دردشة رمضانية مع من له القدرة على شم رائحة الفساد ولو من بعيد
موسى فرج..
- تاريخ العراق القديم بدأ من السماوه منذ ما يزيد على أربعة آلاف عام
- أنا عاشق للنزاهة حد الوله واقتفي أثرها كما تفعل الفراشة في سعيها خلف الزهور
- وجاءها في المنام شيخ يلبس الأبيض من هامته الى أخمص قدميه وقال لها: نبشرك بغلام أسمه عيسى أو موسى
- من لا أخوة لها سحقتها سنابك التخلف والاضطهاد
- صحيح آنا ما (شكَيت حلوكَ) لكني كنت أقرب الى موسى اليهودي
- ما جاع فقير الا وبجانبه فاسد قد سرق حقوقه
- العلماني الذي ينادي بفصل الدين عن السياسة هو الفاسد.
قال سلام كاظم في ليلة التاسع من رمضان بعد صلاة التراويح: (كل قصير فتنة والدليل موسى فرج). وقد يصدق هذا المثل كثيرا لو حصرناه بمن اصبح دليلا للفتنة خصوصا ونحن نعيش زمنا فاسدا حد مضرب المثل بعد ان كان الفلاحون في القرى والارياف يضربون المثل بفساد ليلة الشتاء لما تحمل من مجاهيل برد ومطر وعواصف وظلام وسيول وغيرها من المعكرات فيقولون: (افسد من ليلة الشتاء) وبما اننا في زمن فاسد استلم فيه الفاسدون زمام الامور اصبح التعرض لهم او كشف فسادهم هو الفتنة الكبرى وبما ان موسى فرج ولد وفي رأسه (حساس) يشير دائما الى مواطن الفساد اصبح يعني في نظر الفاسدين هو الفتنة الكبرى والتي يجب القضاء عليها.. تعالوا لندردش مع موسى بعيدا وقريبا من انف الفاسدين..
صديقي العزيز الأستاذ الصحفي المخضرم العاشق والأنيق والودود راضي المترفي.. هلا.. وألف هلا.. لكن قبل فتحت الباب ما هذه الـ:" (كل قصير فتنة والدليل موسى فرج)..؟ من أوحى لكم بهذا الانطباع..؟
شوف عيني: آنا من خلال قراءاتي أو سماعي عن الموروث قد وقفت على قولهم: "كل طويل احمق الا عمر وكل قصير فتنه الا علي".. وهو حديث موضوع لا أساس له من الصحة بل هو من بنات أفكار المخيال الشعبي وإلا فإن سعداً الذي فداه النبي بأمه وأبيه بقوله (ص) "ارم سعد فداك أبي وأمي" طويل القامة والدليل انهم اختاروا عزت العلاليلي لتمثيل شخصيته وليس توفيق الدقن.. فهل يعقل إن النبي يفدي أبوه وأمه لأحمق..؟
ولأن الشيء بالشيء يذكر فأتذكر قبل أشچم سنه چنت أتابع التلفزيون السوري وطلع بيه معلق يحاول النيل من حمد جاسم آل ثاني أبو قطر فقال وبالحرف الواحد وعلى الهواء: حمد بن جاسم بن نعجه آل ثاني وأضاف متهكماً عندنا في اللغة العربية يقولون كل طويل أبله.. وكررها ثانية كل طويل أبله.. لكنه أنتبه فجأة فتذكر إن رقبة رئيسه بشار طولها وحدها 70 سنتمتر فاستدرك قائلاً: طبعاً عندنا دكتور بشار الأسد طويل لكنه ذكي..
ومره وفي مثل هذه الأجواء الرمضانيه كانت الحملة الإيمانية في أوج طغيانها وكان عبد الغفار العباسي فقيه الأمة في عهد صدام يقدم برنامجه التوعوي ظهيرة كل جمعه ولثقته بنفسه وبحب صدام له كان لا يهيئ البرنامج مسبقاً إنما يقرأ الرسائل الواردة من المشاهدين مباشرة ويرد عليها على الهواء فحصل إن أحد أبناء الفلوجة قد ارسل رسالة للبرنامج يقول فيها: إن أباه رجل يملك ثروة طائله وله من الأبناء 18 لكن الأب ينفق ثروته في بناء المساجد ويحرم أبنائه منها وهم جميعا مستحقين للزواج ويسعون اليه حتى ان بعضهم يصعد لسطح الدار يتلصلص على بنات الجيران.. فهل ان فعل الأب مطابق للشريعة السمحاء أم انه مجانب لها..؟ فما كان من سماحة الفقيه حتى انهال على الأب لوما وتقريعاً وخاطبه قائلاً: لك قشمر ليش العراق ناقص جوامع..؟ يا هافي البخت حارم الأولاد من الزواج وچماله يباوعون من أزروف التشاريف على بنات الجيران.. وفي هذه الأثناء حانت منه انتباهه للمصور الذي كان يغمز له بعينه من خلف الكاميرا ينبهه الى أن المقصود بالرسالة هو صدام وان ابنائه الـ 18 الذين بالغ بحرمانهم من متطلبات العيش لصالح بناء المساجد في حملته الايمانية هي المحافظات.. ! فما كان من العباسي حتى زاغت عيناه وارتجفت شفتاه وأطرق برأسه طويلاً وعندما رفع رأسه كان أول ما نطق به: الله لا يوفقك يا كاتب هذه الرساله.. ! هسا آنا بالله بيها عليها..
بالمناسبه عدنا واحد من حمايلنا توفت زوجته قبل اشهر وربعه ما كَاموله كَومة خوان وهسا احتمال يباوع على المارات من فتحة مفتاح الباب الخارجي لأن ما بيه يصعد للسطح ويباوع من زروف التشاريف..
نرجع للقصير والطويل.. في لبنان يقولون: كل طويل هبيل "خبل" وكل قصير في الأرض فتنه.. وفي فلسطين يقولون: كل طويل أهبل وكل قصير خبير.. لكنهم في الأردن يقولون: الطويل مثل صابونة الميت منين ما قبضتها تمزط..
