حوارات عامة
د. آمال طرزان تحاور د. زياد الضاري حول قضايا المرأة وأسباب تهميشها

حوار مع مستشار رئيس مجلس النواب العراقي الدكتور زياد الضاري أهم قضايا المرأة العراقية خاصة والعربية عامة من التهميش إلى التمكين.
س/ هل تعتقد أن النظام الأبوي يساهم في تهميش دور المرأة وتقليل قيمتها داخل الأسرة والمجتمع؟
ج/ سؤال مهم ومعقد، والإجابة عليه تتطلب التمييز بين الدور الأبوي الطبيعي كأب وراعٍ داخل الأسرة، وبين السلطة الأبوية كنظام اجتماعي أو ثقافي.
إن كنا نقصد بالدور الأبوي: الدور الطبيعي للرجل كأب (أي توفير الرعاية، الحماية، التوجيه داخل الأسرة)، فهذا الدور لا يُفترض به أن يُهمّش دور المرأة. بل عندما يُمارَس هذا الدور بشكل صحي ومتوازن، سوف يعزز الشراكة داخل الأسرة، ويكمل دور الأم، وبالتالي سوف يُقصيه.
أما إن كنا نقصد بالدور الأبوي كسلطة أبوية ساهم النظام الأبوي تاريخيا في تهميش دور المرأة من خلال تجاهلها في أدوار معينة وحرمان صوتها في صنع القرار الأسري أو تقييد دورها واقتصاره في (الأمومة، العمل المنزلي) وحرمت من فرصتها في التعليم والعمل لذا فرض ذلك صورة نمطية على المرأة بأنها اقل قدرة من الرجل وهناك شواهد عدة على ذلك من بينها منعها من التصويت بالانتخابات النيابية في عدد من الدول الأوربية في أربعينيات القرن الماضي.
الدور الأبوي الصحي لا يهمش المرأة، بل يكمّل دورها، أما النظام الأبوي التقليدي فقد ساهم بشكل كبير في تهميش المرأة تاريخياً، وما زالت آثاره قائمة في بعض المجتمعات، بل ولا تزال المرأة في بعض المجتمعات بحاجة إلى موافقة ولي الأمر للسفر أو العمل، رغم كونها راشدة وقادرة على اتخاذ القرار، فالتربية غير المتوازنة التي تُفضل الذكور على الإناث تعيد إنتاج هذه النظرة من جيل إلى جيل.
س/ من وجهة نظرك ما العوامل التي تجعل ولادة الذكر مصدراً للفخر، بينما تعتبر ولادة الأنثى عبئاً في بعض الأحيان في مجتمعاتنا العربية؟ وهل تعتبر المرأة شخصاً فاعلاً أم مجرد جنس وجسد في مجتمعاتنا العربية؟
ج/ بعض الناس يستخدمون نصوصًا دينية خارج سياقها لتبرير تفضيل الذكور، مع أن الإسلام مثلاً أوصى بحسن تربية البنات، ووعد من يُحسن إليهن بالجنة.
ومن الجدير بالذكر أن هذه النظرة بدأت تتغيّر تدريجياً في كثير من المجتمعات العربية، وخاصة مع ارتفاع مستوى التعليم، وزيادة مساهمة النساء في سوق العمل، ونجاحات النساء في مختلف المجالات، مما أثبت أن الأنثى ليست عبئاً بل طاقة إنتاجية وعقلية مبدعة ومؤثرة في المجتمع ،و في الكثير من المجتمعات العربية، هناك نساء فاعلات بامتياز: في السياسة، التعليم، الطب، الأدب، الاقتصاد، والفنون ونشهد حضوراً متزايداً للمرأة في مواقع اتخاذ القرار وفي الحركات الاجتماعية والثقافية هذا دليل على أن المرأة ليست فقط "جنساً" أو "جسداً" بل عقل، إرادة، ومساهمة حقيقية في بناء المجتمعات .
رغم هذا التقدم، لا يمكن إنكار أن خطاباً واسع الانتشار لا يزال يختزل المرأة في بعدها الجسدي، ويضعها ضمن قوالب جاهزة مرتبطة بالجمال، الشرف، أو الدور التقليدي في الأسرة هذا الخطاب يظهر في الإعلام، في بعض المناهج الدراسية، وحتى في بعض الخطابات الدينية والاجتماعية التي تكرّس صوراً نمطية، فالمرأة ليست مهمّشة بطبعها، بل تُهمّش عندما تكون هناك ثقافة تُقيّد دورها أو تقيّمه بناءً على شكله أو "قواعد" مفروضة لكن هذه البُنى ليست ثابتة، وهي تتغير مع الوعي والتعليم والانفتاح.
