نصوص أدبية

نزار فاروق: سجِّل.. أنا مُصطفى الزّموريّ!

سجِّل: أنا مُصطفى الزَّمُّوريّ!

ابنُ "أَزَمُّورَ"، مدينةِ الزَّيتونِ البرِّيِّ.

سجِّل: أنا مُصطفى الزَّمُّوريّ!

اُنتُزِعتُ من جُدرانِ مدينتي العتيقةِ،

كُتلةَ طينٍ مَغربيٍّ مُمَزَّقةٍ،

من ضِفافِ نهرِها البارِشِ،

الذّي لم أُودِّعهُ يومَ خُطِفتُ صبيًّا،

غَنيمةً من غَنائمِ الغُزاةِ،

مُكَبَّلاً إلى مَصيري البَعيدِ.

*

سجِّل: أنا مُصطفى الزَّمُّوريّ!

لقُرونٍ، دُفِنَ اسمي،

سَمَّوني "اِستيفانيكو"،

نادوني "إستيبان"

ونَعَتوني بالأسود العربيَّ،

لَقَّبوني بابنِ الشَّمسِ و"عبدِ الدُّورانتسيِّ".

*

في الأَسرِ البَعيدِ،

تاهَت قدمايَ فوقَ رِمالٍ غَريبةٍ،

عَبَرتُ خُلجانًا بعيدةً،

عايَشتُ أعتى العَواصِفِ،

تَسَلَّلتُ بين التَّاريخِ،

ظِلاًّ هائِمًا يَبحثُ عن وطنٍ.

مَشَيتُ بين الغاباتِ،

روحًا ضائِعةً تَئِنُّ في الرِّياحِ.

*

رَحَّبَ بي أصحاب الدّار الذينَ لَفَظوا الغُزاةَ،

رَأوا في وَجهي مرأة،

وفي كَلماتي جِسرًا،

و يومَ دُوِّنَتِ الحِكاياتُ،

أُهمِلَت حِكاياتي،

هُمّشت بُطولاتي،

لكنَّني أعتى من تحريفاتِ الأقوياء،

و أمتنَ من هامشٍ في أرشيفاتِ "نارفييز".

*

فها أنا اليوم،

قَصيدةٌ تَتَرَدَّدُ مِن جديدٍ على شِفاهِ الرِّياحِ الصّادقة،

رِوايةٌ تَنسُجُها الأَمواجُ المُعاكِسَة،

تَنثُرُها على شَواطِئِ "أَزَمُّورَ"،

التي خُطِفتُ منها صغيرًا،

تُعيدُني إلى أَحراشِ الزَّبُّوجِ،

وإلى اسمي الذي حُرِمتُ منه في سجلّات المحو.

فسجِّل: أنا مُصطفى الزَّمُّوريّ!

ابنُ "أَزَمُّورَ"، مدينةِ الزَّيتونِ البرِّيِّ.

***

نزار فاروق هِرْمَاسْ

أستاذ دراسات الشّرق الأوسط وجنوب آسيا

جامعة فيرجينيا

 

في نصوص اليوم