نصوص أدبية
جاسم الخالدي: طفنا حواليك
وحدي أنادي ودمعُ العينِ ينهملُ
أينَ الذي كان ملءَ البيتِ ينتقلُ
*
أسائلُ الوقت والذكرى تعللُني
ولا مجيبٌ على سؤلي ولا عملُ
*
أمشي وحيدًا وظلّي صار يسألُني
حتى متى يستبيكَ الحزنُ يا رجلُ
*
أمشي وحيدًا سوى حزنٍ تلبّسني
تاهتْ خطاي وضاقتْ حوليَ السبلُ
*
من أين أبدأ، والأيام مقبرةٌ
ومعولُ الدَّهر يشكو ثِقلَهُ الجبلُ
*
يا عالم السر، مازلنا على أملٍ
أن نلتقي ساعةً والجرحُ مندملُ
*
أبكي زمانًا مضى من دونِ نائبةٍ
أبكي زمانًا أتى والقلبُ منشغلُ
*
أمضي إلى القبر لا حيٌّ فيسمعَنِي
ولا أنا بعدَ هذا الرزءِ احتملُ
*
يا أيَّها العيدُ لا توقظ مواجعَنا
فقد سئمناك، هل نروى إذا نهلوا؟
*
يا أيّها العيدُ كم أيقظتَ بيْ أملاً
والآن نحيا ولا من قادمٍ يصلُ
*
جئنا إليك ووسطَ الروحِ متقدٌ
من المشاعر حتّى تاقت المقلُ
*
طفنا حواليك يا من كنتَ تحضنُنا
قد مرّنا القحطُ بعد الفقدِ والخبلُ
*
جئناك والليلُ مخنوقٌ بغربتِهِ
ووحشةُ القبرِ منها يهربُ البطلُ
*
يا وابلَ الغيثِ بددْ حرَّ وحشتهِ
واسقِ الظميءَ نميراً قَطرُهُ خَضِلُ
*
واكْتم شجونًا مضت دهرًا ترافقنا
هيهات يسلمُ منها السمعُ والمقلُ
*
من يخبرُ الحيَّ أن الموت مرحمةٌ
وأنَّهم بعد هذا العمر ما رحلوا
*
إنَّ القبور تنادي من يمرُّ بها
وتسألُ الرائحَ الغادي وتبتهلُ
*
ذكراك يا حسنٌ فينا موطئةٌ
لن تنتهي أبدا ما دالت الدولُ
*
لا تركننَّ إلى الدنيا وقد ضحكتْ
يومًا بوجهكَ فهي المكرُ والحيلُ
*
وقل لمنْ شيَّد الدنيا على أملٍ
إنَّ الممات على الأبواب ينعدلُ
*
يا سيِّدي ليس عندي غيرُ غرفتهِ
أزوره كلَّ يومٍ وهو منشغلُ
***
د. جاسم الخالدي