ومع إن شيعتنا عندما يدافعون عن علي ع في هذا الجانب فإنهم يستشهدون بما ذُكر عن الحافظ محب الدين الطبري قوله: "وكان عليه السلام ربعة من الرجال يعني لا هو بالطويل ولا هو بالقصير ".. مع ذلك فأنا لا أقول غير ما قاله الغلام الهاشمي في مجلس عمر بن العزيز: إنما المرء بأصغريه قلبه ولسانه.. ويكفيني أن أكون في المنطقة التي يكون فيها علي قصيراً كان أم ربعه وليهنأ غيري بسعد وحفيد سعد وبشار وحمد بن جاسم وذاك الذي منين ما تقبضه يمزط..
أما عن وصفك لي بالذي يشم رائحة الفساد ولو على بعد ألف ميل وطسه ، فأختلف معك كثيراً في هذا الجانب فأنا عاشق للنزاهة حد الوله واقتفي أثرها كما تفعل الفراشة في سعيها خلف الزهور وكاره للفساد كرهي للظلم ورائحته الكريهة تستفزني بوحشية مع فارق طفيف هو ان الفراشة في سعيها خلف الزهور عندما تصطدم رائحة الفساد بأنفها الدقيق تتجنب المنطقة الموبوءة فتطير بخط متعرج بغية الوصول الى غايتها في حين أني بشر وقد حباني الله بامكانات كبيره ولا يليق بي سلوك الطرق المتعرجة بل مواجهة مصدر السوء والاشتباك معه بإصرار ودون كلل، وما معاداتي للفساد إلا حباً بالنزاهة والدفاع عن قيم النبل..
وأما عن قولك:" وبما اننا في زمن فاسد استلم فيه الفاسدون زمام الامور اصبح التعرض لهم او كشف فسادهم هو الفتنة الكبرى وبما ان موسى فرج ولد وفي رأسه (حساس) يشير دائما الى مواطن الفساد اصبح يعني في نظر الفاسدين هو الفتنة الكبرى والتي يجب القضاء عليها.. "
بما أني اسكن على مرمى حجر من مملكة جلجامش وموطن ملحمته الشهيرة "أوروك" فدعني استعير بعض مما جاء فيها.. تقول القصة: "إن خومبابا كان بمثابة الشر في الأرض وكانت ألسنة اللهب تندفع من فمه، وتجلب أنفاسه الموت" لسكان الغابة والمناطق المحيطة بها، لكن جلجامش ومعه انكيدو وبمساعدة الإلهة شمش إلهة الشمس والعدل تمكنا من قتل خمبابا الشرير.. العراق المعاصر لم يتسن له مثل جلجامش وانكيدو لمواجهة خمبابا الشرير الذي إلتهم معظم الرجال بدلاً من ذلك استعانت آلهة العهر عشتار لتستجلب الثور الأسطوري من خلف المحيطات لينشر الموت والرعب والفزع في ربوع موطنها..
المترفي: رمضان كريم..
موسى: كريم ولكن على طريقة محمد عبده القائل عندهم مسلمين بدون اسلام وعندنا اسلام بدون مسلمين.. فرمضان كريم بما ميزه الله عن بقية الأشهر لكني لم اسمع عن احد من أولي الأمر عندنا من الصائمين القانتين من فعل مثلما فعل علي بن يقطين الذي تخلى عن متاعه وراحلته على مشارف بغداد لأرملة فقيرة كانت تلتقط من القمامه ما تسد به رمق صغارها وعاد دون أن يكمل رحلته التي بدأها قاصداً حج البيت المعمور، انما الذي بلغني هو أن 50 مليار دولار أمريكي راحت على بعضهم من جراء اعلان افلاس الجهاز المصرفي اللبناني وربما مثل ذلك حصل في أوكرانيا..
المترفي: هل انت يهودي؟
موسى: في ريفنا العتيد أيام زمان كانت المرأة تقبع في قعر أكثر الفئات هشاشة، وعزوة الزوجة اخوتها فمن لا أخوة لها سحقتها سنابك التخلف والاضطهاد، حتى تبلغ الزوجة من العمر عتيا وتصبح جده فتتحول الى ملكة متوجة بروس
"الچناين" فيخطب الأبناء رضاها ابتغاء للجنة التي تقبع تحت أقدامها ويتراجع سعر الأب في البورصة الى أدنى مستوياته إلا "النچر" منهم.. وحصل ان أمي كانت العينة المثلى لهذه الحالة فكانت يتيمة الأبوين لها أخ واحد اسماعيل مات وهو في مقتبل شبابه فكانت تتقاذفها سنابك خيول التتر من أبناء عمومتها وكان النواح على الأخ الحامي ديدنها وتجري خلف كل مناسبة وفاة في المنطقة لتشبع غليلها بكاء ونواحاً على أخيها وليس على المتوفى صاحب المناسبه وحصل ان احد الشيوخ من عشيرتنا توفاه الله فسارعت أمي لحضور المأتم للنواح على شقيقها وليس الشيخ المتوفي.. وعندما لاحظت بنت المتوفي ان أمي قامت بالواجب وزياده وانها بالغت حتى كادت تختنق بعبرتها انحنت عليها قائلة: هذا أمر الله يخيتي وكفيتي ووفيتي.. فرفعت أمي رأسها وصوبت عينيها المخضلتين الى عيني بنت الشيخ قائلة بكبرياء وشمم: چا آنا أبچي على أبوچ..؟! أبوچ حظ دبان..؟ آنا أبچي على أخوي فأسقط بيد المرأة الثلاثينية بنت الشيخ الذي اختاره الله الى جواره..
في تلك الأجواء المحيطة بأمي والتي تنتظر الغيث والفرج بقدوم الأخ الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد ما مُلئت جوراً كانت أمي حاملاً بي وجاءها في المنام شيخ يلبس الأبيض من هامته الى أخمص قدميه وقال لها: نبشرك بغلام أسمه عيسى أو موسى.. فردت عليه بعجالة: لا يمولاي أشصخم بعيسى هذا اللي اذا سطره واحد على خده يدير له خده الثاني ويكَله أخذ بعد.. آنا اريد موسى اليشكَ حلوكَ فدوه أروحلك وأخليه يصير قاري على الحسين..
وبعد أشهر وفدت الى الحياة فخيبت أملها لجهة أن أكون روزخون لكني والحق يقال طيبت نفسها لجهة مشاكستي لأبناء عمومتها بما فيهم أبي رحمه الله ولم يبقى منهم فرداً الا وشيعته الى دار حقه وهو لا يحتفظ من صورتي في نفسه إلا الازدراء والعنت.. صحيح آنا ما شكَيت حلوكَ لكني كنت أقرب الى موسى اليهودي من عيسى أبو خد وخد وهذه يهوديتي..