نرى من ذلك أن المرأة في المجتمعات العربية ليست مجرد جسد، ولكن في بعض السياقات لا تزال تُعامل على هذا الأساس وهذا يختلف من بلد لآخر، ومن طبقة اجتماعية لأخرى، ومن بيئة إلى أخرى. هناك تغيرات ملحوظة في السنوات الأخيرة فالكثير من المجتمعات بدأت تُعيد النظر في هذه الأنماط الأبوية، وتشجع على تمكين المرأة، وهناك وعي متزايد بالمساواة بين الجنسين، وبذلك المرأة قادرة وفاعلة ومبدعة، لكن التحدي الأكبر يكمن في تفكيك الصور النمطية والتمكين الثقافي والاجتماعي الحقيقي لها لتأخذ مكانها الطبيعي، لا الاستثنائي، في كافة مجالات الحياة.
س/ هل تُعدّ ظاهرة ارتفاع معدلات الطلاق في العراق خلال السنوات الأخيرة واحدة من أبرز القضايا الاجتماعية التي تستدعي الوقوف عندها وتحليل أسبابها، لما لها من آثار مباشرة على بنية الأسرة والمجتمع؟
ج/ تشير الإحصاءات الرسمية إلى تصاعدٍ ملحوظ في أعداد حالات الطلاق، أسباب هذه الظاهرة عوامل اقتصادية وثقافية واجتماعية، فالفقر والبطالة وارتفاع تكاليف المعيشة تُعدّ من أبرز العوامل التي تضع ضغوطاً متزايدة على الأزواج، خاصة مع صعوبة تأمين سكن مستقل أو دخل مستقر. كما أن الزواج المبكر، المنتشر في بعض المناطق، يؤدي إلى نشوء علاقات زوجية غير ناضجة، سرعان ما تنهار أمام أول اختبار.
ولا يمكن إغفال تأثير وسائل التواصل الاجتماعي، التي غيّرت شكل العلاقات الزوجية وأثّرت في أنماط الثقة والتواصل بين الشريكين، كما أن تدخل الأهل المفرط، وضعف مهارات الحوار، والعنف الأسري، كلها عوامل تغذي هذه الظاهرة.
في المقابل، تحتاج الحكومات العربية، وعلى رأسها الحكومة العراقية، إلى تفعيل جملة من الآليات للحد من الطلاق، تبدأ من توعية المقبلين على الزواج عبر برامج إلزامية، مروراً بإنشاء مراكز إرشاد أسري تساعد على حل الخلافات قبل الوصول إلى الطلاق، إلى جانب إصلاحات قانونية توازن بين حقوق الرجل والمرأة، وتضمن مصلحة الأطفال في حال الانفصال ، ولا يسعني إلا أن اذكر أن قانون الأحوال الشخصية العراقي من أفضل القوانين التي تحمي الأم وطفلها و أن التغييرات الجديدة التي تخص القانون أعلاه سيهدد بنية الأسرة العراقية ،أما فيما يخص الإصلاحات الحكومية فلابد أن تتجه السياسات الحكومية نحو دعم الأسر اقتصادياً، وتشجيع التعليم وتمكين النساء، باعتبار أن استقرار الأسرة هو أساس الأمن المجتمعي ، فالطلاق هو علامة على خلل عميق يحتاج إلى معالجة شاملة، تبدأ من الأسرة وتنتهي بمؤسسات الدولة .
س/ ما الآثار المنعكسة على المرأة في العراق جراء الحروب والصراعات؟ وإلى أي مدى يظل التأثير ممتد على حياة المرأة العراقية اليوم؟
ج/ المرأة في العراق عانت بشكل كبير جراء الحروب والنزاعات المستمرة منذ عقود، بداية من الحرب العراقية الإيرانية (1980–1988)، مرورًا بحرب الخليج (1991)، والحصار الاقتصادي، ثم الغزو الأمريكي للعراق في 2003، وما تبعه من اضطرابات أمنية وصراعات طائفية، وصولًا إلى اجتياح تنظيم “داعش” لعدة مناطق من البلاد، وما بعده من أزمات هذه الأحداث تركت آثارًا عميقة على النساء العراقيات، ومن أبرز تلك الآثار
أولاً: الآثار السلبية المترتبة على المرأة العراقية:
- الترمّل وفقدان المعيل: كثير من النساء فقدن أزواجهن وأبنائهن في الحروب، مما اضطرهن لتحمل أعباء إعالة أسرهن في ظل غياب الدعم الحكومي الكافي.
