آراء

جواد علي كسار: من تداعيات فوز ترامب على المنطقة

ممكنات التحوّل في السياسة الخارجية والأمن القومي الإيراني

ليس من السياسة بشيء أن يزعم أي طرف من أطراف المنطقة أن الفوز المركب لدونالد ترامب لا يعنيه أو لا يؤثر على بلده، فضلاً عن أن يكون ذلك الطرف هو إيران. لذلك ابتعدت الجمهورية الإسلامية سريعاً عن موقفها البدوي الذي برز في الساعات الأولى بعد صدمة الفوز، وتخلت عن تكرار ما ذكرته في ساعات الصدمة الأولى من أن الانتخابات الأمريكية هي شأن داخلي، وأن فوز ترامب لا يعنيها ولا يؤثر في سياساتها، فضلاً عن أن يؤدّي إلى تعديل هذه السياسات، بل ربما يمكن أن يقود مع عواملٍ أُخر حتى إلى تغيير منظومة الأمن القومي الإيراني وآليات عملها، كما كتب عن ذلك نصاً الدبلوماسي الإيراني السابق حسين موسويان، في ورقة بحثية تحليلية وزينة نشرها باللغة الإنكليزية، وقدّم لها موقع «تابناك» التابع للجنرال محسن رضائي، ترجمة وافية إلى اللغة الفارسية، لتكون مجرّد مؤشر من مجموعة مؤشرات متراصة سياسية ودبلوماسية، وتنظيرية وإعلامية على تحولٍ واسع بهذا الاتجاه.

التحوّل السريع

مساء يوم الاثنين 4 تشرين الثاني الحالي وقبل ساعات من بدء الاقتراع في الانتخابات الأمريكية، استضافت التلفزة الإيرانية الرسمية وزير الخارجية عباس عراقچي، فأكد أن الانتخابات شأن أمريكي خاص لا علاقة لإيران به، ولا يؤثر عليها من يفوز سواء أكان كاملا هاريس أم دونالد ترامب.

لقد جاء موقف الوزير عراقچي هذا تتويجاً لسلوك الإعلام الرسمي على مستوى مؤسّسة الإذاعة والتلفزة، والصحف الرسمية وشبه الرسمية (ايران، كيهان، اطلاعات، جام جم، همشهرى وأمثالها) معه اليمين السياسي المحافظ، من التعامل بإهمال قرين بشيء لا يخفى من التعالي على الانتخابات الأمريكية، وقد كان هذا الموقف يستبطن بالعمق قناعة لدى الغالبية العظمى من السياسيين وبقية المعنيين الإيرانيين، من أن حظوظ الديموقراطية هاريس هي الأكبر في الفوز، ومن ثمّ فإن فرصة فوز ترامب إن لم تكن معدومة فهي ضئيلة، ليكونوا مع غيرهم ضحية الاستطلاعات الأمريكية التي هُندست بكثافة، للحديث عن تقدّم هاريس وتخلف ترامب.

الفوز المركّب الهائل لترامب بالأصوات الشعبية والمجمع الانتخابي معاً، والإعلان السريع للنتائج خلال ساعات من دون قلاقل بل اضطرابات كان يتخيّلها العقل السياسي الإيراني ويتمنّاها، بالإضافة إلى تعزيز ذلك كله بمؤشرات فوزٍ قرين ما لبث أن تحقّق في مجلسَي الشيوخ والنوّاب؛ وضع الموقف الإيراني الرسمي ومن كان يراهن في إيران على هاريس، تحت هالة الذهول وفعل الصدمة. لذلك جاءت ردود الفعل السياسية الأولى استمراراً لمنهج الإهمال والتعالي، ومنطق أن الانتخابات لا تعنينا، والفائز لا يهمّنا، لكن ما لبث أن انقلب المشهد بالكامل وتبدّل على نحوٍ شامل.