المترفي: من هو فرعونك؟
موسى: وداعتك من فتحت عيني على الدنيا لم يتناه الى علمي همساً وانما كنت اسمع ذلك وعلى نطاق واسع من أبي وأعمامي ان شيخ عشيرتنا وكان طاغية وأرعن قد مرَّ وأتباعه يوما على جدهم وهو يقلّب بيدر الحنطة تمهيداً لدرسه فقام الشيخ وأزلامه بتوجيه إهانة منكرة لجدي لا لذنب إلا لأنه عزيز النفس ولا يخضع له وتمادى الشيخ وزبانيته يومها حتى انهم حلقوا جانب من شاربه.. وعندما عاد الى بيته كسيراً وتحلق عليه أبناءه يستقبلونه بعد يوم عمل حافل بالعناء تمتم بينهم: لو كنتم بنات وزوجتكم لكان اليوم نسابتي ياخذون ثاري من الشيخ.. فما كان منهم إلا ولبسوا عبايات نسائيه وتسللوا الى ديوان الشيخ تحت ذريعة البحث عن شاة مفقودة لهم وبعد ان اقتربوا لمسافة أمتار عن الديوان اتخذوا وضع البروك واخرج الأوسط منهم بندقية والده نوع أم فتيله وكانت مهيأة للإطلاق وصوب على منطقة ما بين الحاجبين في وجه الشيخ فأرداه قتيلاً في الحال.. وكان من جراء ذلك أن يجلوا لبضعة فراسخ بعيداً عن سكن الشيخ ومن ثم تم حل القضية بدفعهم الدية لأهل القتيل وكانت سبع أو ثمان نسوه فصليات ومعظم جداتي انتهكت حقوقهم المدنية من جراء ذلك ولعبت بطروكَهن الزلم.. وبعد ذلك غصب جدي المشيخة عنوة مثلما فعلها معظم حكام العرب أبان النصف الثاني من القرن العشرين فدخل التاريخ من باب كتاب عشائر العراق الذي ألفه المؤرخ والمحامي عباس العزاوي بوصفه شيخ العشيره..
ومن طرائف حياة جدي هذا الذي يحمل اسم راضي وهو نفس اسمك المبارك أنه عندما يدخل الى مجلس ويفسحون له المكان يرسل طرفه سريعاً لمعرفة وجود خصم على يمينه او يساره فإن رصد خصماً رفض الجلوس على يمينه ويصر على جلوسه على يساره، وعندما سألوه عن سبب اصراره على ذلك قال لهم "ألوَّح للدچه " ويقصد أنه وتحسباً لتطور الحال الى حرب مفاجأة فإن جلوسه على يمين الخصم يعيق استلاله لخنجره وغرسه في خاصرة غريمه بينما اذا كان يجلس الى يسار غريمه فإن مهمة سحبه لخنجره وغمسه في خاصرة الخصم أسهل ولا تحتاج الى وقت طويل..
المترفي: كيف تهتدي مجساتك الى مواقع الفاسدين؟
موسى: مرات كثيرة قلتها يا صديقي مخاطباً الفاسدين في العراق قائلاً: لو كان حال الناس عندنا معاشياً وخدمياً مثلما هو عليه حال الناس في الكويت أو في قطر أو الامارات فعاتبوني لو سمعتم مني أي تقريع لكم بسبب الفساد ولكن أن يفتقد الناس في بلدي لما يسد رمقهم ويلفهم الحرمان من الدواء والخدمات والمدارس ويكتوون بالبطالة وانتم تسرقون أموالهم وتغتصبونها فذاك هو الذي لا استطيع معه قعوداً أو التوقف عن مقارعة الفساد إن بالفعل أو القول وقد كتب أحد الصحفيين العراقيين المرموقين يوما: "موسى فرج لا يهمه في مقارعته للفساد إن وقع على صخرة الحق أو وقعت صخرة الحق عليه".. فأنا لست متاجراً بهذا أو هاوٍ انما يكفيني ردم الهوة في تمتع العراقيين بخيرات بلدهم وهذا كل ما في الأمر..
المترفي: هل للفساد رائحة؟
موسى: ما جاع فقير الا وبجانبه فاسد قد سرق حقوقه فأسأل عن الفقير والمحروم والعاطل عن العمل تعرف الفساد وتجد الفاسدين أخي الكريم هل تعلم إن موازنات العراق السنوية تحتل المرتبة الثانية بعد الموازنة السعودية كأضخم موازنة في المنطقة العربية وشمال أفريقيا وهل تعلم إن حجم الموازنات السنوية في العراق يفوق موازنات خمس من الدول المجاورة في حين تفوق معدلات الفقر في العراق معدلاته في كل الدول الخمس مجتمعة.. وهل تعلم ان حجم الايرادات النفطية للعراق للشهر الفائت وحده أكثر من 11 مليار دولار أمريكي وهو ما يفوق الموازنات السنوية للأردن وفلسطين مجتمعتين ولسوريا ولبنان مجتمعتين أفبعد هذا تسألني عن رائحة للفساد..؟
المترفي: ماهي المسافة بين الشيخ والراعي؟
موسى: ألم أقل لك إن والدتي كانت مشروع فصليه من بين الفصليات اللاتي بذلها أجدادي كدية عن قتلهم الشيخ المرحوم لولا انها كانت بنت أخت الشيخ فقالوا حينها: بنت أختنا تحسب على المعسكر الصديق ولا يمكن ان نقبلها فصلية نسعى للانتقام منها ثأراً لفقيدنا ولولا ذلك لكنت اليوم ابن شيخ واحتمال ألبس عباءه شغل الحي مثل عباءة حمودي الكناني لكنها مزينة بالكَلبدون..؟ الطريف بالأمر أن حفيد المرحوم وكان رحمه الله صديقي وشيخ عشيرتي تنبه في السنوات القليلة التي سبقت عام 2003 الى قضية النقص في تأدية أجدادي لدية جده فطالب بأختي تعويضاً عن أمي فما كان مني الا وقد أغرت بحركة التفافية بالغة الدقة على بنت أخته وتزوجتها فتغديت به قبل ان يتعشى بي..
