافحة الفاشية.

على الرغم من الفصل الذي فرضته المحيطات الشاسعة خلال الحرب، تنسقت الصين والدول العربية جهودهما الاستراتيجية ودعمتا بعضهما البعض في نضالاتهما الخاصة، وساهمتا معًا في قضية مكافحة الفاشية. أصبحت روح التعاون عبر المناطق هذه ممارسة مبكرة وأساسًا تاريخيًا عميقًا لبناء مجتمع ذي مصير مشترك بين الصين والدول العربية.

ثانياً. النظام ما بعد الحرب: سعي الصين والدول العربية نحو العدالة والإنصاف الدوليين

خلال الحرب الباردة، وقفت الصين والدول العربية جنباً إلى جنب وعملتا معاً بشكل وثيق في النضال ضد الهيمنة. يمثل مؤتمر باندونغ الذي عُقد عام 1955 نموذجاً مشرقاً للتعاون الصيني-العربي. حيث تعاونت الصين مع دول عربية مثل مصر وسوريا للدفاع المشترك عن "المبادئ الخمسة للتعايش السلمي"، والتي رسمت مساراً للوحدة والتعاون بين دول آسيا وأفريقيا ومعارضة الهيمنة. خلال حرب الاستقلال الجزائرية (1954-1962)، لم تقدم الصين الدعم السياسي القوي للجزائر فحسب، بل قدمت أيضاً مساعدات مادية كبيرة. في المقابل، ناصرت الدول العربية الجزائر بقوة على الساحة الدولية. تعاونت الصين والدول العربية معاً لمواجهة القوى الاستعمارية الخارجية والتدخلات الهيمنية، مما شكل نموذجاً حياً لتضامن الدول النامية ضد الهيمنة.

الأمم المتحدة، التي تأسست عام 1945، وفرت منصة حيوية للتعاون بين الصين والدول العربية. وفي إطار الأمم المتحدة، تشكل تدريجياً تعاون وثيق وتفاهم متبادل بين الصين والدول العربية. في عام 1971، خلال التصويت الحاسم حول استعادة الصين لمقعدها الشرعي في الأمم المتحدة، لم تصوت الدول العربية لصالح الصين فحسب، بل قامت جامعة الدول العربية بتنسيق فعال للمواقف الداخلية، مما وفر دعماً قوياً للصين من خلال الجهود الجماعية. كما دعمت الصين باستمرار المطالب المشروعة للدول العربية في الشؤون الدولية. على سبيل المثال، خلال أزمة قناة السويس عام 1956، وفي مواجهة الإجراءات العسكرية من قبل المملكة المتحدة وفرنسا وإسرائيل، أعلنت الصين موقفها بوضوح ودعمت بحزم الجهود العادلة لمصر للحفاظ على سيادتها الوطنية. وقد عزز هذا البيان معنويات الدول العربية في نضالها ضد التدخل الهيمني الخارجي، وأصبح دعامة دعم مهمة للدول العربية في سعيها للدفاع عن السيادة. كما أظهرت الترجمة الصلابة الراسخة لكل من الصين والدول العربية في دعم بعضهما البعض والدفاع المشترك عن العدالة والإنصاف الدوليين في إطار الأمم المتحدة.

