حوارات عامة

علجية عيش: مع الشاعر الهايكست عبد الحفيظ بوساحة

الكتابة العربية لن تكون إبداعية بدون ذكر فلسطين

يري الشاعر الهايكست أن مواقع التواصل الاجتماعي فتحت المجال للنشر وإبراز المواهب الإبداعية الجزائرية، ولذا فتأسيس هايكو عربي من الضرورة ومنه الهايكو الجزائري ليشمل جميع مناحي الحياة، فالهايكو العربي يخص البيئة العربية وينتصر لها وخاصة القضية الفلسطينية، يقول عبد الحفيظ بوساحة أن الكتابة العربية لن تكون إبداعية بدون ذكر فلسطين، في هذا الحوار يقدم الشاعر عبد الحفيظ بوساحة تجربته الشعرية وما حققته مواقع التواصل الإجتماعي والأكاديميات والمنتديات والنوادي الأدبية من نجاح لترقية الإبداع في كل مجالاته

من هو الشاعر عبد الحفيظ بوساحة؟

عبد الحفيظ بوساحة من مواليد 1966 ببلدية الدوسن ولاية أولاد جلال حاليا ولاية بسكرة سابقا، حاصل علي شهادة الدراسات التطبيقية في قانون الأعمال وشهادة تقني سامي بالفلاحة أعمل موظف مستشار تقني فلاحي بمصالح الفلاحة، مبتدئ في الكتابة الإبداعية في الأدب الوجيز وخاصة الأدب الياباني مثل الهايكو والتانكا والهايبون الجوجيوهكا والأدب الوجيز بصفة عامة كالمتلازمة والومضة القصصية والقصة القصيرة:

* ممكن أن تحدث القارئ عن تجربتكم الشعرية؟

- تجربتي الشعرية والكتابة بصفة عامة قصيرة جدا مقارنة بالكتاب والشعراء الذي أتواجد معهم في مختلف الأندية العربية، مولع بالأدب والثقافة منذ الصغر فمن خلال انضمامي لصفوف الكشافة الإسلامية الجزائرية في مرحلة الطفولة والشباب فبإنشاء مكتبة للإتحاد الوطني للشبيبة الجزائرية كنت من المحظوظين بوجود مادة دسمة للقراءة المستمرة وخاصة الأدب العربي، وبوجود المواقع التواصل الاجتماعي اليوم أتاحت لي الفرصة بداية النشاط من خلال نشر مواضيع هادفة فاخترت الكلمات الموجزة مع إرفاق صورة للموضوع، المنشورات ذات توعية ونقدية في إطار هزلي لمختلف مناحي الحياة وفي الغالب العنوان البارز " في وحد لبلاد" فأعطي للقارئ مجال تصور الموضوع بطريقته ومستواه مما يؤدي لتجاوبه مع الموضوع، وفي أواخر سنة 2022 بدأت الكتابة واخترت الهايكو والأدب الوجيز بصفة عامة والذي يتلاءم مع نمط الكتابة التي أتقنها وأيضا يتلاءم مع غالبية القراء اليوم، فكانت البداية في نادي الهايكو العربي والذي يرأسه الأديب الأستاذ محمود الرجبي وكانت جد مشجعة من خلال مشاركتي مسابقة الهايكو العالمية (مسابقة قصيدة الهايكو الذهبي موسم 2022).

 في نادي الهايكو العربي من حظي أنني كنت من ضمن الفائزين الخمسة عن فئة الهايكست العربي والحصول على جائزة الكتابة الإبداعية بعنوان "حياة أو موت"، النص الفائز في المسابقة توابيت محمولة على أكتاف البحر قوارب الهجرة، يتناول النص إحدى أهم القضايا المعاصرة والمتمثلة في هجرة الجنوب نحو الشمال في قوارب الموت عبر البحر والمصير المأساوي الذي ينتظر المهاجرين، من هذا المنطلق المشجع توسعت لديَّ الرؤية لخوض غمار الدخول لنوادي أخرى ونشر الهايكو العربي فيها، لاقت الفكرة اهتمام الكثير وخلق فقرات تخص بالهايكو بالإضافة لهذا مشاركتي أيام سنابل الإبداع الأدبي سنة 2023 والتي احتضنتها قاعة الفكر والأدب بدار الثقافة أحمد رضا حوحو ببسكرة تحت عنوان " الهايكو.. رحلة البحث عن الدهشة الهاربة"، تجربتي الشعرية تجمع بين الإبداع ومتعة الكتابة وتوثيق الأفكار لا سيما أنها تمس أغلب جوانب الحياة من الطبيعة والحياة على المآسي كالكوارث والحروب، وفي كثير من قصائدي أوليت للقضية الفلسطينية ومأساة غزة الجريحة اهتماما كبيرا وكانت لي مشاركة ببعض منها في الكتاب الجامع آهات فلسطين الذي صدر عن دار تحفة للنشر والذي جمع نخبة من الشعراء من العالم العربي دفاعا عن القضية الفلسطينية.

