نصوص أدبية
جورج عازار: بِالأَمسِ
بالأَمسِ أحببتُ وردةً
كُلَّما كُنتُ أغادِرُ
كانت تَحبِسُ عِطرَها
إلى أنْ يحينَ موعِدُ العَودةِ
*
بالأمسِ تَعَلَّقْتُ بِنَجمَةٍ
ظَلَّت تُسامِرُني طِوالَ الّليلِ
لَكنَّها حينَما
اجتاحتْ عَينَيَّ جُيوشُ الكَرَى
بَعيداً في العَتمةِ
ومِن غيرِ وَداعٍ
عَنّي توارَتْ
لِلمَرَّةِ الأَخيرةِ
*
بالأمسِ تَوَلَّعْتُ بِغَيمةٍ
رسمتُ لها ألفَ صُورةٍ وصُورة
وأرسلتُ لَها
من زَفَرَاتِ الرُّوحِ
ألفَ قُبلةٍ وقُبلة
قاومَتْ غَضَبَ الرِّيحِ
وزَمْجَرةَ الرَّعدِ
حتَّى بِقُربي أكثرَ تَبقى
وحين اشتَدَّ وَطيسُ الوَغَى
تَناثرَتْ فَوقَ وَجهي مَطراً
تَارَةً يَذرِفُ دَمعاً
وتارةً بالصَّبابَةِ يَبوحُ
*
بالأمسِ هامَ فُؤادي
بِبَسمَةٍ
صارتْ شَمسَاً لأيَّامِي
وصِرتُ لَها الوَلُوعَ الشَّغُوفَ
فاكفَهَرَّتْ نُفُوسٌ
وتَجَهَّمَتْ وُجوهٌ
فهَرَعَتْ هارِبةً
وفي أوراقِ الذِّكرى انْدَّسَتْ
تبتغي السَّلامَةَ
*
بالأمسِ نَادَمْتُ دَمعَةً
تَبكي إنْ بَكيتُ
وتَرقُصُ طَرباً
حينَما تَنتابُني فَرحَةٌ
دَبَّتْ الغَيرَةُ في كُلِّ العيونِ
ذاتَ مَرَّةٍ
فصارتْ مِلحاً أسودَ فوقَ خَدِّي
وانطفأَ ذاكَ البَريقُ
*
بالأمسِ مُغرماً كُنتُ بهَمسةٍ
عن كُلِّ ما يَسِرُّني تُفْصِحُ
عَذبَةٌ مِثلُ مَاءِ النَّبعِ
كُلَّما مِنهُ نَهِلتُ إليهِ أَعُودُ
تَعالتْ قَعقَعةُ السِّلاحِ
فَصَامَ النَّبعُ
وصَمَتَ الهَمْسُ
وصارَ سَيِّداً العَويلُ
*
بالأَمسِ وَقَعْتُ في حُبِّ كَلِمةٍ
حُرُوفُها قليلةٌ
إنْ حَضرَتْ
فِردَوساً يُصبحُ الكونُ
وبراكينَ حِقدٍ
حين تَغيبُ يَصيرُ
بينَ شَفتَيها يَضْحَكُ البِرُّ
ويُزَغرِدُ القِسْطُ
أَرهَقَهم بَوحُها
فخافوا نُشُوزَها
فلا أوامِرَ إِفْكِهم أطاعَتْ
ولا للمُخاتَلةِ رَضَخَتْ
وحينَ أعيَتْهُم الحِيلةُ
في أوَّلِ سَاعاتِ الفَجرِ
رَجَمُوها
***
بقلمي: جورج عازار
ستوكهولم- السويد