ثالثاً. التحديات الراهنة: العالم تحت ظل الهيمنة واستجابة الصين والدول العربية

في السنوات الأخيرة، تجاوزت بعض الدول القانون الدولي بشكل صارخ، وأساءت استخدام العقوبات، ومارست الولاية القضائية خارج الحدود، مما عرقل بشدة النظام القانوني الدولي. في مواجهة مثل هذه الإجراءات الهيمنية، حافظت الصين والدول العربية دائماً على درجة عالية من الاتساق. في العديد من منتديات الأمم المتحدة، صوتت الصين والدول العربية معاً مراراً ضد العقوبات الأحادية. في 16 يونيو 2025، اعتمدت الدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية كبيرة القرار بشأن "اليوم الدولي لمناهضة الإجراءات القسرية الأحادية الجانب"، الذي قدمته "مجموعة أصدقاء ميثاق الأمم المتحدة" بقيادة الصين، والذي يحدد الرابع من ديسمبر من كل عام يوماً عالمياً للعمل ضد العقوبات الأحادية. إن اعتماد هذا القرار يشهد بقوة على تعاون الصين والدول العربية معاً في إطار الأمم المتحدة لبناء جبهة موحدة ضد الهيمنة. تعمل الدول العربية، في إطار جامعة الدول العربية، على تنسيق مواقفها الداخلية بشكل فعال وحث المجتمع الدولي باستمرار على تنفيذ قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة لدفع نضال الشعب الفلسطيني من أجل دولة مستقلة. وفي هذه القضية الأساسية المتعلقة بالسلام والعدالة الإقليمية، تتشارك الصين والدول العربية الموقف نفسه وتعمل بتناغم، سعياً مشتركاً من أجل قضية التحرر الوطني للشعب الفلسطيني.

في رحلة مواجهة التحديات الهيمنية، قدمت الصين سلسلة من المبادرات العالمية التي تتجذر تدريجياً. حققت مبادرة التنمية العالمية (GDI) نتائج كبيرة في الدول العربية، حيث تم تنفيذ أكثر من 50 مشروع تعاون بنجاح حتى الآن. في عام 2024، تم إطلاق "قاعدة ريادة الأعمال للشباب العربي" رسمياً تحت إطار منتدى التعاون الصيني العربي، مما وفر للشباب العربي منصة واسعة لفرص ريادة الأعمال والتنمية؛ كما تم تأسيس "مركز التعاون التكنولوجي الزراعي في شمال إفريقيا" بنجاح، مما ساعد على تعزيز مستويات تقنيات الإنتاج الزراعي في منطقة شمال إفريقيا وتعزيز التنمية الزراعية المستدامة. بتوجيه من مبادرة الأمن العالمية (GSI)، تدعو الصين إلى رؤية أمنية مشتركة وشاملة ومستدامة، مساهمة بالحكمة الصينية في حل النزاعات الإقليمية والحفاظ على السلام العالمي. وفي الوقت نفسه، سعت الدول العربية بنشاط إلى تحقيق الاستقلال الاستراتيجي. في عام 2023، حققت المملكة العربية السعودية وإيران مصالحة تاريخية، مما يمثل علامة فارقة كنجاح نموذجي لدول المنطقة في حل النزاعات بشكل مستقل، ويظهر العزم الراسخ والقدرة القوية للدول العربية في الحفاظ على السلام والاستقرار الإقليمي. بالإضافة إلى ذلك، نفذت الدول العربية بنشاط سياسة "التوجه شرقًا"، معززة باستمرار التعاون مع دول مثل الصين وروسيا، وجعلت صوتها مسموعًا بقوة أكبر على الساحة الدولية.

رابعاً: بناء مستقبل مشترك: التعاون الصيني العربي يعزز بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية

منذ إنشائه قبل 20 عاماً، حقق منتدى التعاون الصيني العربي نتائج مثمرة، حيث وقع الجانبان أكثر من 100 اتفاقية تعاون شملت مجالات متعددة مثل السياسة والاقتصاد والثقافة. وفي إطار آلية بريكس، أدى انضمام دول عربية مثل مصر والإمارات العربية المتحدة إلى تعزيز تمثيل دول الجنوب على الساحة الاقتصادية والسياسية الدولية بشكل كبير. وفي عام 2025، اعتمدت الأطراف المشاركة في اجتماع التشاور بين وزراء الخارجية ونوابهم/المبعوثين الخاصين لدول بريكس بشأن شؤون الشرق الأوسط بياناً مشتركاً، حيث تم التوصل إلى إجماع واسع حول القضايا الرئيسية في منطقة الشرق الأوسط، بما في ذلك الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وسوريا واليمن. وأصبح التعاون بين الصين والدول العربية على المنصات المتعددة الأطراف أكثر تقارباً، مما أسهم بشكل كبير في جهود إصلاح نظام الحكم العالمي.