لقد شهدنا منذ يوم الخميس (7 تشرين الثاني الحالي) الذي تلا الانتخابات كثافة مهولة في التغطية الإعلامية والتحليلية، إلى جوارها مروحة واسعة من المواقف الرسمية الإيرانية التي وضعت وراء ظهرها لغة الإهمال والتعالي ومنطق اللامبالاة، وقد راح الجميع يفكر بكثافة عن كيفية التعامل مع ترامب، وإدارة العلاقة مع الرجل الذي سيمكث أربع سنوات كاملة في البيت الأبيض، ويتصدّر أزمّة القرار ومقاديره في أمريكا.

الأصولية المتشدّدة

عزّ على صحيفة «كيهان» الأصولية المتشدّدة فيما يبدو التعامل مع الأمر الواقع والتفكير بسُبل التكيّف مع فوز ترامب، فانطلقت بهجوم مزدوج على ترامب وعلى من يبحث في الداخل عن أفضل خيارات التكيّف مع إدارته، بدأته بعد يومين من الانتخابات ولم يزل مستمراً حتى الآن. ففي يوم الخميس 7 تشرين الثاني الحالي انطلقت الصحيفة من عنوانٍ عريض على صدر صفحتها الأولى: «أمريكا هي الشيطان الأكبر لا فرق من يكون رئيساً للجمهورية»، ثمّ توالت مواقفها النقدية الحادّة لتيارات الداخل الإيراني، وهي تصرّ على نعتها بـ«المتغرّبة» و«المستسلمة» و«المرعوبة»، بل وتلمّح على نحوٍ مكثف إلى «خيانتها» لمجرّد أنها كانت تستحثّ الجهد السياسي والدبلوماسي والأكاديمي الإيراني، للبحث عن خيارات أقلّ ضرراً في التعامل مع إدارة ترامب.

بديهي كان منطق الآخر بالحيثيات والأرقام أشدّ صلابة وأمضى من معزوفات الشعارية الثورية. فحتى مع مماشاة «كيهان» والتيار الأصولي المتشدّد بأن أمريكا هي الشيطان الأكبر، فمن المؤكد أن هناك فرقاً حاسماً بين من يجلس على قمة هرم الشيطان، تكفي في بيانه لغة الأرقام. ببساطة شديدة وجّه ترامب في إدارته الأولى (2017ـ 2021م) ضربات موجعة سياسية واقتصادية واستراتيجية إلى إيران، عندما انسحب من الاتفاق النووي عام 2018م، وفرض عقوبات الحدّ الأقصى، فانخفضت مبيعات النفط الإيراني كمعدّل إلى (300) ألف برميل يومياً أو ما هو أدنى، ما أدّى إلى انهيارات عظمى في قيمة العملة الوطنية الإيرانية، وشلّ النمو الاقتصادي، قبل أن يختم ذلك كله بضربة استراتيجية عميقة الأثر، تمثلت باغتيال الجنرال سليماني في أول أيام عام 2020م.

والحال أن الصورة قد اختلفت بالكامل مع إدارة الديموقراطي جو بايدن، فمع بايدن عادت المفاوضات الخلفية السرية والجاهرة مع طهران لإرجاع أمريكا إلى الاتفاق النووي. كما غضّ بايدن النظر عن مبدأ عقوبات الحدّ الأقصى الترامبية، فنمت صادرات إيران النفطية وبلغت كمعدل (1,5) مليون برميل يومياً، ما سمح بتدفق سيل العملات الأجنبية إلى إيران ولو على نحوٍ غير رسمي، وبلوغ حالة من استقرار الأزمة، ساهمت إلى حدٍ بعيد في الاستقرار السياسي والاقتصادي، والهدوء الاجتماعي على مرّ ثلاث سنوات تقريباً، من حكم الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي.

