حوارات عامة
حوار مفعم بالصراحة مع الشاعر السومري عدنان الفضلي
عدنان الفضلي..
- انا بعيد جدا عن الشهرة وليس معروفا ضمن نطاقها
- لا علاقة بين الشعر والمنطق
- انا ابن بار لقصيدة النثر
- العراق عظيم يستحق أن نصلي عليه
- ولدت لعائلة شيوعية تسكن مسقط رأس الكون
- شراستي نابعة من إيماني بذاتي
وهو شاعر ليس في القمة ولا عند السفوح لكنه منظور لكليهما بسبب توظيفه الرمز في شعره واستخدام المفردات العذبة سهلة الهضم في قصيده إضافة للتاطير بالمفردات المتداولة احيانا التي تضيف جمالية وطرافة للقصيدة مع وعي تام باستخدام المشاكسة اللغوية ما حصل لذلك سبيلا
هذا في الشعر اما في الصحافة فالفضلي لطيف هاديء متعاون يشجع الجميع على نشر نتاجهم من دون منة منه ناشرا للجميع إذا توفرت الشروط حتى لو رفض مالك الصحيفة، اما في الحياة العامة فهو غير هذا وذاك فهو مضياف لكنه مشاكس ومسامح لكنه ذا عتاب ومسالم لكنه يرائي بالشراسة وغريب لكنه يعيش في وطنه وسومري لكن هذه السومرية تحتاج إلى دليل وهناك الكثير لكن سنعرفه خلال هذا الحوار
* هل ترى نفسك معروفاً أم أنك بحاجة إلى تعريف؟
- إذا كان السؤال عن الشهرة بصيغتها الإعتيادية، فأنا بعيد جداً، ولست معروفاً جداً ضمن النطاق المجتمعي العام، لكن أن كان القصد بين الأوساط الأدبية والصحفية والنشاط الإنساني، فأنا أحظى بعدد لابأس به من الذين يعرفونني ويفهمونني ويتعايشون مع ما أقدمه من نتاج أدبي أو إعلامي، وحتماً أحتاج الى الكثير من العمل لتطوير هذا الواقع.
* ماعلاقة الشعر بالمنطق؟
- في عمق السؤال ثمة إجابة نافية لأية علاقة تساهمية أو تشاركية بين الشعر والمنطق، لكن مادمنا نبحث عن الإختلاف فحتماً يجب التوقف عند لغة الشعر المعبّرة عن ما يجول بخاطر منتج النص (الشاعر) فهي المحرك الأول لتحريك القصيدة، حيث لا يمكن للشاعر أن يقدم نفسه شاعراً من دون قدرته على تجاوز شرط النزول عن النموذج الذي يتحدث بلغة العامة المعبرة عن الحياة والواقع الطبيعي الخارجي، وبالتالي يكون المنطق على تضاد مع الشعر، إلا في حالات خاصة ومؤقتة تقع ضمن خانة الحاجة والضرورة القصوى لمعالجة حالة مجتمعية معينة، يضطر فيها الشاعر للخضوع الى المنطق.
* لمن ينتمي عدنان الفضلي في شعره؟
- في شكل القصيدة وجنسها أنا أبن بار لقصيدة النثر، مع عدم القبول بتجاهلها الذي يصرّ البعض عليه، لكن إنتمائي كمنهج نص شعري يميل للإحتجاج، وللمشاكسة الشعرية، فأنا في القصيدة رسالة يجب تطرح الأسئلة وتحتج على السائد والمألوف، ولذلك تجدني في دواويني الثلاثة قد إشتغلت على الإحتجاج بمساحات أكبر، بل أن ديواني (مرايا عمر سعدون) خصصته تماماً لثورة تشرين وشهدائها ومناصريها.
* لماذا حولت الصلاة على العراق وآله بدلا عن من كانت له؟
- العراق عظيم ويستحق أن نصلي عليه وعلى آله العراقيين، لكن هذا ليس تغيير وجهة ما، فأنا باق على الصلاة الأخرى التي تقصدها، والواقع هو أني أتلاعب باللغة ليس إلا، وقبلي فعلها شعراء كبار وكمثال على ذلك قصيدة نزار قباني التي قال فيها "وكنتم أسوأ أمة أخرجت للناس" وحتماً لم يرد تغيير قول الله عز وجلّ، بل تلاعب باللغة ليقدم إحتجاجاً.
* منذ متى وانت ذا صوفة حمراء؟
- من وحي سؤالك المشفّر أقول أن صوفتي الحمراء هي مصدر ثرائي الأدبي واللغوي والفكر والإنساني والوطني، فقد ولدت لعائلة شيوعية تسكن مسقط رأس الكون (الناصرية) ومعقل الفكر اليساري في العراق، ولذلك تربيت على هذا الفكر الكبير. وبالرغم من عدم إنتمائي حزبياً الا أني أتشرف بكوني ذا "صوفة حمراء" إن كان وصفك بريئاً.
