نصوص أدبية

جميل حسين الساعدي: تجلّيات الحبّ

(مُهداة إلــى من نعتني بشاعر الحب والجمال الشاعر عبد الستار نور علي، أحد الأسماء البارزة في الشعر العربي المعاصر. أقول له شكرا

وشرفٌ لي أن أكمل مسيرة شاعر الحب والجمال الأول بشارة الخوري، الملقّب بالأخطل الصغير)

***

تجلّي الصمت:

لا تشغليني بالحديثِ لأننـــــي

في الصمْتِ يشغلني الهـــوى الغلّابُ

*

وأرى الجمال َ إذا صمت ُّ مفكّرا ً

إنَّ الحديث َ عن الجمــال ِ حجـــاب ُ

*

إنَّ التفكّر َ في الجمال ِ عبادة ٌ

تجلو الفؤادَ فتُفتــح ُ الأبــــــــــواب ُ

*

الحسْن ُ معنى ً كالمحبّــة ِ ساكن ٌ

أعماقنا لا صـــــورة ٌ وثيـــــــــاب ُ

*

إنّي ليبلغني التفكّـــــر ُ نشــــوةً

أضعاف َ ما تاتــــي به ِ الأكـــوابُ

*

كُثْــر ٌمحـاريبُ الجمال ِ وإنّمـا

الكون ُ كلُّ الكون لـــي محـــــراب ُ

*

سألوا : أأنت ِ حبيبتـــي فأجبتُهـم ْ

بالصمْت ِ، فالصمْت ُ العميق ُ خطاب ُ

*

إن َّ الإجابةَ َ حين َ يفتضح ُ الهوى

عبث ٌ ، ففي بعض ِ السؤال ِ جــواب ُ

*

ولكم أثاروا في غيابــــــي شكّهم

لِم َ قدْ عشقتُك ِ؟ مـــا هـي َ الأسباب ُ

*

إنّـــــــي أحبّك ِ هكــــذا بتجرّد ٍ

معنىً ، فما الأسمـــاء ُ والأنســــابُ

*

في الحب ِّ تنصهر ُ الفروق ُ ويختفي

نَسَــــب ُ الحبيــب ِ وتسقـط ُ الألقاب ُ

*

لا شئ َ غير ُ الحــــــــــب ِّ يجمعنا معــــا ً

إنْ لــــم ْ نعشْـــــــه ُ فإنّنــــــــا أغراب

*

***

تجلّي المكاشفة:

قالت صحبت َ العشْــق َقُلْــ

ــتُ وفيهِ يوما ً مُنتهــايْ

*

فصــــلاةُ عشقي لنْ يكـــــو

نَ وضوؤها إلاّ دمــــــايْ (1)

*

أُمْنيّتــــــي يــا نجمتــــــــي

أنْ تسمعي يوما ً نِـــدايْ

*

أنْ تتركي الفلك َ البعيــــــــ

ــد َ وتنزلـي حتّى سمايْ

*

ما عادَ لي وطـــن ٌ أحـــثُّ إليـــــه ِــ مُشتــــاقا ًــ خُطــــايْ

*

مــا عاد َ لِيْ وطــن ٌ ســوى

عينيـــك ِ أُنبئه ُ أســــايْ

*

في غربتي انطفـــأتْ قنــــا

ديلي أعيدي لي ضحايْ

*

مــا مِنْ حبيــب ٍ قبْل َ هــــ

ـــذا اليوم ِ تحضنه ُ يدايْ

*

لا تسأليني مــــن أنـــــــا

فـــي أيّ أرض ِ مُبتــــدايْ

*

مــا معدنــي ما ملّــــــتي

ما وجْهــتي ما مُبتغـــــايْ

*

أنا نسمة ٌ جذلــى أظـــــــــلُّ كمـــا أنـــا ....هـــذا مُنـــــايْ

*

أنــا مُنْـــذ ُ بـدْء ِ ولادتي

الحبُّ يسكنُ فـي حشــايْ

*

مَنْ يُصْغ ِ لِـي يومـا ً يَقُــلْ

قَـدْ أُنزِلَتْ للعِشْــــق ِ آيْ (2)

