نصوص أدبية
فيصل سليم التلاوي: يا غزةَ المجد
هذي الجراحُ وهذا النزفُ والألمُ
وهذه النارُ والبارودُ والحِمَمُ
*
طـــوفانُها الهادرُ الجبّارُ باغتهم
تدفاقُهُ إذ توالى سَيلُهُ العَرِمُ
*
من بعدِ عامٍ ونَيفٍ لا انقطاعَ لهُ
ما كان ماءً ولكنَّ المَسيلَ دمُ
*
دمٌ تحدّى شِفارَ السيفِ مُنتفِضًا
ما راعهُ كل ما دكُّوا وما حَطَموا
*
يا غزة العزِّ والراياتُ خافــقةٌ
كأنما هـــــــــي خيلُ اللهِ تلتحمُ
*
في مرجِ حطّين قد عادت مظفرةً
وعاد يَخفقُ فؤق الصخرةِ العلمُ
*
يا غزةَ المجدِ في ساحِ السَرايِ
بدت هذي الجموعُ التي تترى وتلتئمُ
*
ما ضامها الجوعُ والإفقارُ، صابرةٌ
برغمِ ما قتلوا منها و ما ظلموا
*
تدافعت مثل مـوج البحر هادرةً
أبيــــــــةً تملأ الساحات، تقتحمُ
*
تزجي التحايا لمن ضحوا وما وهنوا
ومن على أرضها بالروح قد كَرُموا
*
للفتيةِ الصادقين الوعد ما وهنت
منها السواعد أو خارَت لهم هِمَمُ
*
للنخبة المنجزين العهدَ صادقةً
وعودُهمْ عندما بَرّوا بما قَسموا
*
كأنهم يوم ميدان السراي وقد
ضاقت بهم أرضهُ والخلقُ تزدحمُ
*
كأنما ليلة الطوفان قد بدأت
ما رفَّ جفنٌ ولا زلّت بهم قدمُ
*
إكليلها عندما هَبَّتْ مُحَجَلةً
غراءَ مُلتفةً بلهيبِ النار تَضطرِمُ
*
وزلزلت كل ما في الكون صرختها
وأسمعت بنداها من به صَممُ
*
مشارقُ الأرضِ نادتها مغاربها
فردد الصرخاتِ العُربُ والعجمُ
*
إلا الخوالفَ من أبناءِ جِلدتها
ما شدَّهُم نسَبٌ منها ولا رَحِمُ
*
يا عارَهُم إذ تَوارَوا يوم محنتها
واليوم بانوا ليصطادوا ويقتسموا
*
والحاطبينَ بليلٍ خاب سَعيُهمُ
وخاب ما خططوا ليلا وما رسموا
*
إذ هَيئوا يومها التالي بما وهموا
ففاجأتهم وضاع الوهمُ والحُلُمُ
*
في يومها الأولِ الوضاءِ ظافرةً
كتائبُ الحقِ تمحو كل ما وهموا
*
أما الأعادي وقد عادوا بخيبتهم
كأنما غـــــزوة الأحزاب تُختَتمُ
*
ولو تراهم عصا السنوار تلسعهم
كأنهم ما غزوا يومًا وما اقتحموا
*
نصرٌ أعز به الرحمن صَفوتَهُ
والمجرمون بسيف الحق يُصطَلموا
*
طوبى لغزةَ هذا المجد تصنعه
ما حازهُ قبلها ســــــــيفٌ ولا قلمُ
*
ولا ارتقى قبلها عِزًا ومفخرةً
وشِـــــرعةً تحتذيها بعدها الأممُ
*
يا غزة العِزِّ والأيام شـــاهدةٌ
لكِ المفاخــــرُ والأمجادُ والشَمَمُ
*
من بين أنقاضها َدوَّت مُزغرِدةً:
يا دارنا نحن من نبني الذي هدموا
*
هذي فلسطين من عزٍّ ومن ظفرٍ
لا تلتقي المــــــوت إلا وهي تبتسمُ
***
شعر: فيصل سليم التلاوي
20/1/2025