- النزوح والتهجير القسري: آلاف النساء نزحن من مناطقهن بسبب الصراع، لاسيما بعد سيطرة "داعش"، مما عرّضهن للفقر، وانعدام الخدمات، والعيش في مخيمات تفتقر لأبسط مقومات الحياة.
- العنف الجنسي والانتهاكات: شهدت بعض النساء انتهاكات جسيمة خلال النزاعات، خاصة من قبل الجماعات المسلحة، كحالات العنف الجنسي والاغتصاب والاستعباد، كما حدث للأيزيديات في سنجار.
- الحرمان من التعليم: الحرب أدت إلى انقطاع آلاف الفتيات عن التعليم، إما بسبب النزوح أو العادات الاجتماعية التي تميل إلى تزويج الفتيات مبكرًا.
- الفقر والبطالة: النزاعات دمرت البنية التحتية وفرص العمل، مما أثّر بشكل خاص على النساء، خاصة الأرامل والعازبات.
- القيود الاجتماعية: الحروب عززت من الفكر المحافظ والمتشدد في بعض المناطق، مما حدّ من حركة النساء ومشاركتهن في الحياة العامة.
ثانيًا: امتداد التأثير إلى اليوم رغم تحسن الوضع الأمني نسبيًا في بعض المناطق، إلا أن آثار الحروب لا تزال تُثقل كاهل المرأة العراقية حتى اليوم. واستمرار الفقر والبطالة، مع ضعف برامج التمكين الاقتصادي للنساء.
- اتساع الفجوة التعليمية مما أدى إلى الانقطاع الطويل عن الدراسة، ولا تزال قائمة في الأجيال الشابة من النساء والعنف الأسري والمجتمعي لا يزال مرتفعًا، خاصة في المناطق التي كانت خاضعة لنفوذ الجماعات المتطرفة.
- التمثيل السياسي والمجتمعي المحدود، رغم وجود (كوتا) نسائية في البرلمان، إلا أن التأثير الفعلي للنساء في صناعة القرار لا يزال ضعيفًا، فضلا عن أن النسبة الكبرى للنساء اللواتي فزن في الانتخابات هن في قوائم حزبية لا يمتلكن حرية القرار بل يتبعن رئيس القائمة
- الوصم الاجتماعي: النساء اللواتي تعرضن لانتهاكات جنسية أو أُجبرن على الزواج من مقاتلين متطرفين غالبًا ما يُنبذن اجتماعيًا، ويواجهن تمييزًا حتى بعد عودتهن إلى مجتمعاتهن فتأثير الحروب والنزاعات على المرأة العراقية ليس مجرد حدث عابر، بل إرث ثقيل يمتد عبر الأجيال، ينعكس على الصحة النفسية، والوضع الاقتصادي، والمكانة الاجتماعية. ومع أن هناك بوادر للتغيير، فإن الطريق لا يزال طويلاً نحو تمكين حقيقي وعادل للنساء في العراق.
س/ ما الدور الذي يمكن أن توديه النساء في إعادة المجتمعات بعد الصراعات والحروب؟
ج/ أما الدور الذي يمكن أن تؤديه النساء في إعادة المجتمعات بعد الصراعات والحروب فيتمثل في قيام النساء دورًا محوريًا في إعادة بناء المجتمعات بعد الصراعات والحروب، وهو دور يتجاوز مجرد التعافي إلى الإسهام الفعّال في تحقيق السلام المستدام والتنمية الاجتماعية والاقتصادية.
- نقاط أمل وتحسن تدريجي:
وجود منظمات مجتمع مدني تعمل على تأهيل النساء وتقديم الدعم النفسي والاقتصادي، في ظل تصاعد الأصوات النسوية المطالبة بالعدالة والمساواة مع وجود بعض المبادرات الحكومية والدولية المتواضعة لدعم النساء في مناطق ما بعد النزاع، وإن كانت محدودة وغير كافية.
ويمكن تلخيص أبرز الأدوار التي تؤديها النساء في هذا السياق في النقاط التالية:
- صانعات سلام ووسيطات.
