حوارات عامة
راضي المترفي يحاور الشاعرة التونسية مريم خضراوي
في ضيافة المرأة التي أعلنت عن مولد القمر بعد أن أخبرنا دنقل عن مقتله
مريم خضراوي..
- هؤلاء عميان تقودهم غريزتهم إلى جنة متأرجحة بين السماء والأرض
- قمرنا ورث إنكساراتنا نحن الإخوة المفلسون من وحدتنا...
- ما بيني وبين دنڨل ودرويش هو حلم عربي يزرع قهوته بيده ويحرس قمره
- حين تكون الكتابة وعيا وفكرا تكون السياسة يدا تحقق
- أعجب كيف لا يقرأ شعرا من يحمل همّا
حيث كان العسل
يُذرف مباركا..
نحو الزيتون الأسمر
في عينيك
صوبت قصيدتي وكتبت
إسمَ بلدي وإسمي حبيبتَك
لينمو بماء وجهك
الشعرُ ويصلّي
ليحفظ الربُّ بلدي ويحفظني
في سُوَر الزيتون بعينيك
ويحفظ العيون العسلية
أعلنت الشاعرة التونسية (مريم الخضراوي) بعد سنوات طويلة من إعلان الراحل امل دنقل عن مقتل القمر في مصر ما يلي:
قتل القمر في "مدينة" أمل دنڨل مقتل القمر..
لكنه يولد كل يوم في تونس
ومن هذا الإعلان المبارك والبشارة الكبيرة اسرج خيولي من عاصمة الرشيد وارض الف ليلة وليلة مستصحبا حماسة أبي تمام وعذوبة البحتري وعشق ابن الأحنف وطموح المتنبي واحل ضيفا على تونس الخضراء وشاعرتها مريم خضراوي التي حملت ضمادات بنت الأزور وتفاؤل الشابي واستحكمت أدواتها الشعرية لاقضي سويعات في محاورة صحفية ومنادمة شاعرة ترسخت جذورها في ربى الشعر في زمن غاب فيه الندماء فهلا تشاركونني هذا اللقاء وقبل نبحر مع شاعرة القمر تعالوا لنطلع على جزء من سيرتها..
مريم خضراوي
من تونس الخضراء
-أخصائية علاج فيزيائي وتقويم الأعضاء موظفة بوزارة الصحة..
-ناشطة ثقافية واعلامية..
-كاتبة..صدر لها ديوان شعر
(أحاول أن أكتب عن السنابل)
لها مخطوط قيد الطبع
- تنشر في صحف عربية ورقية شعرا ومقالات..
- شاركت في لقاءات تونسية وعربية..وكرمت من جهات رسمية.. وفي لقاءات افتراضية في تونس وعربيا..
* "ولد القمر" تكاد تكون بانوراما ولا يهم إن كانت تونسية او عربية وتثير هذه القصيدة الكثير من التساؤلات اولها.. من هو (يوسف) في "ولد القمر "؟ الشعب التونسي وتوجهين الدعوة للعرب لمساندته؟ او تقصدين الرئيس التونسي (سعيد) في صراعه مع الأحزاب؟ وربما غيرهما
والأمر الثاني.. تقولين:
"حين فتح الله باب السماء واندلق القمر
قمطت وليدي برموش الحلم ومسحت جسمه الطري
بعرق إخوته حتى يتعمد بحبهم
وخرجت على الناس
من هو الوليد.. الثورة.." التصحيح..الحلم.. النبوءة؟
وفي النهاية تعلنين..
"حولي دماء ولا قتلة.فوقي سماء ولا قمر! "
لا أدري اهي صرخة احتجاج او ضياع او يأس؟
- طلع علينا القمر أمل دنڨل ب(مقتل القمر) في مطلع الستينات بعد النكسة وخروج الأمة العربية من تجربة الوحدة مهزومة سياسيا وقوميا..ثم توالت الهزائم وتضاءل الحلم العربي وصار أبعد ما يكون من تحقيقه.. حتى أننا نعيش اليوم الفرقة في عقر ديارنا.. تلاشت وحدة أبناء الوطن الواحد تتناوشها نزعات ونزاعات عمقت الأزمة العربية خاصة بعد ثورات الربيع العربي التي صدرتها تونس كدولة عربية، ربما كان للشعب التونسي العريق تطلعا قوميا من خلال رغبته في التخلص من النظام الواحد و تقرير مصيره.. لكن يبدو قمرنا قد ورث إنكساراتنا نحن الإخوة المفلسون من وحدتنا...