لقد عاصرت الجيل السابق من شيوخ العشائر في المثنى وكانوا في معظمهم أفذاذ وأدركت الجيل الحالي من شيوخ العشائر في المثنى فتحديت يوماً ومن على شاشة احدى الفضائيات أي منهم يزعم أنه بلغ كاحل أباه.. أنا لا أكره الشيوخ بل أكره منهم المتسلط والفاسد وهذه هي المسافة بيننا بوصفي ما زلت احمل في بطاقة الأحوال المدنية خاصتي وفي حقل المهنة بالذات "راعي"..
المترفي: ما رأيك بمن يستطيب الترمل وهو قادر على الزواج؟
موسى: شوف عيني خوب آنا حداثوي وتقدمي ومناصر لقضايا المرأه منذ نعومة أظافري وبتأثير مباشر من أمي التي كانت تلقنني مظلوميتها من الرجال قساة القلوب كما يلقن رجال الدين الشيعة مظلوميتهم من الحكام الجائرين لكن المفارقة هي ان أمي عندما شعرت بتحقق العدالة لها من الرجل باتت راضية وغمرتها السعادة وانقطعت عن ممارسة عادتها القديمة بالذهاب الى فواتح الناس كي تبكي أخاها وتنتظر الموعود الذي يأخذ بثأرها منهم ، في حين ان هؤلاء الأدعياء من بعض رجال الدين الشيعة باتوا هم الحاكم بأمره فاستباحوا كل شيء الى الحد الذي انقلبت فيه مقولتهم العتيدة "تالله ما فعلت بنو أمية معشار ما فعلت بني العباسِ" عليهم هم بالذات فصاحت الناس منهم الويل لأن كل ما اجترحه الحكام خلال الأزمنة الغابرة لا يعادل ما اجترحه ساستهم وحكامهم ومع ذلك ما زالوا سادرين
بسرد مظلوميتهم من الحكام الجائرين.. مع ذلك ورغم اصطفافي المبدئي مع قضايا المرأة لكني أرفض ثلاثاً وأؤيد واحده..
أرفض خلو حياتي من المرأه رفضاً قاطعاً لأهميتها القصوى في حياتي ومن يطلب مني الصبر على فراقها أسبوع عليه أن يخرج سمكة من الماء لأسبوع ويخبرني إن كانت باقية على قيد الحياة ، وأرفض المعاملة الخاصة للمرأه بوصفها العنصر الأضعف فلا أؤمن بالكوتا بتاتاً بل أقف بجانبها على طريقة " بدلاً من أن تمنحها سمكة أعطها سنارة وعلمها فنون الصيد واطلب منها نتائج"، وارفض توقف الحياة للزوج أو الزوجة من جراء الترمل أو أي شكل من أشكال الافتراق حتى أن صديقي الأرمل عندما شاورني يريد رأيي قبل اسابيع بوضعه الراهن قلت له: كل اليصير وياه مثل الصار وياك وماعنده غيرها يتصخم وجهه ووجه الخلفوه.. قال ألا يعد ذلك ذكورية فجة من جانبك..؟ قلت ابداً لأني أؤمن بتكافؤ الفرص.. هيه همين لا بأس ان تحط عينها بحياتك على واحد بس مو تروح ويّاه زايد واذا حاول اغواءها تقول له: اريدك للشده يا الغالي.. ومن يتصخم وجهها ووجه الخلفوها تروح عليه وتكَله كَوم ليا هذا يومك..
أما الحالة التي أؤيدها في من يستطيب الترمل وهو قادر على الزواج فهي الحالة التي افتى بها المرحوم المهداوي في محكمة الشعب عام 1959 يوم سأل احد أركان الحقبة الملكية عن عمره فأجابه خمسين.. وعندما سأله عن الحالة الاجتماعية له وقال أعزب لحظتها انتفض المهداوي كمن لدغته عقرب فصاح في وجهه قائلاً: كل من تجاوز الأربعين ولم يتزوج فإنه شاذ.. لكن ماجد محمد أمين بادر لتنبيهه بشأن أمر حساس فاعتدل المهداوي سريعاً في جلسته وجاء صوته مجلجلاً: إلا الزعيم الأوحد فقد تزوج الثوره.. هسا يابه اذا صاحبك اللي "يستطيب الترمل وهو قادر على الزواج" بيه يفجرها ثوره بوجه طغمة الفساد والمحاصصه عمي نقبله ونؤيده ليمضي عمره بيننا بتولا ويلق ربه دون أن يمسسه بشر..
المترفي: هل سبحت ضد التيار؟
موسى: يمكن سنتين أو ثلاث كنت خلالها من ضمن التيار وهي سنوات عبد الكريم قاسم وفيما عداها كل سباحتي ضد التيار ليومك..
المترفي: ماهي اهمية الاطار؟
موسى: ان كنت تقصد التيار التنسيقي فأهمية انبثاقه تكمن في ان ذلك يشكل بداية تهشيم أطر المكوناتية والطائفية والمحصصاتية في العراق إن استمر التعتعت بينه وبين التيار.. ورغم إن قولي هذا يزعج القائلين بالمذهب لكن بعض العلاقات علاجها في هدمها على رأي فيكتور هيجو ونأمل أن تنحو "المكونات" الأخرى هذا المنحى أيضاً ايذانا للمباشرة في بناء صرح المواطنة والعراق الواحد ولو استغرق انجاز ذلك عقوداً بسبب الركام الهائل الذي يتعين رفعه من على وعي الناس..
المترفي: على ماذا يبكي يحيى السماوي؟
موسى: يحيى.. طال بكاءه يا حبة عيني كثيراً، أبان انتفاضة آذار 1991 ضد دكتاتورية وقمعية واستبداد نظام صدام فلن أنس هيئة يحيى وهو يلوح بقميصه في الهواء صارخاً: اخلعوا قمصانكم الحزبية والتئموا على العراق.. ولكن بدلاً من أن يتحقق له ذلك جاءت السنوات لتفصح عن جبب طائفية وشراويل عرقيه ويشاميغ عشائريه ودشاديش مناطقيه الى جانب بقاء القمصان الحزبية يلتفع بها عشاقها.. فامتد بكاء يحيى وطال أمده لكن عزاؤه بوجود الطيبين من ابناء بلده العراة الا من حب وطنهم وشعبهم..