- النساء غالبًا ما يكنّ أكثر قدرة على بناء الجسور بين الأطراف المتنازعة، خاصة في المجتمعات المنقسمة.
- تساهم مشاركة النساء في مفاوضات السلام في جعل الاتفاقيات أكثر شمولية واستدامة، كما أثبتت تجارب دولية عديدة.
- رائدات في بناء النسيج الاجتماعي: تمتلك النساء قدرة فريدة على إصلاح الروابط الاجتماعية داخل الأسر والمجتمعات المحلية، والتي غالبًا ما تتضرر بشدة أثناء الحروب ويقدن مبادرات المصالحة المجتمعية والتعايش السلمي، ويقمن بإحياء القيم المشتركة.
- الريادة الاقتصادية: تسهم النساء بشكل كبير بعد النزاعات، في إعادة تنشيط الاقتصاد المحلي، سواء من خلال المشروعات الصغيرة أو الزراعة أو العمل في القطاعات غير الرسمية. وفي كثير من الحالات فإن النساء يصبحن معيلات لأسرهن بسبب فقدان الرجال في الحروب، مما يدفعهن لتولي أدوار اقتصادية أكبر، وألمانيا مثال حي على ذلك فلولا النساء لما استطاعت برلين أن تنهض من براثن الحرب والدمار.
- إعادة بناء التعليم والرعاية الصحية: تشارك النساء في إعادة بناء المؤسسات التعليمية والصحية، سواء كمعلمات ممرضات، طبيبات، أو ناشطات مجتمع مدني يؤدين دورًا مهمًا في رعاية الأطفال، والناجين من الصدمات، مما يساعد في تقوية جيل ما بعد الحرب.
- المشاركة السياسية وصنع القرار: تمكين النساء سياسياً يضمن أن تكون السياسات والمشروعات الحكومية بعد الحرب أكثر استجابة لاحتياجات المجتمع ككل. النساء غالبًا ما يطرحن أولويات مرتبطة بالخدمات الأساسية وحقوق الإنسان، مما يعزز الاستقرار..
- الدفاع عن حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية: تلعب النساء أدوارًا قيادية في المطالبة بالعدالة والمحاسبة على الجرائم المرتكبة خلال النزاعات. يعملن في منظمات حقوقية، ويشجعن على توثيق الانتهاكات وضمان عدم تكرارها.
التحديات التي تواجهها النساء
الإقصاء من مفاوضات السلام والمناصب القيادية.
العنف القائم على النوع الاجتماعي، والذي غالباً ما يزداد خلال وبعد النزاعات.
القوالب النمطية الاجتماعية التي تقلل من دور النساء في المجال العام.
وختاما إن إشراك النساء بشكل فعّال ليس فقط ضرورة أخلاقية أو حقوقية، بل هو عامل حاسم في نجاح عمليات إعادة الإعمار وبناء السلام المستدام. المجتمعات التي تعترف بهذا الدور وتعطيه المساحة والدعم اللازم تملك فرصًا أكبر لتجاوز آثار الحروب وبناء مستقبل أكثر عدلاً واستقرارًا
س/ ما السياسات الوطنية التي تتخذها الدولة لوقف جميع أشكال العنف ضد المرأة وتوفير الحماية لها؟
ج/ تتخذ العديد من الدول سياسات وطنية متعددة لوقف جميع أشكال العنف ضد المرأة وتوفير الحماية لها، وتختلف التفاصيل من دولة إلى أخرى، لكن غالبًا ما تشمل هذه السياسات العناصر التالية:
الإطار التشريعي
سن قوانين خاصة تجرّم العنف ضد المرأة بجميع أشكاله (الجسدي، النفسي، الجنسي، الاقتصادي). تعديل قوانين العقوبات لضمان تجريم التحرش، الاغتصاب الزوجي، والعنف الأسري. تجريم الزواج القسري وختان الإناث في بعض الدول.. إصدار قوانين الحماية (مثل أوامر الحماية أو الابتعاد) للنساء المعرضات للخطر.
آليات الحماية والدعم:
إنشاء مراكز إيواء للنساء المعنّفات.
توفير خطوط هاتفية ساخنة تعمل على مدار الساعة للإبلاغ وطلب المساعدة.
تقديم الدعم النفسي والاجتماعي والقانوني للضحايا.
ضمان حماية هوية الضحايا أثناء التبليغ أو المحاكمة.