يشهد التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين والدول العربية ازدهارًا ويظهر اتجاهًا واعدًا. من 36.7 مليار دولار أمريكي في عام 2004 إلى 430 مليار دولار أمريكي في عام 2023، حقق حجم التجارة بين الصين والدول العربية نموًا قفزيًا. إن التنفيذ المتعمق لمبادرة الحزام والطريق قد حقق زخمًا قويًا للتعاون الاقتصادي بين الصين والدول العربية. وتتقدم مشاريع مثل منطقة التعاون الاقتصادي والتجاري الصينية المصرية في السويس ومنطقة التجمع الصناعي الصينية السعودية في جيزان بثبات، مما يوفر دعمًا قويًا لعملية التصنيع في الدول العربية. وهذا لا يظهر فقط بشكل حيوي الصداقة بين الصين والدول العربية، بل يلعب أيضًا دورًا إيجابيًا في ضمان الأمن الغذائي المحلي وتحسين هيكل الإنتاج والتوزيع الزراعي.

في عام 2024، عُقد "عام الحوار الحضاري بين الصين والدول العربية" بنجاح، حيث شهد سلسلة من الأنشطة النابضة بالحياة التي عززت بشكل كبير التبادل الثقافي والتعلّم المتبادل بين الحضارتين الصينية والعربية. وقد عرض "معرض تبادل حضارات طريق الحرير" الذي نُظم بشكل مشترك قطعًا أثرية تاريخية ثمينة وعروضًا ثقافية متنوعة، مما أعاد تصوير التاريخ المجيد لطريق الحرير القديم الذي ربط بين الحضارتين الصينية والعربية. أما "المجموعة المشتركة لمقالات علماء صينيين وعرب حول مواجهة الهيمنة"، فقد جمعت حكمة علماء من الجانبين، حيث قدمت تحليلًا أكاديميًا متعمقًا لأضرار الهيمنة ووفرت دعمًا نظريًا لتعزيز العدالة والإنصاف العالميين.

في موجة إصلاح الحوكمة العالمية، تعمل الصين والدول العربية معًا. ويسعى الجانبان بنشاط إلى تعزيز إصلاح نظام الحصص في صندوق النقد الدولي، والسعي لزيادة صوت البلدان النامية في النظام المالي الدولي وجعل الحوكمة الاقتصادية العالمية أكثر عدلاً ومعقولية. وفي مواجهة التحدي العالمي المتمثل في تغير المناخ، تدعم الصين بقوة الدول العربية في تطوير صناعات الطاقة الجديدة. ومن خلال الإجراءات الملموسة، تساهم الصين والدول العربية في تحسين نظام الحوكمة العالمية والاستجابة للتحديات العالمية، والعمل معًا لدفع المجتمع البشري نحو مستقبل أكثر استدامة وشمولاً.

قبل ثمانين عامًا، قاتلت الصين والدول العربية جنبًا إلى جنب، مساهمةً بإسهام لا يُنسى في انتصار الحرب العالمية المناهضة للفاشية. وبعد ثمانين عامًا، وفي مواجهة التحديات الجديدة التي يفرضها الهيمنة، يظل الجانبان متحدين وثابتين في الدفاع عن مقاصد ميثاق الأمم المتحدة والعدالة الدولية. بالاستفادة من حكمة التاريخ وصياغة المستقبل عبر التعاون، فإن مجتمع المصير المشترك بين الصين والعرب يزداد حيويةً ونشاطًا. وفي الرحلة العظيمة نحو بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية، ستعزز الصين والدول العربية تعاونهما وتتخذ خطوات أكثر حزمًا للمساهمة بجهود أكبر في السلام والتنمية العالميين، معًا في كتابة فصل جديد من المستقبل المشرق للبشرية.

***

تشانغ شين (يسرى)

باحثة مساعدة في قسم دراسات الشرق الأوسط لمعهد الدراسات الإقليمية والدولية بجامعة صن يات سان

في المثقف اليوم