نصوص أدبية

جاسم الخالدي: نداءُ أمٍّ

تُعاتبُ ظِلَّهُ لَمَّا جَفاهُ

لِماذا لَمْ يَعُدْ يُحصي خُطاهُ

*

لِماذا غابَ في وَقْتٍ عَصيبٍ

لِماذا شَحَّ في جَدْبٍ نَداهُ

*

أما تَدري بِقَلْبٍ قَدْ هَواهُ

وَرُوحٍ عِشْقُها ما قَدْ سَلاهُ

*

أَلا يَدري بِجَمْرِ الشَّوْقِ يَكْوي

حَنايا صَدْرِ عمر قَدْ رَعاهُ؟

*

فَقَدْ غابَ الرَّبيعُ وَجَفَّ نَبْعٌ

وَطالَ اللَّيْلُ في جفنٍ بِكاهُ

*

وَصوتُ الأمِّ يَرْنو كُلَّ آنٍ

الى بابٍ تُسائل عن خطاه

*

أَيا وَلَدي فَقَدْ جَفَّتْ عُيوني

وَدَمْعي في غِيابِكَ قَدْ كَواهُ

*

فَمَنْ لِلقَلْبِ يَشْكُو بَعْدَ هَجْرٍ؟

وَمَنْ لِلرُّوحِ يَشْفِي ما عَراه؟

*

وَمِنْ لِلصُّبْحِ يَأتي في ضياءٍ؟

إِذِ الْآهاتُ تَطْغَى ما عشاه

*

وَلا أَحَدٌ سِوَى الْبَارِي يَرَاهُ،

وَيَكْشِفُ سِرَّهُ فِي مُنْتَهَاهُ

*

فَمَا عَادَتْ تَرى فِي الْكَونِ فَجْرًا

وَلَا رِيحًا تُبَشِّرُ عَنْ رُؤاهُ

*

لِوَحْدَتِها تَئِنُّ بِصَمْتِ دَمْعٍ

وَتَحْضُنُ طَيْفَ مَنْ كَانَتْ مُناهُ

*

فَيا قَبْرًا ضَمَمْتَ الْيَوْمَ رُوحِي

أَمَا حَنَّتْ عَلَى أمٍّ يَدَاهُ؟

*

فَما زالَتْ تُنَاجِي الرِّيحَ شَوْقًا

عَسَى مِنْ طَيْفِهِ يَحْظَى نِداهُ

***

د. جاسم الخالدي

 

في نصوص اليوم