التدريب والتأهيل:
تدريب الشرطة والقضاة والأطباء والمعلمين على كيفية التعامل مع حالات العنف ضد المرأة.
تدريب العاملين في مؤسسات الرعاية على فهم احتياجات النساء ضحايا العنف.
التوعية والتثقيف:
تنفيذ حملات إعلامية ومجتمعية لتغيير الصور النمطية عن النساء ولنبذ العنف.إدراج التربية على المساواة بين الجنسين في المناهج التعليمية.
الإحصاءات والرصد:
- جمع البيانات الوطنية حول العنف ضد المرأة لفهم أبعاده وتصميم سياسات فعالة.
- إنشاء مرصد وطني أو وحدات مختصة لمتابعة تنفيذ السياسات وتقييم أثرها.
الشراكات.
- التعاون مع المنظمات النسوية والمجتمع المدني لتعزيز جهود الوقاية والدعم.
- التعاون مع المنظمات الدولية كالأمم المتحدة وهيئات حقوق الإنسان.
- التوعية بخطورة العنف وحقوق المرأة
- عرض نماذج إيجابية لنجاح المرأة.
- محاربة الصور النمطية السلبية.
- تشجيع الحوار المجتمعي حول قضايا المرأة.
- التعاون مع مؤسسات حقوقية لنشر الوعي وتطبيق القوانين.
س/ من وجهة نظر الدكتور زياد الضاري ما أهم الموضوعات والقضايا المتعلقة بالمرأة العربية التي يتعين على الإعلام التركيز عليها في المرحلة المقبلة؟
ج/ يرى الدكتور زياد الضاري أنه على الإعلام العربي التركيز على القضايا الحقيقية التي تواجه المرأة العربية، مثل التعليم، الصحة، التمكين الاقتصادي والسياسي، بدلاً من التركيز على الجوانب الشكلية كالموضة والجمال. كما ينتقد الانتقائية والإهمال الإعلامي لهموم المرأة الواقعية ويدعو إلى دور إعلامي أكثر وعيًا ومسؤولية.
س/ هل يتسبب السياسيون الذكور بشكل عام في عرقلة تقدم المرأة وتعزيز دورها في الحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية مقارنة بالرجل؟
ج/ بشكل عام، لا يمكن القول إن جميع السياسيين الذكور يعرقلون تقدم المرأة، لكن في كثير من المجتمعات التي يهيمن فيها الرجال على السلطة، تُرسَّخ سياسات وهياكل تُبطئ تقدم المرأة. ويعود ذلك غالبًا إلى الثقافة السائدة والمصالح السياسية، وليس بالضرورة إلى نية مباشرة لعرقلة النساء، ففي بعض الدول، يرفض سياسيون ذكور دعم قوانين تحمي حقوق المرأة مثل قوانين مكافحة العنف الأسري أو (الكوتا) النسائية في البرلمان، بحجة أنها “تتعارض مع القيم التقليدية” أو “تمييز إيجابي غير عادل”، مما يعيق تمكين المرأة سياسيًا واجتماعيًا
س/ ماذا عن مساهمة المرأة العراقية في الحياة السياسية اليوم؟ وكيف يمكن زيادة نسبة مشاركة النساء في المناصب السياسية وصنع القرار؟
ج/ مساهمة المرأة العراقية في الحياة السياسية شهدت تطورًا ملموسًا خلال العقود الأخيرة، رغم التحديات العديدة التي لا تزال تواجهها. وفيما يلي نظرة عامة على وضع المرأة في المشهد السياسي العراقي اليوم، وتحديد بعض المقترحات لتعزيز مشاركتها في صنع القرار:
واقع مشاركة المرأة العراقية سياسيًا اليوم
- التمثيل البرلماني: يضمن الدستور العراقي كوتا نسائية بنسبة 25% من مقاعد مجلس النواب، وهو ما يمثل مكسبًا مهمًا. في انتخابات 2021، تم انتخاب 97 امرأة من أصل 329 نائبًا، وبعضهن فزن بدون الاعتماد على الكوتا، مما يدل على تنامي الحضور السياسي الفعّال للمرأة. أما الحكومة لا تزال نسبة مشاركة النساء في المناصب الوزارية والإدارية العليا محدودة. غالبًا ما تُحصر النساء في وزارات “نمطية” مثل التعليم أو المرأة والشؤون الاجتماعية، في حين يندر تواجدهن في وزارات الأمن، الاقتصاد أو الخارجية.