المترفي: لمن يكتب صالح الطائي؟
موسى: بل قل الأثير والنبيل والمفكر التنويري الدكتور صالح الطائي العائش في غير زمانه وجريرته أنه يدعو لربه وعراقه وقيمه بالتي هي أحسن في وقت يتسيد فيه السراق والقتلة وقطاع الطرق ولا يفيد منهج الدعوة بالتي هي احسن لكني ألحظ ان تحولاً طرأ عليه فقد بات مواجهاً السوء عنيداً وكثيراً ما يردد الآية الكريمة: فبأي آلاء ربكما تكذبان..؟يولاد الوسخه..؟
المترفي: على ماذا (يون) حمودي؟
موسى: في وصيته لنجله الحسن قال علي ع ليلة استشهاده "أحب لأخيك ما تحب لنفسك" حمودي الكناني أنا أحب له أن ينسجم مع تسميتي له ابو عليا.. ليأخذ سهمه من بين فكي الذئب لكنه يأبى ذلك ويصر على اعتماد منهجه المسالم مغلفاً ذلك بنزعة وفائيه عقلائيه مستهلكاً ذاته مثل شمعة تذوب ويترفع عن قرص هذه أو تلك من النسوة اللاتي يتجاذبن الدراميات معه وأيضا يرفض أن يكون انتهازيا كما يريد له العزيز سلام كاظم فرج ذلك فيحل الثوب عن نهدي محدثته على ان يختارها خمسينية فاح الألق من عينيها.. وان يعلق في صدر مهجعه قوله طاب ثراه: حزن اليموت اسبوع وحزن العدل دوم..
المترفي: هل انت تدري او مثل الدكتور لاتدري؟
موسى: لو ما أدري چان انفرت مرارتي مثله بس آنا أدري شوَّكت آكل دسم وشوَّكت أحجم..
المترفي: لماذا يمارس الاختفاء سلام كاظم؟
موسى: الله يطول بعمر أختنا الأديبه سنيه عبد عون فقد يكون لها في ذلك رأي.. لكنه أخبرني انه في هذه الأيام مهتم بالحديقة وكنت قبل ذلك أحسب أني بين القلة في هذا المنهج وأنا أؤيده في هذا بحراره بعد إن وقفت على ديدن الناس خارج البيوت هذه الأيام فوجدته لا يتعدى التكنك بالموبايلات..
المترفي: من هو الفاسد؟
موسى: في أوساط الفقه الاسلامي بعضهم ذهب الى إن خروج المرء على الحاكم عادلاً كان أم جائر فساد ومن يرتكب تلك الكبيرة فاسد وبعضهم ذهب الى ان شارب البيرة هو الفاسد وفريق ثالث قال العلماني الذي ينادي بفصل الدين عن السياسة هو الفاسد والأنثى التي لا تلبس الحجاب هي الفاسدة.. وفي أوساط الفقه في ربوع الرافدين يعتبرون من يحلق لحيته مثلك ومثلي بالموس فاسق وآخرين اعتبروا الفن والرسم والنحت والموسيقى هي الفساد ومن يزاولها فاسد وبعضهم اعتبر عدم لبس الحجاب بالنسبة للمرأة فساد فهي فاسدة.. لكن كل ذلك خزعبلات وعاظ السلاطين فالقرآن الكريم حدد الفاسد بقوله: "اذا تولى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد"، وأراد من الانسان أن يكون سلوكه نقيض سلوك الفاسد فأصدر أمره الحاد والحازم والقطعي: "فاستقم كما أُمرت.. "
وبالنسبة لي الفاسد هو من يجنح عن الاستقامة في الفعل والقول وسواء تم تجريم الفعل أم لم يجرّم..
المترفي: كيف تصنع مقالبك؟
موسى: عندما أحب شخصاً أقالبه وسواء عندي أكان الشخص ذكراً ومقالبته تكون بالمزاح المحبب أو أثنى ومقالبتها تكون بطرق تكنيكية أعمق..
المترفي: عندما دخل الانكليز العراق قاد اهل السماوة الثورة.. لماذا لم تكرروا فعل اباؤكم مع ابناء العم سام؟
موسى: يوم 9/ 4/ من كل عام يتصاعد الخلاف ويحتدم الجدل بين العراقيين فالبعثيين وانصار صدام ونظامه يرون فيه يوم احتلال العراق ليس الا ويتجنبون النظر الى انه يوم سقوط نظام صدام الدكتوري القمعي الدموي المستبد أيضاً وهؤلاء يشجبون المناسبة ،وبين الغالبية العظمى من العراقيين الذين يرون فيه يوم سقوط نظام صدام الدموي القمعي المستبد الذي استباح كرامتهم ودماءهم وارواحهم وسحق حريتهم ومستقبلهم وتسبب في تهشيم بلدهم وفتح مصراعيه للإحتلال.. فهم يحتفلون بالمناسبة باعتبارها يوم الخلاص والانعتاق من ربقة نظام قمعي قاتل مستبد جائر.. فإذن الفيصل بين الفئتين ليس العراق كما يدعي كل منهما بل نظام صدام أنا من بين الذين ينظرون الى الأمر من زاوية مختلفة فأرى فيه يوم سقوط نظام جائر ظالم ويوم احتلال غاشم فأنظر لهذا الجانب على حقيقته وانظر لذاك الجانب على حقيقته أيضاً.. وكنت مره قد كتبت في يوم 9/ 4 مستعيراً حالة واجهتها شريحة من العراقيين وهم تحديداً الأيزيدين عندما احتلت داعش ديارهم فواجهوا منهم القتل والسبي وانتهاك الكرامة والأعراض والدمار وتساءلت يومها: لو ان تحرير الايزيدين من داعش جاء على يد الامريكان أو الاسرائيلين في تلك اللحظة هل يكون موقف الأيزيدين رفضه بحجة ان الخلاص لم يأتي بفعلهم المجرد وحده أم انهم يفرحون بانعتاقهم ويعدون العدة للعودة الى قراهم وتعميرها ومواصلة حياتهم من جديد بعيداً عن داعش والطرف الذي حررهم من داعش.. موقف العراقيين عموماً بعد يوم 9/ 4/ 2003 كان يجب أن يكون هكذا لكنهم ابتلوا بالانحشار بين حجري رحى حجر البعثيين وانصار صدام الذين لا يشفع لهم إلا فساد ومحاصصة وفوضى الحكام الجدد وحجر حكام الفساد والمحاصصة والفوضى الذين لا يشفع لهم إلا سوء ودموية واستبداد ودكتاتورية صدام ونظامه..