*من هم اصدقاؤك ومن هم خصوم عدنان وهل يحصل تغيير على الخارطة؟
*من هم اصدقاؤك ومن هم خصوم عدنان وهل يحصل تغيير على الخارطة؟
* تسعر المعارك الأدبية لكنك تحرص على محدوديتها وفي النهاية تنسحب وحتى لو كان لك حقا تتنازل عنه.. هل هي الطيبة او طبيعة متصالحة او التعب والملل؟
- أنا ليس من طبيعتي إشعال المعارك، لكني أكتب بعفوية تامة من دون خطوط حمر، لذلك أجدني في زخم مشادات لفظية مع من لا يفهمونني، أو من يريدني أن أكون على هواه ومزاجه. أما الإنسحاب فهو إنسحاب تحت رغبة وضغط الشرفاء من أصدقائي وأحبتي وقرائي وعائلتي، كما أن الطيبة هي إحدى صفاتي التي أعتز بها، لذلك دائماً ما تجدني متسامحاً.
* يراك البعض أحيانا شرساً من دون التمادي وعدوانياً من دون التسبب باذى لأحد .. ماسر ذلك؟
- الشراسة التي لديّ نابعة من إيماني بذاتي، لذلك لا أقبل بالمهادنة، أو التنازل عن قضية أؤمن بها لذلك قد أكون قاسياً أحياناً في طروحاتي، وهي قسوة مبررة لا تسبب الأذى الكبير للآخر.
* هل انت مضطرب نفسيا؟
- ربما نعم قليلاً، فأنا أعاني العصبية والإنفلات أحياناً، وهذه تسجل علمياً فعلاً نفسياً مضطرباً.
* لماذا كل الرموز التي توظفها في شعرك سومرية مع وجود حضارات أخرى في العراق؟
- الإنسان إبن بيئته، فكيف إذا كان شاعراً عاشقاً للبيئة التي نشأ بداخلها .. أنا إبن مدينة سومر وولدت على بعد مئتي متر فقط زقورة أور، وعشت ثلثي عمري في مدينة الناصرية التي ورثت كل المجد السومري المتمثل بالكتابة والقراءة والموسيقى ووضع القوانين، كما أني قارىء نهم للموروث السومري بمروياته وسروده وشعره، لكن هذا لم يمنعني أن أوظف بعض رموز الحضارات الأخرى كما فعلت في (قصائد مجنّحة) و(نبوءة العرافة المندائية) و(تصاوير بابلية) وغيرها من النصوص الأخرى.
* ماهو الأكثر نشوة للشاعر إمرأة جميلة تجاذبك أطراف الحديث أم قنينة خمر تكون طوع بنانك؟
- كلاهما يمنحان النشوة، لكن لو خيّرت بينهما سأختار الأنثى، فأنا عاشق حالم، ولديّ شغف كبير بالمرأة الجميلة التي تستطيع ترويضي، وحتى الآن أعيش قصة حب غير منتهية، لذلك تجد المرأة وقميصها متواجدان في أغلب قصائدي.
* لماذا تقيم في العاصمة بشكل دائم .. هل هو هروب من الناصرية او من التي تقيم فيها وهل وجدت ضالتك في بغداد؟
- أنا مغترب مزمن، فقد غادرت الناصرية بثلاث هجرات منها كنت بعمر العشرين عاماً حيث سكنت في بغداد لخمسة أعوام، ثم هجرة أخرى خارج العراق وتحديداً الى العاصمة الأردنية عمان، وبعدها جاءت الهجرة الأخيرة الى بغداد والتي بدأت منذ العام 2007 والسبب الوحيد في كل ذلك هو توفير المال لي ولعائلتي، فأنا لا أمتلك شهادة عليا ولا مهنة مربحة، لذلك كنت معتمداً على قلمي، وقد وجدت ضالتي في العاصمة لكونها المركز.
* ماهو نوع العبادة الذي تتبتل به في صومعتك وهل نمط حياتك فيها مثل الرهبان والدراويش؟
- صومعتي هي مكان لصناعة الجمال قبالة القبح الذي يحيط بي، فهناك أعيش أجواء الشعر والموسيقى بصحبة أصدقاء يؤمنون بما أؤمن، ولكني لست درويشاً ولا راهباً، بل بوسعك أن تقول أني غير متدين أصلاً.
* لماذا قتل الحسين عليه السلام؟
- لأنه كان صادقاً مع نفسه والآخرين، ولم يقبل أن يكون عبداً لسلطان جائر فأختار الثورة والشهادة ثمناً لهذا الصدق العظيم.