المعوقات
- ثقافية واجتماعية: العادات والتقاليد الذكورية تعيق مشاركة المرأة، خاصة في المناطق الريفية.
- أمنية: الوضع الأمني والتوترات السياسية تشكّل بيئة طاردة للنساء في العمل السياسي.
- اقتصادية: ضعف الموارد والدعم المالي يمنع كثيرات من خوض الانتخابات.
- حزبية: الأحزاب السياسية لا تُعطي النساء أدوارًا قيادية حقيقية، رغم استخدامهن أحيانًا كواجهة انتخابية.
س/ كيف يمكن تعزيز مشاركة المرأة في صنع القرار؟
ج/ - تعديل وتفعيل القوانين: فرض كوتا في المناصب التنفيذية (وليس فقط التشريعية).
- تفعيل قوانين مناهضة التمييز والعنف ضد المرأة في العمل السياسي.
- تمكين اقتصادي وتعليمي: دعم المرأة المرشحة ماليًا وتدريبها على إدارة الحملات الانتخابية.
- تعزيز برامج بناء القدرات السياسية للنساء، خصوصًا الشابات.
- دعم منظمات المجتمع المدني:
- المنظمات النسوية قادرة على لعب دور محوري في التوعية والتدريب والضغط على صناع القرار.
- إصلاح داخلي داخل الأحزاب
- دفع الأحزاب لتبنّي سياسات واضحة لتمكين المرأة في مراكز القيادة.
- ربط التمويل الحزبي بنسبة إشراك النساء في المواقع القيادية.
الإعلام والتوعية:
- كسر الصور النمطية من خلال تغطية إعلامية إيجابية للنساء القياديات.
- حملات توعية على أهمية دور المرأة في الحياة السياسية كعنصر أساسي في التنمية والديمقراطية.
س/ هل من الممكن أن تحدثنا عن المشاريع والبرامج التنموية الخمسة التي أعلن عنها رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني في اليوم الوطني للمرأة العراقية، وكيف تهدف هذه المشاريع إلى دعم وتمكين المرأة العراقية؟
ج/ أعلن رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، خلال احتفالية اليوم الوطني للمرأة العراقية في 3 آذار 2025، عن خمسة مشاريع وبرامج تنموية تهدف إلى دعم وتمكين المرأة العراقية في مختلف المجالات.
إطلاق الخطة الوطنية الثالثة للمرأة والأمن والسلام: وتهدف هذه الخطة إلى تعزيز دور المرأة في بناء السلام والأمن، مع التركيز على حماية حقوقها ومشاركتها الفاعلة في المجتمع.
. إطلاق منصة البيانات الوطنية بشأن المرأة: تهدف هذه المنصة إلى جمع وتحليل البيانات المتعلقة بالمرأة العراقية، مما يسهم في وضع سياسات وبرامج تستند إلى معلومات دقيقة وموثوق في صحتها.
إطلاق الشبكة الوطنية لوسيطات السلام: تسعى هذه الشبكة إلى تمكين النساء من لعب دور الوسيطات في حل النزاعات وتعزيز السلم المجتمعي، من خلال تدريبهن وتأهيلهن للقيام بهذا الدور الحيوي.
إطلاق مبادرة الفريق الوطني للمرأة العراقية: تهدف هذه المبادرة إلى تدريب وتطوير مهارات 5000 شابة من مختلف المحافظات في مجالات متعددة، بما في ذلك الاجتماعية والاقتصادية، لخلق قيادات شابة تساهم في تطوير المجتمع.
إطلاق البرنامج التدريبي النسوي الوطني: يستهدف هذا البرنامج تدريب النساء العاملات في القطاع الخاص في مجالات مثل التسويق الرقمي، الدفع الإلكتروني، تكنولوجيا المعلومات، الذكاء الاصطناعي، التمكين الاقتصادي، الإدارة، التسويق، والمبيعات، لتعزيز قدراتهن ومهاراتهن في سوق العمل، وتأتي هذه المبادرات ضمن جهود الحكومة العراقية لتعزيز دور المرأة وتمكينها في مختلف المجالات، من خلال توفير التدريب والدعم اللازمين، وتطوير السياسات والبرامج التي تسهم في تحسين واقع المرأة العراقية.
***
حاورته الدكتورة آمال طرزان - كاتبة نسوية