فالناس في السماوة يا صديقي شأن الغالبية العظمى من العراقيين كان وضعهم يوم 9/ 4/ 2003 مماثل لوضع الأيزيدين أبان احتلالهم من قبل داعش.. كانوا يتوقون للخلاص ولكن كان عليهم وكل العراقيين ألا يستسلموا كلياً للفساد والمحاصصة والفوضى بل يبادرون للانخراط في بناء نظام الحكم الصالح في العراق.. وهذا مالم يحصل مع الأسف حتى تغول نظام الفساد والمحاصصة والفوضى وباتت معالجته شبه مستحيله..
المترفي: هل (صوفتك حمره) حقيقه او صبغ؟
موسى: أنا أعشق النبل والجمال في السلوك والطبيعة والأنسان والنبات وأحب الحياة ومغرم بالثقافة وأذوب في المرأه المتوازنة جميلة الخُلق والخلقه ولا أطيق المرأة سيئة الطباع.. وأنا مجبول على التمسك بسجايا محدده: انساني لا قومي ولا طائفي ولا عشائري ولا مناطقي ولا فئوي، منفتح وغير منغلق، تقدمي وليس رجعي، حقيقي وليس مظهري، ودود وليس ذيلي، مولع بالإباء حد الخبل وأمقت الظلم والسلطوية وأميل الى المجابهة وأمقت الإذعان.. لا أدعي إن ذلك متوافر كله فيَّ لكني متمسك بأهدابه تمسك الغريق بـ كَشايه..
مره كنت وصديق لي نتجاذب أطراف الحديث في احدى المقاهي في السماوة واراد أن ينتقدني ولكنه كان متردد حباً بي أو تجنباً لردة فعلي فقال متمتماً ومتعتعاً بعد تردد: أنت تدور طلايب.. فضحكت حتى أدمعت عيناي وقلت له: شوف أبو علي وداعتك هسا أحنا مو كَاعدين على هاي القنفه نسولف..؟ أفرض ثنين كَاعدين بالقنفه المجاوره وأحدهم يشكو لصاحبه من ظلم وقع عليه وسمعته، وداعتك أعوف السوالف وياك وأكَوم يمه أسأله منو الظالمه فاذا تبين أنه شخص فرد أكَله كَوم وانا وياك نكَدرله يكَدر علينا مو مهم.. واذا الظالمته سلطه "بوكتها صدام" وبهاي الحاله ما نكَدر عليها أكَله ألك عندي أشتّم بيها مناه لمثل هيچي وكت باچر.. وهذه الخصلة سجلتها عني رسمياً هيئة النزاهة قبل أن أكون رئيساً لها في تقريرها الموجه الى رئيس الحكومة والخاص بتقييم المفتشين العموميين يوم
كنت مفتش عام فقد كتبت أمام اسمي عبارة: جيد جداً ولا يجامل.. وكانت أعلى درجة تقييم بينهم..
آنا هاي صوفتي حمرا خضرا ما أعرف.. أنت شلون تصنفها براحتك..
استدراك.. طبعاً آنا أعرفك عليمن تبحث.. تريد تعرف انتمائي السياسي تحديداً ومن عظمة لساني وحتى ليروح بالك أني اتهرب من الإجابة على سؤالك أقول لك الآتي: بسنة 1960 وكنت في الثالث الابتدائي ويومها التنافس بين الشيوعيين والبعثيين على اشده والمعلمين من كلا الطرفين يتعاملون معنا نحن التلاميذ تعاملهم مع الطين الإصطناعي كل يريدنا على الهيئة التي يريد كان واحد من المعلمين طويل القامه مثل بشار الأسد وشايل خيزرانه أطول مني من يطلع من الإدارة بعده بالممر قبل لا يدخل لصفنا يباشر بترديد قصيدته المعتاده " بلاد العرب أوطاني من الشام لبغدان ومن نجد الى يمن الى مصر فتطوان.. " ويثبرنا شفته العليا طايره ولازكَه بمناخيره ويضرب بالخيزرانه على السبوره فأمتعض منه أيما امتعاض.. بالحصه الوراها يجينا معلم ودود حبوب هيئته تشبه هيئة عبوسي بمسرحية تحت موس الحلاق يبدأ على بركة الله: صداقه سوفيتيه ويا الصين الشعبيه.. ضد الاستعمار.. أصبحنا أحرار.. سجل يا تاريخ.. فيأسرني المعلم بسلوكه الودود وكلماته.. بعد إن رن الجرس لانتهاء الحصة ألتفت الى زميلي نزار الذي يشاركني الجلوس على الرحله الخشبية وسألته: أنت شنو..؟ كَال بعثي.. سألته ليش..؟ كَال مو أبوي بعثي.. النوب هوه ألتفت عليَّ وسألني: وانت شنو..؟كَلتله شيوعي.. كَال ليش..؟ كَلتله هذا ابو تطوان ما أحبه.. ومن يومها وانا انتمي للسجايا والخصال وليس المسميات ويساري على طول الخط وما بدلت تبديلا.. وصوفتي بينتها وانت وضميرك..
المترفي: السماوة تتعرض لحملة من ابناء الــ.. لماذا؟
موسى: لم ألتفت حقيقة الى تلك "الحملة التي تتعرض لها السماوة من أبناء الـ.. " بما يكفي ولكني قرأت بعض الردود عليها وهي تشيد بالسماوة وأهل السماوة من عراقيين ينتمون الى محافظات مختلفه، لكن الذي آلمني حقاً هو تعليق لأحدهم لا أدري هل هو مجرد قارئ ومراقب أم انه احد عناصر تلك الحمله والذي تساءل فيه قائلاً: اذا كان أهل السماوة كما تصفون لماذا تتصدر محافظات العراق في الفقر والحرمان والبطالة وانعدام الخدمات..؟ وفي هذه الحالة لا أجدني منساقاً للتغني فقط بخصال السماوة وأهل السماوة المعروفة لكل العراقيين من حلو المعشر والثقافة والكرم والإباء والتاريخ التليد لكني أحاول إنكاء الجرح لعل القوم يستفيقون..
منذ ما يزيد عن 10سنوات قلت في الفضائيات وكتبت في وسائل الاعلام مسلطاً الضوء على الظلم الفادح الذي لحق بالسماوة واهلها سواء كان ذلك الظلم صادراً من الحكومة المركزية أو المحلية بحقها وأهلها مستنهض فيهم روح الشمم والإباء التي طبعوا عليها فأشرت الى الآتي:
أولا: مكانة السماوة وسبق فضلها:
1. تاريخ العراق القديم بدأ من السماوه منذ ما يزيد على أربعة آلاف عام وهذه الوركاء "أوروك" على مرمى حجر تُسمِع من به صمم..
