آراء
بعد عشرين عاما ماذا أُعد لمحاكمة الغزو والاحتلال؟
بعد عشرين عاما من غزو الولايات المتحدة الاميركية وحلفائها ومتخادميها للعراق صدرت كتب ودراسات وابحاث ومذكرات ومصنفات فنية عن جريمة الغزو والاحتلال. كشفت وسردت روايات جريمته واجتهدت بمتابعته وتصوير ادواته وتداعياته واثاره وما حدث وما جرى.. فلم يكن الغزو فعلا عاديا، بل كان انتهاكا صارخا للقانون الدولي وميثاق الامم المتحدة والأعراف الدولية وحقوق الانسان والشعوب. ولن تتقادم هذه الجرائم بل تحتاج الى ان يرفع الضحايا اصابعهم عاليا ويعلنون صوتهم بشجاعة مطالبين بالمحاكمة والقصاص للجرائم ومرتكبيها وانفاذ القانون والعدالة.
فضحت كل ادعاءات الغزاة وحججهم واكاذيبهم وخداعهم، وتعرت في الواقع اسباب غزوهم ولم يستطيعوا ستر الجرائم والفضائح والأكاذيب مع كل ما خططوا وملكوا من وسائل اعلام وتضليل ورعب وصدمات..
صحيح انجزوا القضاء على الطغاة الذين مهدوا لهم طرق الغزو والاحتلال من هدر طاقات الشعب وتبذير امكاناته وتجريد منعته وهدم معنوياته في التصدي والمقاومة الوطنية الشاملة، رغم انطلاق شرارات لها في زوايا الوطن، بعد ان دنست قوات الاحتلال ارض الوطن، وهدمت اركانه، فقدم الشعب المحاصر والمضطهد كالعادة قرابين وجوده على ارضه وتزايدت اعداد ضحاياه وكوارثه وظل العراق جريحا لم يشف من آلامه، وخطايا الطغاة والغزاة والبغاة الذين امعنوا في مأساة الشعب والوطن.
في كلمات تقديم لكتابي: لا للحرب .. خطط الغزو من اجل النفط والامبراطورية، الصادر عن دار نينوى،دمشق، 2004، كتبت: كانت أجواء الفترة الزمنية مشحونة بسجالات، وحوارات ساخنة بين تيارات واحزاب وقوى سياسية وارتباطات لا عدد لها وضغوط وحسابات لا تحصى، وضمن تلك المناخات الملتهبة وتبادل الاحكام السريعة والظالمة والاتهامات الجاهزة تتاتى قوة الموقف وقيمة الرأي وسداد الحكمة وشجاعة الكلمة، لا سيما وقد أعطت الحياة ودروس الأحداث صدقية وراهنية وقيمة فعلية وعبرة للجميع (ص8). وبعد الإشارة الى جريمة الغزو اكدت: وفي مثل هذه الحالات من الضروري إشعال شمعة بدلا من لعن الظلام فقط، وشد عزم وروح المقاومة والكفاح والمواجهة والمناوئة وكل اشكال وتعابير المواجهة في الساحات الكفاحية والبلدان المحتلة أو المحتملة لهجمات الإستراتيجية الإمبراطورية الصهيو امريكية وحلفائها، مستمدة روحها من ارادة الشعوب الحية وتأريخها المجيد..".
وكتبت في كتابي: العراق.. صراع الارادات، الصادر عن دار التكوين، دمشق ، عام 2009، "إعادة قراءة الأحداث وتسليط الاضواء عليها او على مجرياتها او ما يتعلق بها مباشرة او بشؤون العدو المحتل مهمة كبيرة وضرورية لحركة التحرر وبرامجها وبلا شك تفيد في الاعتبار من تداعياتها الخطيرة والانتباه منها، وتدفع الى العمل على تحقيق مشروع تحرري وطني تقدمي، وكذلك الصحوة من الكبوات ومن تفريط الجهود والطاقات والانحراف عن الاهداف السامية بالانجرار وراء مخططات الاحتلال واساليبه ولابد من معرفة انجح السبل الى النهوض والصمود وما يفترض ان يسهم في انجاز المهام والأهداف والامل في التغيير الفعلي بعد كل ما جرى وحصل في الوطن والعالم".
بعد عشرين عاما ماذا انجز للضحايا ؟
لابد من السؤال والإجابة المباشرة ، بإعداد كل الادلة والوثائق والاعترافات واعتماد ما صدر عن فرسان الغزو من شهادات مع اظهار الضحايا البشرية، الاعداد والأرقام، ومناشدة كل المنظمات الانسانية التي واكبت الجريمة وعملت على فضحها، واللجان التي شكلت في عواصم العدوان، مثل لجنة تشيلكوت البريطانية، او دراسات مكاتب البنتاغون، والدعوة للمحاكمة واقرار العدالة.. وتطمين حقوق الشعب والوطن.
عشرون عاما مرت على جريمة الغزو والاحتلال، وفي زلة لسان مجرم من مجرميها انها كانت جريمة بشعة، وفي اعتراف مجرم اخر بان الجريمة سببت انقساما في مجتمعه وندم عليها، ولكن مازال المذنبون دون حساب وعقاب. ان مصداقية اية محكمة ومنظمة حقوقية وتجمعا بشريا اليوم تقف على محك اقرار الجريمة ومحاكمة المجرمين، التي لا يختلف عليها حتى من مرتكبيها..
وهنا الوردة…. فلنرقص معا…..!!
***
كاظم الموسوي