وجدلية الداخل ببساطة وسؤالها المباشر في مواجهة التشدّد الأصولي ومعزوفاته الثورية، هو: كيف يكون ترامب وهاريس سواء؛ وهذه هي خلفية الأرقام التي تكشف عن مسافة شاسعة في تجربة إيران على مدار أربع سنوات؛ بين ركيزتي الشيطان الأكبر، دونالد ترامب وجو بايدن؟

مثال من رئيس «المركزي»

السياسي الحاذق هو من يخزن لسانه أثناء الأزمات ولا يصرّح كثيراً إبّان تقلباتها ريثما تهدأ. وهذا ما لم يوفّق إليه محافظ البنك المركزي الإيراني محمد رضا فرزين، وما صرّح به قد يكلفه استمراره بمنصبه بعد أن استثناه الرئيس مسعود پزشكيان من التغيير، إذ هو معيّن لرئاسة المركزي من الحكومة السابقة. لقد أشعل فرزين جدليات نقاش حاد بين رؤيتين في الداخل الإيراني، منذ أن تداول الإعلام الإيراني تصريحاته يوم 11 تشرين الثاني 2024م الحالي، وهو يقطع بجزم أن ليس لعودة ترامب تأثيراً كبيراً على الاقتصاد وسعر العملة، لأن إيران لا تتعامل اقتصادياً مع العالم، وصلة اقتصادها محدودة بأمريكا، بل وحتى بأوربا (تُنظر التصريحات ومناقشاتها في صحيفة «هم ميهن» مثالاً، 11 تشرين الثاني 2024م).

باتت اليوم جدليات العلاقة بين السياسة والاقتصاد أوضح من الشمس برابعة النهار. ومع ذلك وحتى بلغة الاقتصاد وأرقامه، لم يكن رئيس المركزي الإيراني موفقاً في نفي تأثّر اقتصاد بلاده بفوز ترامب. سأدع آراء الخبراء وما أثاره المختصّون بشأن هذه التصريحات جانباً. كما سأترك الملفات المختصّة التي حذّرت قبل أشهر من إمكان وصول ترامب، ووضعت معالجات مقترحة (يُنظر على سبيل المثال، ملف مهم لملحق صحيفة «دنياى اقتصاد» السنوي، صدر شهر آذار الماضي) للتقليل من صدمات هذا الفوز لو حصل؛ وأكتفي من بين ذلك كله بأرقام للرئيس الأسبق حسن روحاني.

الملاحظة التي أثارها الكثيرون في الداخل على تصريحات رئيس المركزي محمد رضا فرزين، أنه لم يحدّثنا عن أضرار الحصار والعقوبات المفروضة على الاقتصاد الإيراني، والأخطر من ذلك الخسائر الفادحة لانقطاع هذا الاقتصاد عن دورة الاقتصاد العالمي، وانحسار تداولاته الأساسية على بضع دول فقط، هي الإمارات العربية المتحدة والصين والعراق وروسيا وأفغانستان وتركيا. بينما تكفل بإيضاح ذلك الرئيس الأسبق روحاني عندما ذكر مباشرةً أن حجم الأضرار التي لحقت الإيرانيين خلال: «السنوات الثلاث الأخيرة بلغت (300) مليار دولار». يضيف روحاني موضحاً: «لقد أضرّوا بالناس بما يبلغ (100) مليار دولار سنوياً من الخسائر المباشرة وغير المباشرة، الناشئة عن بيع النفط والبتروكيمياويات، بالإضافة إلى الخصومات التي منحوها للآخرين!» (عن الموقع الرسمي لروحاني في حديث له مع مجموعة من وزرائه ومعاونيه بتأريخ 19 حزيران 2024م). بل تخطى الأمر ذلك بحسب الرئيس روحاني إلى إرجاع الاقتصاد الإيراني إلى عصر التخلف القاجاري وزمن تعاملات «الصرافة اليدوية»: «لقد أعدتمونا إلى عصر القاجارية، وأرجعتمونا مرّة أخرى إلى مرحلة الصرافين!» وذلك في إشارة منه إلى الوسائل البدائية الملتوية التي يمارسها الاقتصاد في إيران للالتفاف على العقوبات المفروضة (تصريح آخر للرئيس روحاني بحسب موقعه الرسمي، بتأريخ: 25 حزيران 2024م).

لقاء الستة الكبار

إلى جوار جداليات الداخل وصراعاته المحتدمة، يبدو أن حكومة الرئيس پزشكيان منكبّة على جهود حثيثة لبناء طريقتها الخاصة وصناعة مذهبها الدبلوماسي المتميّز في التعاطي ليس مع لحظة ترامب وحسب، بل مع إدارته ومع الغرب عامة. ففي نطاق تقسيم الغرب إلى أمريكي وأوربي، ليس هناك مشكلة لحكومة پزشكيان في التعامل مع الشق الأوربي، إذ كان قد صرّح إبّان حملته الانتخابية مرّات بتفعيل قنوات العلاقة مع أوربا وأكّد ذلك بعد فوزه كرّات؛ إنما المشكلة في صيغة التعامل مع أمريكا.