2. تاريخ العراق الحديث بدأ من السماوة وحاضنتها المثنى منذ ما يزيد على المئة عام ونيف في ثورة العشرين وهذه الرميثه والسوير وحسيچه ومحطة قطار السماوة تشهد وتُسمع من في سمعه وقرُ..
3. بعد عام 2003 المثنى هي السباقة في خلع رداء الاحتلال عنها فهي أول محافظة من محافظات العراق تسلمت الملف الأمني وغادرتها القوات الأجنبية..
4. السماوة كانت محطة انطلاق لأحرار العراق طيلة النصف الثاني من القرن العشرين الى نكَرة السلمان وهي محطة استقبال قطار الموت الرهيب عام 1963 الذي حشر فيه خيرة احرار العراق والذين أريد لهم الموت فيه اختناقاً..
5. والسماوة رفدت العراق كل العراق بمواقف أبناءها في الإباء والشرف والرجولة وبكل ما هو جميل من ثقافة وأدب وفن ونبل وكرم وطيب المعشر حتى ان المقولة الأكثر تداولاً عنها إن من يفد اليها من موظفي الحكومة منقولاً يبكي من جراء بعدها ولهيب صيفها لكن الذي يفارقها عائداً يبكي أيضاً ولكن بحرقة أكثر لأنه سيفارق طيب المعشر والنبل والشهامة وكرم الأخلاق الذي يتجسد في سجايا وسلوك أهلها..
ثانياً: لكن السماوة وحاضنتها المثنى نكبت بعد عام 2003 أيما نكبه وباتت:
1. تتصدر محافظات العراق في معدلات الفقر والحرمان والبطالة وانعدام الخدمات حتى بلغت نسبة الفقر على مستوى المحافظة 52% وعلى مستوى الريف 75%..
2. لم يذكر اسم المثنى تحت قبة البرلمان وعلى مدى 10 سنوات قط..
3. اذا كان بعض من أبناء وبنات الـ.. قد تنمر على السماوة في الأسابيع الأخيرة فإن رئيس البرلمان العراقي محمود المشهداني سبق الجميع الى ذلك عندما قال متهكماً بمناسبة تسمية أحد احزاب المحاصصة لعضو بديل من ديالى حل بديلاً عن عضوة مجلس نواب متوفاة من السماوه فقال المشهداني متهكما: اذا زلم ماكو بالمثنى نسوان همين ماكو تعوضون التموت من نوابها بواحد من ديالى..؟؟
ثالثاً: من ارتكب الخطيئة بحق السماوة..؟
1. احزاب المحاصصة أهملت السماوة وحطت من قدرها لا لسبب انما فقط لأن عدد نوابها قليل قياساً بالمحافظات الأخرى فبخسوا قدرها ولم يحترموا مكانتها وتاريخها ففقدت فرصتها من جراء غلبة الكثرة على الشجاعه حتى ان نوري المالكي وفي ذروة الترويج لانتخابات عام 2014 وضع هو والشهرستاني حجر الأساس لمصفاة نفط في كربلاء بكلفة 6 مليار دولار وفي نفس اليوم اصدر قرار بإلغاء مصفى النفط في السماوه والديوانيه فقلت وقتها "وقولي موثق على أكثر فضائية" المثنى أولى لأنها تملك مصفى منذ عشرات السنين والخبرات متوفرة فيها أكثر من غيرها ثم ان كربلاء فيها معدلات الفقر والبطالة أقل فلماذا يُبخس حق المثنى..؟
2. الحكومة المركزية: قلت تكراراً وفي لقاءات متلفزه ان الحكومة المركزية تمارس التعسف بحق المثنى وتسببت في افقارها لأنها بتخصيصاتها الشحيحة للمثنى تخالف الدستور الذي نص على ان التخصيصات توزع بين المحافظات طبقاً لعدد السكان زائداً المحرومية وليس عدد السكان فقط وما دامت المثنى تتصدر بقية المحافظات في معدلات الفقر والحرمان والبطالة فإنها تستحق تخصيصات بنسبة مضاعفه ولكن لم يلتفت الى ذلك أحد..
3. سبب عدم اهتمام الحكومة المركزية بالمثنى والسماوه هو تركيبة اعضاء مجلس النواب المحسوبين على المحافظة فولاءهم محسوم لقيادات أحزابهم في بغداد وليس لأهل المثنى ولم اسمع نائباً عنها استقال احتجاجاً على تفشي الفقر والبطالة فيها..
4. الفساد والفشل في الحكومات المحلية المتعاقبة في المحافظة..
5.توزع شيوخ العشائر في الولاءات لقيادات أحزاب السلطة بدلاً من الولاء لمحافظتهم وابناء عشائرهم خلافاً لمنهج آباءهم.
6. حتى المثقفين من ابناء المحافظة كثيرون منهم بات يغلب انتماءه العشائري على انتمائه للمثنى والسماوة ومع ان الانتساب الى العشيرة لا يشكل حالة مستنكرة ولا مرفوضة ولكن فرق بين ان تقول أنا مسلم من المذهب السني او المذهب الشيعي وبين أن تقول سني أو شيعي مغلبا الفرع على الأصل..
فإذن نصرة السماوة بوجه المتنمرين عليها لا تكون بتعداد فضائلها فقط بل معالجة الداء الذي أتاح للمتنمرين التربص بها..
المترفي: كم موسى في السماوة؟
موسى: من حيث البصمة فقد خص الله كل واحد من عباده ببصمة خاصة به وأما من حيث المشتركات فالسماوة تعج بهم..
المترفي: اين يقع جامع وشارع موسكو في السماوة؟
موسى: في قلب السماوة النابض هذا بالنسبة لجامع وعزا موسكو أما بالنسبة للشارع فلا أعرف شارعاً بهذا الاسم في السماوة.. وجاءت التسمية لأن معظم الذين يشاركون في هذا الموكب في موسم عاشوراء وخصوصاً في حلقات اللطم يتبنون الفكر اليساري ومعظمهم شيوعيين وكان من أقوى المواكب في السماوة في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي واتذكر أني كنت في احدى الليالي واقفاً بين المتفرجين فنزل عزا موسكو في بطن السوق المسقف بالچينكو فإرتج السوق لصوت اللطمية المهيب وفي هذه الأثناء أحسست أن يداً تمسك بذيل بنطلوني وتسحبه للأسفل فتنبهت الى ذلك فاذا بها عجوز جالسة لا تقوى على الوقوف تسحبني من بطلوني تريد مكالمتي وعندما انحنيت برأسي لأتبين ما تريد قوله: قالت: يمه هذا عزا موسكو..؟ قلت نعم يا خاله عزا موسكو فقالت: چا خل أكَوم.. فعرفت انها من قدامى المحاربين.
