حوارات عامة

الأديب عبد الله الميّالي يجري حوارية مع الروائي حميد الحريزي حول:

مولود أدبي جديد اسمه (رواية قصيرة جداً)

صدر مؤخراً في العراق للروائي العراقي حميد الحريزي خمس روايات قصيرة جداً في كتاب واحد، وسبق للحريزي أن أصدر في عام 2019 رواية (محطات) من 600 صفحة. اللافت في إصداره الجديد أنه معنون تحت مصطلح (رواية قصيرة جداً) وهو مصطلح يبدو جديداً في الوسط الأدبي العراقي والعربي. حاورنا الروائي حميد الحريزي لمعرفة هذا المصطلح الجديد.

س: نبارك لكم إصداركم الجديد (خمس روايات قصيرة جداً) . حدثنا باختصار عن هذا الكتاب.

- تحياتي، الكتاب هو الطبعة الثانية المنقحة والمزيدة لكتابنا (أربع روايات قصيرة جداً) الصادر في عام 2019 ، حيث كتب المقدمة الدكتور جليل الزهيري ومقدمة المؤلف للتعريف بمصطلح الرواية القصيرة جداً مبررات الولادة وآفاق التطور... وقد أضيفت إلى المجموعة رواية جديدة لتكون الخامسة، وقد كتبت الروايات ونشرت في العديد من الصحف والمواقع في أوقات وسنوات متفاوتة بين 2014 – 2024.

أنا على يقين أن هناك من كتب الرواية ضمن اشتراطات وقواعد الرواية القصيرة جداً كما نضّرنا لها، ولكن ليس هناك من جنسها برواية قصيرة جداً لا في العراق ولا في الوطن العربي وربما في العالم ....4253 روايات قصيرة

س: (رواية قصيرة جداً) مصطلح جديد غير متداول في قاموس السرد، ماذا يعني ذلك؟

- بكل إيجاز نقول: بإنه يشير إلى سرد ما قل ودل، وإن (جداً) هي إلحاق فن الرواية عبر الرواية القصيرة جداً بالأدب الوجيز، فالرواية القصيرة جداً هي وليدة عصر العولمة، عصر السرعة والإيجاز، هي الغذاء الروحي للإنسان يتناسب مع ما يتيسر له من زمن ضيق جداً للتزود بغذاء الروح كالشعر والموسيقى والرواية، ففي زمن انشغالات الإنسان حد الاختناق بالعمل الفكري والجسدي لتوفير متطلبات الحياة اليومية المتزايدة باستمرار، لا يتوفر وقت للإنسان أن يتفرغ لقراءة رواية من مئات الصفحات ناهيك عن رواية تتكون من ثلاثة أو أربعة أجزاء أو أكثر ومكونة من آلاف الصفحات كما هي الرواية الطويلة، وقد لا يستطيع أن يقرأ رواية تتألف من مئة صفحة وأكثر كما هي الرواية القصيرة، فأمنت له الرواية القصيرة جداً هذا الغذاء الروحي التي عدد صفحاتها يتراوح بين 25 – 50 صفحة أو أقل من ذلك. مع احتفاظها باشتراطات الرواية المعروفة. فهي ليست جنساً روائياً جديداً بل هي نوع أو شكل جديد من أنواع جنس الرواية ... وهي قلة في الكلمات واكتناز في المعنى .. ومن أبرز مميزاتها أشراك القارئ المتلقي في ملأ الفراغات السردية كمؤلف ثان في كتابة الرواية عبر مخيلته.

س: نعرف أن الوسط الأدبي غالباً يشكك بكل مولود أدبي جديد. كيف ستواجهون هذا الشك؟

- ندرك ذلك جيداً، ونتقبل كل نقد وتشكيك موضوعي يطالبنا بشهادة ميلاد واقعية لهذا المولود الجديد .. وندرك تماماً أن هناك من يرى أن هذا المولود خديجاً يحتاج وضعه في حاضنة الإبداع الأدبي ليكتمل نموه عبر تجريب الكتاب وكذلك تقويمه عبر النقد الهادف، وأن هناك من يرى أنه مولود معافى قادر على الحياة واثبات وجوده في فضاء الإبداع الأدبي وأنواع الرواية الأخرى كالرواية الطويلة والرواية القصيرة، ومنهم من يرى أنه كائن ولد ميتاً ولا يمتلك مقومات الحياة.