يوسف هو أنا وأنت والآخرون الذين وهبهم قدرهم حب هذا الوطن المصاب في هويته.. هو شعب تونس الذي لايسقط مهما توالت الأنظمة وتعددت...
"ولد القمر" هو محاولة مني للمقاومة ودعوة للمثقف أن يتحمل وزر دوره في مجتمعه.. أردت أن أعلن من خلاله أن القمر حلمنا في الوحدة بيننا ما يزال رغم القتلة والظلاميين يولد ويلد أحلاما...
- بينك وبين دنقل مولد قمر وبينك وبين درويش قهوة وبينك وبين الجرحى والمعلولين مواساة وضماد وبينك وبين القراء قوافي فما بينك وبين السياسة؟
- ما بيني وبين دنڨل ودرويش هو حلم عربي يزرع قهوته بيده ويحرس قمره بعين العقل والقلب... ما بيننا جميعا (من تجمعنا الضّاد) وعي الكاتب بأن لديه قضية شعب و أن كل كلمة هي إبداع من أجل أمة وأمانة... هذا ما بيني وبين السياسة بيننا وطن يدين به السياسي للشاعر والمزارع للجندي والفنان... للطفل والمرأة...
- كيف تحصل المساندة بين السياسي والأديب؟ ومتى؟
- حين تكون الكتابة وعيا وفكرا تكون السياسة يدا تحقق.. باعتبار الأديب لسان مجتمعه الموجه للسياسي.. الأديب والسياسي كلاهما لا يستغني عن اللغة يلتقيان عليها وبها وهي وحدها تفرقهما ويتشتت بينهما الوطن...
- لكل زليخا يوسف لكن الفارق بوجود زليخا تملك شجاعة الإعلان وزليخا تخاف البوح.. ايا زليخا انت؟
- من يكتب يبوح بالضرورة ومن تختار الكتابة ترجمانا عنها وعمن حولها فهي تناضل في مجتمع ينبذ من يبوح ويعبر بجسارة...
"يوسف مريم خضراوي" لم يتحقق بعد، ربما كان سببا فيما أضمر وأعلن لكنه ليس سبب بوحي الوحيد.. الأسباب من حولي تتعدى تجربتي الشخصية إلى الأعم. عندما تتكتل ترسانة مجتمع بكلكله لتقتل امرأة أو طفلا فأي زليخة وأي يوسفها أو يوسفي !!
- لمن تكتبين؟ ومن هو ملهمك؟
- أكتب لمن يجيد القراءة ملهمي في ذلك كل ما من شأنه أن يستفز عقلي وقلبي..
- يحدد العرب مكان ولادة الشاعر في ساحة الوغى أو بين جدران السجن.. هلا حددت مكان ولادتك كشاعرة وفق هذا المنطق؟
- الكتابة حرب على إرهاب العقل والقلب ومن اختار أن يكتب فهو في حرب دائمة في ساحة الوغى أو من خارجها وحتى وهو بين القضبان هذه التي صنعها العرب الرازح تحت وطأة هذا المنطق نفسه الذي يحددون من خلاله ولادة الشاعر من عدمها..
- بماذا يختلف أو يمتاز شعر المرأة عن شعر الرجل؟
- طالما كتبنا فنحن أرفع من أن نقع في هذا التناقض.. الكتابة نتاج روحي قد يمتاز فيها الرجل أو المرأة.. المقياس الوحيد هو الإبداع على إختلاف المادة وطريقة تقديمها..
- أغلب الشعراء الرجال ينفون وجود المرأة الشاعرة وينظرون لها ملهمة فقط.. ماهو ردك؟
- يحتاج ضعيف البصيرة دائما لمن يرشده لعيوبه..
