نصوص أدبية

نسرين إبراهيم: لوحة مقابر

خيوط الشمس الذهبية تنتشر في كل زاوية من أركان المدرسة، تلمع على الطاولات وعلى وجوه الأطفال البراعم الصغيرة..

 معلمة الرسم مبتسمة، تراقب أصابع الأطفال التي تتحرك بين الفرشاة والألوان، وكأنها تعزف سيمفونية صغيرة على لوحة بيضاء..

جائزة اليوم ستذهب لأفضل رسام، يمزج الألوان بطريقة تعكس روح الحياة..

في ذلك اليوم، لم تكن المسابقة مجرد مزج ألوان؛ كانت نافذة للحياة، نوافذ صغيرة تُطل منها أحلام الأطفال، حيث تُكتب الفرحة على جدار المدرسة.. ثم تضيع، كما ضاعت الدار التي حلموا بها حين كبروا ولم يجدوها..

أنهى صابر لوحته ورفعها بفخر للمعلمة ولزملائه.. وطنه، المساحات الخضراء غابت، وألعاب الطفولة تبدّدت، وبقيت فقط مساحات الصغار.

كانت لوحة مختلفة، صامتة لكنها صادقة، تحمل ألم الوطن وشح الحياة فيه، لكنها في الوقت نفسه تعكس رؤية الطفل لعالمه ببراءة وصدق.

لم تكن المسابقة مجرد مزج ألوان، بل كانت نافذة لعيون الأطفال على الحياة، لكل حلم صغير، لكل فرحة ضائعة، لكل ذكرى ودار كتبناها على جدار المدرسة ولم نجدها بعد أن كبرنا.

رسم صابر لوحة مقابر.. بلون بني قاتم.

***

د. نسرين إبراهيم الشمري

 

في نصوص اليوم