إننا زودنا هذا المولود بكل الإمكانيات النظرية والعملية ليتمكن من شق عباب بحر الآراء المتلاطمة ليصل إلى بر الأمان حاله حال ما سبقه من الأنواع الجديدة ومنها القصة القصيرة جداً والشعر الحر وقصيدة النثر وهي أشكال وألوان واجهت الكثير من العقبات والاعتراضات ولكنها أثبتت حضورها الفاعل في الوقت الحاضر، بمعنى أننا لم نأتِ بما لم يكن سابقاً فقانون الحياة وقانون الإبداع والفن والأدبي هو التجديد والتغيير الدائم لكي تنسجم مع روح العصر المتجدد دوماً.

ومنذ أكثر من عشر سنوات كتبنا ونشرنا الرواية القصيرة جداً، ولاقت قبولاً جيداً من قبل القراء والنقاد وترجم بعضها كرواية (أرض الزعفران) القصيرة جداً إلى الفارسية وطبعت ونشرت في إيران، وكذلك ترجمة رواية (القداحة الحمراء) إلى اللغة الكردية بعنوان (كاوه الأهوار) طبعت ونشرت في كردستان العراق، وترجمة رواية (المقايضة) إلى اللغة الانكليزية وهي تحت الطباعة والنشر حالياً، كذلك كتبت العديد من الدراسات والمقالات النقدية حول ما كتبناه من روايات قصيرة جداً، مما يعني أن الرواية القصيرة جداً على الرغم عمرها القصير استطاعت أن تجد لها مكانا مناسباً في الوسط الأدبي العراقي والعربي والعالمي أيضاً.

س: خمس روايات قصيرة جداً دفعة واحدة، هل هو لإثبات الريادة لكم في هذا المضمار عراقياً وعربياً؟

- الروايات الخمس لم تكتب في زمن ووقت واحد، بل كتبت على مدى عشر سنوات متواصلة منذ 2014 ولحين التاريخ، ولكننا ارتأينا جمعها في كتيب واحد لاختصار الكلفة ولتقديم أكثر من رواية للمتلقي في كتاب واحد ولكون صفحاتها محدودة جداً، ولاشك أننا نهدف أيضاً إلى أنّ كتابة هذا النوع مستمرة من قبلي فقد أنجزت الرواية القصيرة جداً السادسة، وكذلك هناك كتابات للعديد من الكتاب من العراق والوطن العربي قيد النشر تواصلاً مع هذا الوليد وإثباتاً لواقعيته وضرورات وجوده، وقد ترجمت أحدى رواياتي ونشرت باللغة الانكليزية ورواية أخرى ترجمت إلى اللغة الكردية وأخرى ترجمت وطبعت ونشرت باللغة الفارسية كما ذكرت آنفاً.

س: كيف ترون مستقبل الرواية القصيرة جداً في المستقبل؟

- لأنها تحتفظ باشتراطات الرواية، ولأنها رشيقة، ولأنها أشركت المتلقي كمؤلف ثان يشغل كل فراغاتها السردية التي تطلبها الإيجاز والتكثيف، ولأنها تتجاوب مع روح عصر السرعة، ولأنها غذاء روحي لا يمكن الاستغناء عنه فأنا أرى وكما أخبرت الإعلامية كابي لطف من إذاعة مونتي كارلو عندما سألتني: كيف ترى مستقبل الرواية القصيرة جداً. فأجبتها: بأني أراها رواية المستقبل بامتياز.

***

حاوره: عبد الله الميّالي

 

في المثقف اليوم