وحقيقة كان عزا موسكو بمثابة بيت للثقافة السياسية ففيه تسمع الموقف من السلطة ومواقفها من قضايا الشعب بل وتسمع حتى الأخبار فمثلاً كنت في الأول متوسط وسمعت في ردتهم مفردة الرميلة فحسبتهم أول الأمر يتكلمون عن الرملة الفلسطينية ولكن عندما أصغيت بانتباه وجدتهم يتحدثون عن تنازل البعثيين عن حقول الرميلة لحكومة الكويت عام 1963 مقابل رشوة مقدارها 30 مليون دينار كما ورد في مذكرات القيادي في تلك المرحلة حردان التكريتي التي كتبها قبل ان تغتاله عناصر مخابرات صدام في باب المستشفى الكويتي..
المترفي: يتهمك كناني بالنكوص عن وعدك بتوريط حمودي كيف تدافع عن نفسك؟
موسى: لم انكص انما حببت له الزواج بأربعينية أو خمسينيه لتحل محل المرحومة زوجته المتوفاة ورغّبته فيه واخبرته ان روح المرحومة ستبارك هذا الزواج لأن من يحب لا يريد لمن يحبه أن يكون حبيس الماضي بل الانطلاق في رحابها ما دامت الحياة مستمره فحسبني وعدته بتدبير زوجة له من عشيرتي وكتب من عرينه في كربلاء انه يفضل الزوجة من بني أحچيم "عشيرتي" لأن الحچيميات مال عر وجر على حد وصفه فكتبت له محتجاً: هو انت ورهطك من الأصدقاء بما فيهم المتكلم مال عرّ وجرّ..؟ يمعود واحدكم ينراد يقرون نص ديوان المتنبي عد راسه بلكي يحرك جفونه.. وينكم ووين العر والجر انتظرني أجيلك لكربلا ومناك نروح نزور الحر بلكي نلكَيلك لبنانيه فاهيه تتحملك قربة لوجه الله..
المترفي: كيف تخطط للفتنة؟ كنت مفتش عام فقد كتبت أمام اسمي عبارة: جيد جداً ولا يجامل.. وكانت أعلى درجة تقييم بينهم..
موسى: آنا هاي صوفتي حمرا خضرا ما أعرف.. أنت شلون تصنفها براحتك..
استدراك.. طبعاً آنا أعرفك عليمن تبحث.. تريد تعرف انتمائي السياسي تحديداً ومن عظمة لساني وحتى ليروح بالك أني اتهرب من الإجابة على سؤالك أقول لك الآتي: بسنة 1960 وكنت في الثالث الابتدائي ويومها التنافس بين الشيوعيين والبعثيين على اشده والمعلمين من كلا الطرفين يتعاملون معنا نحن التلاميذ تعاملهم مع الطين الإصطناعي كل يريدنا على الهيئة التي يريد كان واحد من المعلمين طويل القامه مثل بشار الأسد وشايل خيزرانه أطول مني من يطلع من الإدارة بعده بالممر قبل لا يدخل لصفنا يباشر بترديد قصيدته المعتاده " بلاد العرب أوطاني من الشام لبغدان ومن نجد الى يمن الى مصر فتطوان.. " ويثبرنا شفته العليا طايره ولازكَه بمناخيره ويضرب بالخيزرانه على السبوره فأمتعض منه أيما امتعاض.. بالحصه الوراها يجينا معلم ودود حبوب هيئته تشبه هيئة عبوسي بمسرحية تحت موس الحلاق يبدأ على بركة الله: صداقه سوفيتيه ويا الصين الشعبيه.. ضد الاستعمار.. أصبحنا أحرار.. سجل يا تاريخ.. فيأسرني المعلم بسلوكه الودود وكلماته.. بعد إن رن الجرس لانتهاء الحصة ألتفت الى زميلي نزار الذي يشاركني الجلوس على الرحله الخشبية وسألته: أنت شنو..؟ كَال بعثي.. سألته ليش..؟ كَال مو أبوي بعثي.. النوب هوه ألتفت عليَّ وسألني: وانت شنو..؟كَلتله شيوعي.. كَال ليش..؟ كَلتله هذا ابو تطوان ما أحبه.. ومن يومها وانا انتمي للسجايا والخصال وليس المسميات ويساري على طول الخط وما بدلت تبديلا.. وصوفتي بينتها وانت وضميرك..
المترفي: تشتاق لمن؟
موسى: لزوجتي ومن ثم أصدقائي.. هذا على صعيد الأشخاص ، اما على صعيد الاعتباريات فحقيقة أشتاق لناس الستينيات والقيم المجتمعية السائدة وقتذاك، واشتاق للنبل في المواقف والسلوك..
المترفي: تحب من؟
موسى: أحب أبنائي حتى يكبروا وأطفالهم حتى يكبروا بدورهم والطفولة بشكل عام.. واحب النبات وأقضي فيه جل يومي فليس مثل عالم النبات عالم..
المترفي: تبحث عن ماذا؟
موسى: ابحث عن السعادة الفردية الناتجة عن رخاء وسعادة مجتمعية والناتجة بدورها عن نظام حكم صالح مبني على المواطنة وعدم التمييز بين العراقيين أيا كانت جذورهم الأثنية أو العرقية أو الدينية أو المذهبية فأنا قد شهدت الدكتاتورية والاستبداد بأبشع صوره وشهدت المحاصصة والطائفية والفساد بأحلك مظاهرها وأتوق لأدراك عهد الرخاء والتآخي في ربوع أرض السواد..
المترفي: هل نسيت شيئا؟
موسى: نعم.. نسيت أن تحث أصدقائنا وأحبتنا إن التئموا على بعضكم ايها الاصدقاء فليس في طبع الليالي الأمان ولا تفوتوا الفرصه فنحن على مشارب شتى ولسنا جميعاً من الفئة الناجية فنضمن اللقاء في الدار الأخرى..
***
حوار: راضي المترفي