* ماهي رؤيتكم لشعر الهايكو؟ وهل يمكن القول أنكم أول من يتطرق للهايكو الجزائري وكيف نميزه عن باقي شعراء الهايكو في الوطن العربي؟

- الهايكو فن مختلف تماما عن بقية الفنون الأدبية أو القصيدة الأكثر تكثيفا وهو التقاط صورة مشهدية حسية بإحساس أدبي مبدع بألفاظ بسيطة وعفوية بعيدا عن المجاز المبالغ فيه . والتي تتكون من البيت الواحد على ثلاث مقاطع، المقطع الأول يصف الحدث أو المشهد المقطع الثاني يضع تفصيلا للحدث والمقطع الثالث يربط بين المقطعين بطريقة مدهشة، فبعد رواج الهايكو في العالم الغربي ووصوله للعالم العربي لاقى اهتماما كبيرا لدى الأدباء والشعراء الجزائريين، وللأمانة أعتبر نفسي من المتأخرين في كتابة الهايكو في الجزائر وبين المئات من الهايكست الجزائريين وأعتقد أن الشاعر فيصل الأحمر وعاشور فني وفارس كبيش والشاعرة حبيبة محمدي هم من الأوائل الذين كتبوا الهايكو في الجزائر ثم من بعدهم شعراء آخرون منهم الشاعر رضا ديداني وجمال الدين خنفري ومحمد يوسف فلوح ومراد مالك وغيرهم، نشير هنا أن الهايكو في الوطن بحد ذاته يختلف عن بعضه فالهايكو التقليدي والمرتبط بالطبيعة والمشهدية والآنية والموسمية والتنحي والابتعاد عن الذاتية قدر المستطاع، أما الهايكو العربي بالإضافة إلى الآنية والمشهدية والتنحي أنه يجيز المجاز البسيط للضرورة، ولذا فتأسيس هايكو عربي من الضرورة ومنه الهايكو الجزائري يشمل جميع مناحي الحياة كالطبيعة والكوارث والحروب والمآسي والطفولة والخيال وحتى الفلسفة فالهايكو العربي يخص البيئة العربية وينتصر لها وخاصة القضية الفلسطينية

عرف الشاعر عبد الحفيظ بوساحة بمواقفه الجريئة إزاء ما يحدث في الساحة العربية وخاصة في الجزائر، كيف تقيمون ردود الفعل؟

بكل صراحة مثلي مثل الكثير من الشعراء العرب والذين سبقونا بجرأتهم إزاء ما يحدث بأمتنا العربية والإسلامية من مآسي وبما أنني فرد من أفرادها فواجبي أن أساهم بنصرة القضايا العادلة ومنها القضية الفلسطينية، فالكلمة بحد ذاتها سلاح، فيجب أن نعرف كيف ومتى نستعمله فلا يكفي كتابة نص جريء دون نشره أو نشره في الصفحة الشخصية بل كان لزاما علينا التواجد في أغلب النوادي والنشر فيها، قد يحدث من بعض النوادي رفض هذه النصوص وخاصة ما يخص القضية الفلسطينة وحدث هذا معي رغم أن أحد النوادي كلما أنشر فيه نص يكرم بشهادات معتمدة إلا أنني رفضت التواجد في أي نادي لا يقبل هذه النصوص، مهما كانت ردود الأفعال فالشاعر عندما يكتب بصدق وإحساس فإن نصوصه تفرض نفسها على الجميع فبدون شعراء وكتاب لن يكون لهذه النوادي أي فعالية فالأديب هو المحرك الأساسي للنوادي وليس العكس ولكن يجب التحلي بروح المحبة والاحترام.

* في رأيكم هل نجحت مواقع التواصل الاجتماعي في ربط الجسور بين الشعوب، وهل ما ينشر هنا وهناك حقق التغيير المنشود؟

- بكل تأكيد فرغم حداثة تجربة مواقع التواصل الاجتماعي فقد نجحت إلى حد كبير وفي ظرف وجيز لربط جسور المحبة والسلام بين مختلف الشعوب في حدود الاحترام المتبادل، فالنوادي العربية لم تعد تختصر على أعضائها من العرب فقط بل من مختلف دول العالم والتي تهتم بالأدب العربي والثقافة العربية فوجود جو ملائم للنشر وتبادل الأفكار والاحترام المتبادل وخاصة النوادي الكبيرة كالنادي العربي للهايكو وفروعة للأديب محمود الرجبي وهايكو المغرب الكبير للأستاذ الجزائري رضا ديداني وكتاب الجوجيوهكا للأستاذ الجزائري سعد عيسى.

