نصوص أدبية
فارس مطر: بعد عشية عيد الميلاد

الشارع الذي ينعطفُ يساراً
عند واجهة المتحف
مازالت أشجاره المضيئة تترنم
شال الصوف على كتف امرأة مُسنَّةٍ
حكمة دافئة
الصباح التالي بعد عشية عيد الميلاد
برج الكنيسة القوطية يُعيدُ توازني
الهواء قلق
وأقدامي باردة
أفتح النافذة لطرد الشبح الخانق
ولدخول اليوم بكامل أصواته وطيوره
أراقبُ ثعلبَ الحيِّ الذي يخرجُ من فتحة سور الآجُرِّ المتآكل
والذي يكادُ أن يكون أليفاً
قرميدُ سقف البناية المقابلة المُوشَّى بالطحالب لوحةٌ أخّاذة
الفن يشق صدري يزرع فيه السمفونية الخامسة
تتوالدُ الموسيقى
تتناسلُ الآفاق
تتواجدُ الروح
أتناولُ جسدي الخشبي الضئيل من فوق رقعة الشطرنج الرتيبة
أرميه بعيداً نحو غابةٍ لتُعيدَه مُورِقاً
أركُلُ أدوية الصباح
أتحررُ من سطوة العقارب
أطحنُ ساعتي اليدوية الرخيصة
أذيبُ ملابس العمل الأبيض بمحلول حامضي مُرَكَزٍ وأسود
أحذفُ من هاتفي صورة مواعيد الباص الذي يمر كل عشر دقائق
أصفعُ الأيميل العاجل الذي يقضي أن أعمل في عطلة نهاية الاسبوع
أُفعِّلُ خطة ليلة رأس السنة الميلادية التي أُلغيت
أباركُ نسياني شراء دواء الربو قبل بدء العطلة
أصالِحُ نشرة الطقس المُحبطة
أبَيِّضُ مسودةَ القصيدة التي كنت سأحذفها كاملة
آكُلُ بنهم الشوكولاتة والكعك المُحلى
أعتقِلُ عاداتي الصحية بزنزانة منفردة
أُحَيِّي كل هذه الفوضى
أغبِطُ السقوط المفاجئ
أعيدُ الاعتبار لجبهتي المهشمة
أحاوِلُ استعادتي على مسرح الوهم
اؤدي دوريَ الراقص اللا مكترث
المنفلت
الماطر
الهادر
الثري بصمته
الشهيد باخفاقاته
من ظن أن الطيران بالقلب لا بالأجنحة
الخارج عن النص بلا كلمات مسبقة
الراكض
الراكض
رغم توقف قلبه
***
فارس مطر