*

كمْ مرّة ٍ أصبحْت ُ كهْــــ

ــلا ً ثُم َّ عدْت ُ إلى صبايْ

*

كمْ مرّة ٍ قـدْ مُـتُّ في الــ

ــدنيـــا وأحيــاني هـــوايْ

*

بين َ الورود ِ وِلدْت ُ مِــنْ

نسْــــل ِ البنفسْــج ِ والـدايْ

*

إنْ تعجبي مِنْ سحْر ِشعْـ

ــري في سروري أوْ شجايْ

*

هو َ مِنْ لِسـان ِ الغيب ِ لمْ

يَصْــدَحْ بـه ِ أحــد ٌ ســوايْ

*

لمّـــا نطقــْتُ به ِ سَـرَتْ

أنغــــــامُـــــه ُ في كلّ نايْ

*

وترددتْ أصــــــداؤه ُ

حتّــــى المجرّة ِ يـــا مُنايْ

*

إنّــي أحبّــــك ِ مُرْغَمــــا ً

وإليـك ِ تدفعُني خُطايْ

*

انــا بانتظارك ِ أنْ تقـــو

ليـها ... أتيتُـــك َ يا فتايْ

***

(1) في البيت تلميح الى قول الحلاج وهو على الصليب...

ركعتان في العشق لا يصحّ وضوؤهما إلاّ بالدم

(2) آي جمع آية والآية: العلام

..................

تجلّي الوداع:

ولمّـــا احتوانــا الطريــقُ الطويــــل ُ

وغابَ المطــارُ مـــــع َ الطــــائــره ْ

*

غفـــتْ فوق َ صدري كطفـل ٍ وضمّتْ

يـــــديَّ كعصفـــورة ٍ حائــــــــــره ْ

*

أحبّـــــك َ ــ قالــــــت ْ ــ وأنفاسُـــــها

تطــوّق ُ أنفاســـــي َ النافــــــــــــره ْ

*

لأجلك َ أعشــق ُ نخْـل َ العـــــــراق ِ

وأعشــــــق ُ أهــــــــواره ُ الساحره ْ

*

وأعشـــق ُ مصْر َ لأنّــــك َ فيـــــها

تمجّـــــد ُ آثـــارهـــــا النـــــــــادره ْ

*

صمــتُّ وحــرْت ُ بماذا أجيــــــب ُ

تذكّــــرْت ُ أيّامــــــــي َ الجائــــره ْ

*

تمنيّت ُ أنّـــي نســـــــيت ُ الوجـــود َ

ونفســــي وعشــت ُ بلا ذاكـــــــــره ْ

*

فقلْــت ُ وإنّــي أحبّـــــــك ِ جـــــــدا ً

بكُثْـــــــــر ِ نجـــــوم ِ السما الزاهره ْ

*

مكـــــانك ِ في القلْب ِ يا حلوتــــــي

وليس َ ببغـــــــداد َ والقاهـــــــــــره ْ

*

وخيّــم َ حزْن ٌ علــــــى وجههـــــا

بلوْن ِ غيــــــــوم ِ السمــــا الماطره ْ

*

وقالت حبيبي إذا غبت ُ يـــــــوما ً

فلا تحْسـَــــبنْ  أنّـنــــــــي غــادره ْ

*

ولا تحـــزننْ سوف َ أأْتـــي إليك َ

وتشعــــر ُ بي اننــــــــي حاضــره ْ

*

سيحملنـي الفـــــلُّ  والياسميــن ُ

إليــــك َ بأنفاســـــــه ِ العاطــــــره ْ

*

وســـالت ْ علــى خدّهـــا دمعة ٌ

فضقْـــــت ُ بأفكـــــــاري َ الحائـره ْ

*

نظـرت ُ إليها أريــد ُ الجـواب َ

فردّت ببسمـتهــــا الســــــاخــــره ْ

*

قصــــدْت ُ المزاح َ فلا تقلقَـنْ

خيــــــالات ُ عابثــــة ٍ شاعــــــره ْ

*

أجبت ُ هو َ البحـر منتظــــــر ٌ

يريـــــــد ُ لقاءك ِ يا ساحـــــــــره ْ

*

هنالك ّ في المـــوج ِ نرمــي الهموم َ

وأوهـــام َ أزمنـــــــة ٍ غابـــــــره ْ

*

نخـــطُّ علـــى الرمْل ِ أسماءنـــــا

كطفليْــــن ِ في دهْشـــــة ٍ غامـره ْ

*

ونرشــف ُ في الليل ِ كأسَ الهوى

تســـامرُنــــا نجمــــــة ٌ ساهــره ْ

*

ويوقظنا البحر ُ عنْـــد َ الصباح

فنصغـــــي لأمـــــواجه ِ الهادره ْ

*

ومـــرّتْ على البحْـــر ِ أيّــامنا

ســـراعا ً وعادت بنـــــا الطائره ْ

*

فقـــدْ كان َ هــــذا اللقاء الأخير

فقــدْ رحلـــــتْ جنّتـي الناضــــرهْ

*

وليس سوى الجرْح يحيـــــا معي

كوقْـع ِ  السكاكين ِ فــي الخاصره ْ

****

جميل حسين الساعدي

في نصوص اليوم