وهؤلاء عميان تقودهم غريزتهم إلى جنة متأرجحة بين السماء والأرض.. الشاعر إنسان متفاعل مع المحيط من حوله ومع الآخر لا حدود في تفاعله وتواصله إلا مايسيء للآخر ولنفسه بالتالي..
- في الطب التشخيص اساس كل علاج.. ماذا عن الشعر؟ وكيف يتم التشخيص؟ وهل يغلب البتر او المعالجة؟
- (وحال الشاعر كحال الطبيب، على كل منهما أن يكون عارفا جيدا بأدواته وإلا كان وبالا على نفسه وأهله (الجاحظ).
على قدر عمق الذات الإنسانية وتعقيد تركيبته الفيزيولوجية على قدر بساطة الانسان ؛ قد نشفى ونحن نقرأ أو نكتب من تجاربنا عندما نطلع على تجارب الاخرين ونتمكن من آليات التشخيص والعلاج من خلالهم..نعم إن في الشعر والادب بشكل عام علاج كما الحال في الطب..
الشعر علاج لقارئه وكاتبه ، فالنص يأخذ موضع الطبيب نسقط عليه حالتنا ونشكوه همومنا.. وكم من أعراض سريرية أسبابها نفسية (وأعجب كيف لا يقرأ شعرا من يحمل همّا)... لكن في تقديري الشخصي أن الطب قد يشفينا لكنه لا يخلدنا كما يخلد الشعر كاتبه ويلهم قارئه.بل قد يبتر عضوا وينقص فردا متكاملا نفسيا وجسديا....
- اعتادت الأنثى على إخفاء عمرها الحقيقي ويوم سالك شاعر متصابي كما وصفته أعلنت أن عمرك (ديوان شعر وعشرات القصائد).. لماذا تخاف المرأة التقدم في السن؟ وماذا ياخذ منها غير تغير الظاهر؟
- الإنسان عموما يخاف من تقدم السن. لأنه يعني الإقتراب من الموت..
ولا أظن أن السؤال عن العمر خفيف وقعه على نفس المرأة أو الرجل على حد سواء...
جميعنا ندرك هذا ومن يتعمد هذا السؤال فإن نواياه غير محمودة ولذلك نرد بما يليق على ما يضمره السائل عن العمر..
لقد أجبته كصديق افتراضي في صفحتي على الفيس..المفروض أن تواصلنا من خلال صفحاتنا لا يتعدى القصائد والنصوص التي نحاول أن نترجم بها ذواتنا وانتماءاتنا
أما العمر الحقيقي فهو أمر شخصي...
- وصم الأدباء عموما والشعراء خصوصا بالنرجسية.. هل عانيت منها؟ وهل سببت لك بعض الإشكالات مع الآخرين؟-
- الكتابة فن وإعلاء من شأنه أن يرتقي بالكاتب الى درجة من الصفاء الذهني والروحي بحيث يعيش سلاما داخليا مع نفسه ومع الآخر لا مجال بعده للنرجسية والتعالي..للأسف عانيت من نرجسية الآخر الذين يختزلون دور المرأة كثيرا.. أُجلت خطواتي بسببهم وأنكروا علي أن أفرض صوتي بينهم لاني رفضت دائما أن أكبر في ظلهم.. و ربما أنا أنجح منهم لأني تجاوزتهم بوعيي أشواطا...
- في نهاية الحوار لايسعني الا الاعتراف بأني مارست الجلوس في حضرة امراة عربية اجادت الامساك بمبضع الطبيب وتعاملت بواقعية مع العلل والامراض سواء بالمعالجة او الاستئصال وفي نفس الوقت امسكت بزمام مهرة الشعر وقارعت فرسانه القافية بالقافية والابهار بابهار وسجلت نصر هنا وسبقا هناك وحفرت اسمها ضمن شاعرات جيلها على لوحة الشرف..
تحية تبجيل وشكرا وامتنان للشاعرة العربية التونسية مريم خضراوي.
راضي المترفي