رجل الدبلوماسية الإيرانية الأوّل ومؤلف كتاب «قدرة التفاوض» وزير الخارجية عباس عراقچي، خفف الوطء عن الرئيس پزشكيان وقد راح ينتقل ببطء خطوة بعد أخرى، لترسّم أسلوب أو مذهب أو طريقة للتعامل الدبلوماسي مع أمريكا، قبل أن ينتهي إلى القول نصاً: «إذا أُمّنت مصالحنا الوطنية فسنتفاوض مع أمريكا أيضاً» مستطرداً بأن: «القنوات مفتوحة بيننا وبين أمريكا» (صحيفة اعتماد كمثال، 14 تشرين الثاني 2024م).

من بين أبرز المراكز المؤثرة في السياسة الخارجية الإيرانية بالإضافة إلى الوزارة المختصة، هو المجلس الأعلى للأمن القومي، بالإضافة إلى مؤسّسة أخرى ناشئة يعود تأسيسها إلى عام 2006م، هي: «اللجنة الاستراتيجية للعلاقات الخارجية» التي يرأسها وزير الخارجية الأسبق كمال خرازي، وكان آخر أمين عام لها هو الوزير الحالي عباس عراقچي، قبل أن يترك منصبه لتتحوّل الأمانة إلى علي باقري كني. من بين المؤسّسات المؤثرة وإلى جوارها، تبرز أسماء لها دورها الكبير في مطبخ السياسة الخارجية الإيرانية، منها على سبيل المثال علي أكبر ولايتي أطول من تسنّم منصب وزير خارجية في تأريخ الجمهورية الإسلامية وأكبرهم عمراً، وهو يشغل بالإضافة إلى ذلك عنوان مستشار المرشد للشؤون الدولية.

ما فعله الرئيس پزشكيان هو عقده للقاء تشاوري مع ستة من كبار هرم الدبلوماسية الإيرانية وأهل الشأن العالي فيها، عندما اجتمع بهم يوم الثلاثاء 12 تشرين الثاني الحالي، وقد ضمّ الاجتماع الوزراء الأربعة السابقون؛ ولايتي وكمال خرازي وعلي أكبر صالحي ومحمد جواد ظريف، بالإضافة إلى معاون وزير الخارجية الأسبق محمد صدر، والوزير ومدير مكتب الرئيس روحاني والسياسي محمود واعظي، والخبير الكبير مهدي سنائي، بحضور وزير خارجيته عباس عراقچي. حصيلة اللقاء بلغة الدبلوماسية لخصها الرئيس پزشكيان، بقوله: «ستكون لنا مواجهة مع أمريكا» ومن ثمّ: «من الأفضل أن ندير نحن المشهد». هذه هي الحصيلة، لكن ما هي المخرجات؟ ربما يكون لقاء الاثنين الماضي (11 تشرين الأول) بين ايلون ماسك وسفير إيران في الأمم المتحدة أمير سعيد ايراواني، رغم تكذيب الناطق باسم الخارجية له يوم السبت قبل الماضي، هو مجرّد فتح لنافذة هذه المخرجات على الرأي العام، خاصة إذا أخذنا بنظر الاعتبار أن تسريب صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية له مساء الخميس قبل الماضي، لم يأتِ على أساس معلومات من الجانب الأمريكي، بل من الجانب الإيراني نفسه.

