آراء
ايات حبه: وأد البنات
اليوم التقيت مع فتاة جميلة تبلغ من العمر 15 عشر سنة حدثتني عن احلامها بإكمال دراسة ولبس ثوب التخرج من كلية الهندسة وضحكت وقالت كلها احلام وعندما سألتها عن سبب الحزن العميق في كلامها اجابت ان ابيها اجبرها على الزواج من صديقه لأنه مدين بمبالغ طائلة له ولا يستطيع التسديد لهذا سددني مقابل المال لصديقه.
***
ونحن في سنة 2024 عصر الانفتاح والتطلع والثقافة والتكنولوجيا بكل انحاء العالم حيث فعليا اصبح العالم قرية صغيرة لا غربة ولا غرباء ومن بين كل هذا الانفتاح تظهر وتنتشر في العراق ظاهرة زواج القاصرات بعمر 9 سنوات في الوقت الذي تناقص فيه او تكاد تكون في طريقها الى الانقراض. وحسب احصائيات عالمية تؤكد ان قبل جائحة كوفيد-19، كانت 100 مليون فتاة معرضة لخطر زواج الأطفال والآن، هناك ما يصل إلى 10 ملايين فتاة إضافية معرّضات لخطر زواج الأطفال.
اين حقوق الطفولة؟
حرمان الطفلة ذات التسع سنوات من طفولتها وحياتها وصحتها وبحسب دراسات عديدة " اكدت ان البنات اللواتي يتزوجن قبل سن 18 سنة أكثر عرضة للعنف الاسري ويتركن الدراسة . كما يعانين من مشاكل اقتصادية وصحية ". بالإضافة الى تعرض جميع الفتيات بهذا العمر للمضاعفات خلال فترة الحمل والولادة . مما يؤثر تأثيراً كبيراً على سلامتهم البدنية والنفسية. وحين حواري مع اخصائيات نسائية اكدن ان "بلوغ البنات عادة هو بعمر 11 سنة او قد تبلغ قبلها بفترة رغم ذلك ترد العديدات من الفتيات المتزوجات وغير البالغات الى العيادات النسائية و اضافن ان هذا العمر يكون فيه الجهاز التناسلي غير مكتمل. والمتعارف عليه طبياً انه بعمر ال16 سنة يكون الرحم مؤهل للعلاقة الزوجية، و حتى حالات الولادة تكون غير طبيعة بهذا العمر حيث اغلب هذه الأعمار تلجأ إلى عملية جراحية .
صحيح ان هذه الظاهرة لا تقتصر على العراق، وهي عالمية، وتحدث بشكل مكثف في دول العالم الثالث وخاصة في افريقيا، الا ان تزايدها في العراق في الفترة الاخيرة اصبح مثيرا للقلق وخاصة عند التصويت عليها والاعتراف بها شرعا وقانونا . ويحدث ذلك بالرغم من ان الامم المتحدة تدعو في اهدافها للتنمية المستدامة إلى اتخاذ إجراءات على مستوى العالم لإنهاء هذه الظاهرة التي تمثل انتهاكا لحقوق الإنسان بحلول عام 2030. وبحسب تقرير لمنظمة "اليونيسيف" فإن 5% من الأطفال العراقيين يتزوجون بعمر 15 سنة و24% بعمر 18 سنة.
ظاهرة تزويج القاصرات كانت مقتصرة على الارياف لكن بدأت تنتقل من الريف الى المدن حاملة معها العديد من القصص المؤثرة لفتيات أصبحن أمهات وهن في عمر الطفولة والمراهقة .
وسجلت حالات خيانات بسبب بنات متزوجات من رجل اربعيني وهي بعمر 9 سنوات وكبرت وهي لا تفهم لما تعيش مع رجل مسن وهي شابة بعمر العشرين . بالفعل بيت العائلة العراقية بالانهيار ,اركان الاسرة بالكامل والمجتمع الى الهاوية .
اليوم التقيت مع فتاة جميلة تبلغ من العمر 15 عشر سنة حدثتني عن احلامها بإكمال دراسة ولبس ثوب التخرج من كلية الهندسة وضحكت وقالت كلها احلام وعندما سألتها عن سبب الحزن العميق في كلامها اجابت ان ابيها اجبرها على الزواج من صديقه لأنه مدين بمبالغ طائلة له ولا يستطيع التسديد لهذا سددني مقابل المال لصديقه. وأضافت انها تركت الدراسة ولا تحمل بذاكرتها سوى بعض ذكريات الطفولة ولعب مع الصديقات عندما كانت مدلله البيت . وألان تعيش حالة ضياع طفلة تحمل بيدها طفلة، وأضافت انها لن تزوج بنتها من رجل كبير مهما كلفها الامر. قصة ادمت قلبي قبل عيوني لما تخفيه من معاناة بين السطور .
و الان يفترض بالقانون العراقي انه يحدد سن الزواج ب18 سنة فما فوق، ولا يسمح للقاضي بتزويج الفتيات ممن تقل اعمارهن عن 18 سنة، ولا يسمح بتصديق عقود الزواج خارج المحكمة لأي سبب .لكن العكس ما يدور ويحدث التصويت والتشريع لزواج القاصرات تحت قبة البرلمان وما بين معارضين ومؤيدين وتوتر الشارع العراقي مابين الرفض والقبول وتبقى التساؤلات الى اين يا صغيراتي انتن ذاهبات.
***
د. ايات حبه