* كم إمرأة رفضتك في هذه الحياة؟
- أنا محظوظ ومحبوب من قبل النساء، لكني تعرضت للرفض أيضاً، وفي الأخير لا يمكنني التوقف عن الحب، فالأنثى عالمنا الجميل الذي نسعى دائماً للعيش بداخله.
* لمن يوجد دين في عنقك؟
- لأمي أولاً فقد ربتني وتعبت كثيراً من أجلي وتعلمت منها الصبر، ثم للناصرية العظيمة التي أرضعتني الوعي والوطنية الحقّة، وللفكر اليساري الذي علمني معنى أن تكون حراً ومثقفاً، وحتماً لعائلتي التي تساندني دائماً، ولا أنسى حبيبتي.
* هل انت نبيل في الخصومة وصائنا للود في الصحبة وكيف؟
- جداً أعيش نبل الخصومة، ولا يمكنني الغدر بخصم مهما كانت درجة الخصومة وشراستها، وقد حدث هذا معي كثيراً، أما أصدقائي وعلاقة الود معهم فهي متباينة من صديق الى آخر وبحسب المواقف، لكني لا أجيد الكره والتحامل والضغينة.
* لماذا برشلونة وليس الريال؟
- منذ عقود طويلة وأنا اعشق برشلونة، بل أكاد أن أكون متيماً بهذا الفريق، أما لماذا فبسبب نوعية اللاعبين الذين مثلوا النادي، وكذلك لكونه يمثل ميدنة يسارية الفكر.
* هل تجيد المديح والمديح مديح حتى لو كان ( للباجه)؟
- المديح لمن يستحقه لا يعد مثلبة، شرط أن لا يكون مدفوع الثمن، أما في المجال السياسي فليس على الشاعر أن يصير مداحاً لأي سياسي، لأنه سيفقد شعريته وشاعريته وكثير من جمهوره.
* أين يقف عدنان الفضلي اليوم من الصراعات الدائرة حاليا بين الأدباء؟
- أقف مع من يعمل لصالح ثقافة وأدب العراق، وأنا أدخلت ضمن حلبة الصراع لكوني صريحاً ولا أجيد المجاملة، فالمثقف الحقيقي لا يمكن أن يقف على الحياد في حال تعلق الموضوع بالوطن والشعب، ولذلك هذه المواقف أدخلتني في صراعات كثيرة، لست نادماً عليها، أما ما يحصل اليوم من صراعات أخرى فعندي يقين أنها صراعات آيدولوجية مفتعلة الهدف منها السيطرة على مقدرات اتحاد الأدباء، خصوصاً وأن الاتحاد اليوم بفعل قيادته الشابة بدأت باحداث تغييرات حقيقية داخل الاتحاد سواء على مستوى البنى التحتية أو الفعل الثقافي، وهذا يزعج كثير من الأدباء الذين يتمنون إنهيار الاتحاد.
* هل انت مجنون او تمارس الجنون بوعي؟
- أفتعل جنوناً لذيذاً بنية إسعاد الآخر، وأعيش طقوساً قد يجدها البعض غريبة، لكنها واقعية بالنسبة لي، وتمنحني طاقة إيجابية مضاعفة.
* متى تعزف عن مكالمة الآخرين وتكلم نفسك؟
- الجواب في هذا المقطع من أحد نصوصي:
عندي ما يكفي من الهذيان ..
وعليه ..
سأكلم نفسي كثيراً.
* ما أجمل ما قلت غير.. وداعاً؟
جوابي سيكون هنا في هذا المقطع من قصيدة (قصائد لقلب أعزل) والتي ستصدر قريباً تحت هذا العنوان:
لماذا تعيش الصمت
وحولك دواليب تدور
أنظر الى شرق قلبك
ثمة نون بنفسجية ..
تجادلك عشقاً
أنظر الى غرب قلبك
ثمة صبح ..
تمور بداخله القصائد
أنظر الى شمال قلبك
ثمة وطن ..
يغطيه ثلج الأمنيات
أنظر الى جنوب قلبك
ثمة مدينة ..
لا يسكنها الخائفون
- تمنيت أن الوقت لم يكن شحيحا لاطرح جميع ما يدور في جعبتي ومايراود الآخرين من اسئلة على هذا الباكي على محنة الملك ( گوديا) قبل أيام عندما طلب منه صاحب الملك الرحيل والحزين لذكرى فاجعة الطف في كربلاء الاليمة لكن ظروفه تجعله لا يستطيع التوقف.
شكرا صديقي الشاعر الجميل على صراحتك وطيبتك.
***
حاوره: راضي المترفي