نصوص أدبية
جاسم الخالدي: صوت الأرض
نحنُ الذينَ إذا الزمانُ جفانا
سرتِ القصيدةُ في خطاهُ بيانا.
*
نأتي من التعب القديم وحزننا
كنبوءةٍ لم تعرف الكتمانا
*
نحنُ الذينَ إذا انثنى تاريخُهمْ،
ساروا عليهِ، وما انثنَى عصيانا
*
جاؤوا من التعبِ العتيقِ كأنّهم،
أثرُ البلادِ إذا تنكَّرَ آنَا.
*
نطوي البلادَ إذا تخفَّفَ أهلُها،
وجعًا، ونمشي فوقَها إيمانا
*
ما راعنا الجوعُ القديمُ لأنّنا،
عمرا قضينا نكتم الأحزانا
*
لم نرتضِ الطرقَ الكفيلة بالرضا،
بلْ جرّبَ الشكُّ الجميلُ خُطانا.
*
ما بايعَ الصوتُ السلاطينَ التي،
لبسَتْ من التاريخِ ثوبَ هوانَا.
*
لم يُغْرِهِمْ بابُ السلاطينِ الذي،
فُتِحَتْ مفاتحُهُ لهمْ مجّانَا.
*
غنّيتَ فارتدَّ الخرابُ محطَّمًا،
وتكسّرَ الصمتُ الثقيلُ وهانَا.
*
ولقد كتبنا لا لمجدٍ عابرٍ،
بلْ كي نعيدَ إلى الحروف كيانَا.
*
إنْ قيلَ: هذا العصرُ أغلقَ بابَهُ،
قلنا: سنفتحُ بالقصيدِ مكانَا.
*
كم مرَّ سيفٌ فوقَ أعناقِ المدى،
ثم انحنى، وبقى الكلامُ سنَانَا.
*
نحنُ الذينَ إذا أُريقَ دمٌ هنا،
صانوهُ حرفًا، وارتقوا قربانَا.
*
لا السيفُ أقنعَنا، ولا أوهامُهمْ،
لمّا تزيَّنَ بالوعودِ دُخانَا.
*
لسنا نُجيدُ الوقف فوق طلولها،
كانتْ تُجيدُ لغيرِنا نسيانَا.
*
والريحُ إنْ عصفتْ بنا لم ننحنِ،
أنَّ الثباتَ لم تفت بنيانا
*
سلكوا دروبَ العزِّ دونَ تراجعٍ،
وسقَوا الترابَ دماً ليُزهرَ شَانَا.
*
كتبوا ليبقَى في الحناجرِ نبضُهم،
إنْ خانَ صوتُ الأرضِ معنىً كانَا.
*
نحنُ البقيةُ حينَ يُحصي عدُّهمْ،
أسماءَهُمْ، ونفيضُ نحنُ بيانَا.
*
إنْ أُغلِقَتْ أبوابُ صوتِ قصيدِنا،
لم يُطفَأِ الأثرُ الذي أعطانَا.
*
نحنُ احتمالُ الأرضِ حينَ تضيقُها،
لغةٌ، وحينَ تُضَعضِعُ الميزانا
*
لا الليلُ يملكُ آخرَ الأسرارِ في،
أصواتِنا، إذ ينجلي إعلانا.
*
سنظلُّ نكتبُ: هذه أرضٌ إذا،
نطقتْ، تُعيدُ الخلقَ والإنسانَا.
***
د. جاسم الخالدي