* كانت لكم مشاركة قوية في الأكاديميات والمنتديات الأدبية، إلي اين وصلت الكتابة في الجزائر وهل يمكن مقارنتها مع الإبداعات العربية الأخرى؟

- أولا المشاركات في النوادي الأدبية المختلفة ليست بالأمر السهل وخاصة أن نتواجد بين كبار الأدباء والشعراء وممن يفوقوننا خبرة ودراية ولكن بكسر حاجز الخوف وبالممارسة والمشاركة في التدريبات والفقرات المختلفة وهذا يتطلب مجهود وتركيز كبير وبالتالي اكتساب تجربة ودراية وأسلوب خاص مختلف عن الآخرين، أما فيما يخص الكتابة في الجزائر فهي رغم حداثتها وخاصة في الهايكو إلا أنها بلغت مدى بعيد على المستوى العربي مقارنة ببعض الدول التي سبقتنا بسنوات في الكتابة والأدب بصفة عامة، فمواقع التواصل الاجتماعي فتحت المجال للنشر وإبراز المواهب الإبداعية الجزائرية، ولنكن صريحين جدا فلو فتح المجال الثقافي في الجزائر مثل ما فتحت مواقع التواصل الاجتماعي لكنا في فترة وجيزة جدا في مصف الدول الأكثر ثقافة، فغياب الدعم المادي والمعنوي للكتاب المبدعين وكذا التوقيت السيئ للنوادي والمؤسسات الثقافية والذي لا يساهم في تنمية الثقافة والذي ساهم في الركود الثقافي رغم بعض المجهودات من الشعراء والأدباء والذين ينشطون بوسائلهم الخاصة وكذا غياب شبه تام للملتقيات والنشاطات الأدبية.

* كيف يقرأ عبد الحفيظ بوساحة فلسطين؟ وهل كتب عنها؟

- فلسطين الأرض المباركة مهد الأنبياء هي القلب النابض للشرفاء والأحرار، فلسطين هي الأم الحاضنة والقضية الأولى لكل عربي يعتبر نفسه جزء منها، فلسطين الشجرة المباركة التي تظل بظلها الجميع وما نصرها إلا شريف وما خانها إلا خائن، ف الكتابة العربية لن تكون إبداعية بدون ذكر فلسطين والقدس، فهي نابعة من الإحساس الداخلي للكاتب وحب الأشياء وكل ما يعبر عن المقاومة يدفعك للكتابة عنها، وعن كتابها وشعرائها الذين أكدوا على عروبتهم وولائهم للتراب الفلسطيني، هذا النضال والكفاح ضروري دعمه بالوسائل الفعالة التي تكفل له الاستمرار، إن أعظم دعم يمكن أن نقدمه لهم هو إقامة جسر من التواصل بينهم، وليكن انطلاقنا من معالجة هذه النقطة، وكما ذكرت سابقا أن فلسطين هي القلب النابض فكيف لا نكتب عن القلب الذي بداخلنا وهو أهم جزء منا، فلسطين قضيتنا الأساسية والكتابة عنها واجب، فالكثير من النصوص خصصتها لفلسطين وظفت ما يمكن من دلالات كطوفان الأقصى، أطفال فلسطين، اللاجئين، القدس، الزيتون، الكوفية، غزة ...، ففي الكتاب الجامع " آهات فلسطين " شاركت بسبع قصائد هايكو خص أطفال غزة.

* ماذا في رصيدكم الإبداعي وماهي مشاريع بوساحة المستقبلية؟

- تجربتي قصيرة جدا مقارنة بأدباء وشعراء سبقونا ولكن رغم هذا لدي كتاب إليكتروني في الهايكو صادر عن نادي الهايكو العربي بعنوان " حياة أو موت " وشاركت في الكتاب الجامع " آهات فلسطين" مع مجموعة من الشعراء العرب صادر عن دار تحفة للنشر والتوزيع وكتابين إليكترونيين من إعدادي الأول بعنوان "نصفي الآخر" والثاني " عطر الشام"، فيما يخص المشاريع المستقبلية رغم وجود الكثير من النصوص من مختلف فنون الأدب الوجيز أفكر في طباعة كتاب ورقي وممكن أكثر متى أتيحت الفرصة، والأهم من هذا هو الاستمرار في الكتابة وتطويرها بشكل أفضل مع النشر الموسع في مواقع التواصل الاجتماعي والتي أصبحت كتاب مفتوح ينهل منه الجميع وبدون مقابل.

***

حاورته: علجية عيش

في المثقف اليوم