ثلاثة أوراق عمل

حقيقة الأمر أن حجم أوراق العمل والرؤى وما تطويه من خيارات وتقدّمه من مقاربات، هي الآن في إيران بالعشرات وفيها الكثير مما يستحق القراءة والمراجعة، لكن سأختار الإشارة السريعة إلى ثلاثة نماذج منها، صارفاً النظر عن إشكالية الأسماء وتصنيفها الجناحي وما تثيره من جدل، مركّزاً على المحتوى. ثمّ ورقة قدّمها الأكاديمي المثير أستاذ العلاقات الدولية ناصر هاديان، أعاد فيها التركيز على نظريته القديمة ذات المفاتيح الثلاثة؛ الأول أهمية التعامل الدبلوماسي المباشر مع أمريكا؛ والثاني الدخول بالتفاصيل وتسميتها وترك العمومات والكليات؛ والثالث وهو الأهمّ فتح الملفات جميعاً مرّة واحدة، لأن التعامل مع أمريكا بصيغة الملفات المفردة (ملف بعد ملف) يؤدّي إلى خسارة إيران؛ بينما يقود فتح الملفات جميعها في المحصلة الأخيرة إلى ربح متراكم لإيران، يتجمّع عبر الربح الذي تجنيه من كلّ واحد من هذه الملفات. وقد أعاد هاديان عرض النظرية نفسها واقترحها على الحكومة الحاضرة في التعامل مع إدارة ترامب (يُنظر مقال له مطوّل، صحيفة هم ميهن، 14 تشرين الثاني 2024م).

المبادرة الثانية انطلقت من قبل حسين مرعشي الأمين العام لحزب بناة إيران (كار گزاران زندگى ايران) المحسوب على خطّ الراحل هاشمي رفسنجاني، انطلقت تحت شعار «عصر ترك المخاصمة مع أمريكا» رأى فيه بعضهم عين الصواب والواقعية السياسية، على حين قرأه تيار المبدأية الأيديولوجية بوصفه شعاراً مستفزاً. العناصر الأساسية للمبادرة ترجع إلى الإقرار أن أمريكا هي الاقتصاد الأول في العالم، صاحبة التكنولوجيا المتقدّمة، والقوّة العسكرية الأكبر، وما ثمة ضرورة لإيران أن تكون خصماً في كلّ شيء لأمريكا وفي كلّ الأوقات، بل بينهما منافع ونقاط مشتركة، والمطلوب هو اقتناص اللحظة المؤاتية التي يرى مرعشي أنها كانت متوفرة لإيران في السابق ولم تزل كذلك على عهد ترامب، بشرط أن تتخلى إيران عن مبدأ ترك الخصومة، وتنتهز الفرصة السانحة مجدداً (تُنظر تفاصيل المبادرة بقلم حسين مرعشي نفسه: صحيفة سازندگى، 8 تشرين الثاني 2024م).

الورقة الأخيرة التي تستحق عنوانها بقوّة لمؤهلاتها البحثية والحلول التي تقترحها، هي ورقة الدبلوماسي السابق حسين موسويان الباحث في جامعة برينستون الأمريكية، ومؤلف الكتاب المعروف: «إيران وأمريكا: الماضي المرير ومسار الصلح». ورقة موسويان التي قدّم موقع «تابناك» ترجمتها الفارسية، تقوم على قراءة الواقع الإيراني في نطاق ثلاثة متغيرات، وتُقدّم تحليلاً من ستة عناصر ليس فقط لإمكان التحوّل في السياسة الخارجية الإيرانية مع أمريكا، بل أيضاً إمكان التحوّل في مشروع الأمن القومي الإيراني وعلى مستوى الإقليم أيضاً، قبل أن تنتهي بأربع توصيات.

أهمية هذه الورقة تدعونا لتأجيل الكلام عن محتواها وتفاصيلها إلى مقالٍ مستأنف، لنختم بملاحظة أعتقد أنها مهمّة جداً؛ مؤدّاها أن الاستقطاب الذي تشهده الساحة الإيرانية اليوم إزاء الموقف من أمريكا، لا يقوم على صراع الرؤى بين الإصلاحيين والأصوليين، وإن كان هذا الصراع موجوداً، بل هو يستند أساساً إلى انقسام عمودي بين الواقعية السياسية ومعيارها مصلحة إيران، وبين من يغرّد خارج نطاق هذه الواقعية، وهذا هو موطن العبرة!

 ***

جواد علي كسار – كاتب وباحث

 

في المثقف اليوم