نصوص أدبية
جاسم الخالدي: دفاتر النسيان
بعد أن يندمل الجرح،
أو هكذا أتصور،
أعود ثانية لأنبش في دفاترنا القديمة.
أضع يدي على ورقة لم تزل تحتفظ بنضارتها،
أقرأ سطرين منها،
ثم أرميها بجانبي.
*
أتذكر...
كيف كان درس النحو صعبًا،
وكيف كنت أحاول أن أُتقن فنّ إيصال
بعض موضوعات لم تكتمل.
كنت أنفق مسودات كثيرة،
أمزّقها،
وأعيد صياغتها من جديد.
*
بعد كل ذلك،
كان يضحك بسن أبيض،
"بابا، أنا أحب دروسك،
لأنها تخرج من قلبك."
*
مرة توسلت به،
لنلتقط صورة،
لكنه دار وجهه باتجاه السماء،
لعله كان يدري
أنها الصورة الأخيرة.
*
اليوم...
أنبش في تلك الصورة،
ألتمس منها حياة
هربت من بين أصابعي.
أضعها أمامي
وأكاد أسمع صوته:
"بابا، لا تتركني وحدي
في دفاتر النسيان."
*
أبتسم،
أجمع أوراقي القديمة،
وأعيد ترتيبها،
كأنني أعيد ترتيب الذكريات
لأحفظها في قلبي،
حيث لا يمحوها الوقت.
***
د. جاسم الخالدي