حوارات عامة
جواد كاظم البيضاني: حجم التهديد وافق العلاقة مع العرب.. لقاء مع وزير خارجية جمهورية ارتساخ
تشكل منطقة القوقاز عقدة مواصلات مهمة في الحد الشمالي للعالم العربي، وهي واحدة من اهم المناطق ذات التأثير المباشر في ميزان القوى، والمحرك الفاعل للصراعات المستحكمة بمنطقة الشرق الأوسط، فهي السكين المؤقت لاي انفجار ربما يحدث، او نزاع ينشب بين طرفي النقيض، لان أيدلوجية الحرب بمفاهيمها التقليدية توصلنا الى قناعة بحتمية التصادم بين بلدان هذه العقدة، ولعلنا نفاجئ اذا ما علمنا ان اقليم متناهي في الصغر يشكل تهديد كبير في وقوع مثل هذا التصادم الذي وصفه البعض بالحتمي. انها (قرباغ) او ما تسمىناغور نيقرباغ وسكانها يسموها (ارتساخ) وهذا الاقليم له وقع مؤثر في القراءة الاستراتيجي لثلاث دول مهمة في المنطقة هي ايران وتركيا وروسيا، فضلاً عن المحيط العربي القريب جداً، وهي قريبة من بؤرة نزاع مستحم في المنطقة بين تركيا وروسيا ودول اوربا طرف فيه، فضلاً عن الإستراتيجية الغربية التي تعتمد القضم والتطويق للضغط على روسا وايران وتحجيم إستراتجية الصين في بعدها الاقتصادي .
وللوقوف عن حجم هذا التهديد كان لنا لقاء موسع مع وزير خارجية قره باغ الجبلية الأستاذ الدكتور دافيد بابايان الذي يحلوا لبعض وكالات الانباء ان تسميه بـ(اقليم قرباغ المتناع عليه).
وقبل الحوار مع الدكتور دافيد بابايان لا بد ان نُعرف بموقع جمهورية قرباغ، فهي منطقة جبلية وعرة تقع وفق المعاهدات الدولية في الخاصرة اليسرى على الطرف الجنوبي الغربي من دولة اذربيجان، عاصمة هذه الجمهورية مدينة استيبانا كيرت، وربما سميت بهذا الاسم نسبتاً إلى الزعيم الأرميني ستيبانشو ماهان، يعتمد نشاط هذه الجمهورية غير المعترف بها دولياً على الزراعة وتربية المواشي وبعض الصناعات التقليدية. وهي منطقة شهدت نزاعات بين القوى الاقليمية الثلاث في المنطقة، وكان سؤالنا الاول للدكتور بابايان عن: السبل التي مكنت هذه الجمهورية المحاصرة من اذربيجان بان تحافظ على كيانها رغم عدم التوافق الكبير بين ارمينيا واذربيجان؟
قال السيد بابايان بعد الترحيب والشكر: "الحقيقة ان اذربيجان لم تقاتل بمفردها، بل كانت هناك غرفة عمليات تركية اذرية واشتركت معها دول اخرى، وعليك ان تتصور الفرق الكبير ان تقاتل بدولة سكانها بكل شرائحهم لا يتخطون (150) الف وبين دولتين يتجاوز نفوسهما (100) مليون تملك التقنيات العسكرية المتطورة والاسلحة الفتاكة . نعم قاتلت اذربيجان والارهابيين المجندين من دول متعددة الذين تطوعوا للقتال الى جانب اذربيجان مقابل المال، وهذا يوضح لنا حجم التفاوت العددي الكبير. لقد خسرنا الكثير وهذا امر وارد في الحرب لكننا حافظنا على استقلالنا وهذا الامر المهم.
وهنا تبادر الى ذهني سؤال: " في ضوء هذا التهديد الذي وصفتموه ما هو الضامن لاستقلالكم ؟
يجيب الدكتور بابايان: "إن نهاية الحرب بين اذربيجان وارتساخ كانت فيها بصمة روسية. فعلاقتنا مع روسيا علاقة وثيقة، وودية ونحن اخوة، وروسيا هي الضامن، ونحن نقدر تقديراً كبيراً الدور المميز الذي تضطلع به في فرض حالة الاستقرار في المنطقة ومعالجة اي تدهور فيها، ولكم ان تعلموا ان علاقاتنا مع الاشقاء في روسيا هي علاقات تاريخية متينة، وقوات حفظ سلام روسيا ساهمت في اعادة اعمار ما خلفته الحرب، فضلاً عن تعزيز الأمن والاستقرار في جمهوريتنا.
وعن علاقات جمهورية ارتساخ مع دول العالم، والدول التي اعترفت بجمهورية ارتساخ، قال؟
لدينا علاقات واسعة مع بعض الدول، وهناك تمثيل دبلوماسي لنا مع بعضها، فمثلاً هناك اعتراف متبادل مع جمهورية جمهوريةابخازيا وجمهورية بريدنيستروفيا وجمهورية أوسيتيا الجنوبية وهي جمهوريات مستقلة، وأيضا تم الاعتراف بجمهوريتنا من مجالس بعض الولايات الامريكية وفي اوسترالية وبعض المدن والبلديات الاميركية وفي أوربا ايضاًأوروبية.والحق ان للجالية الارمنية في الشتات دوراً في ذلك. فدعمهم لأشقائهم لا ينقطع لأنهم يدركون جيداً حجم التهديم الذي يتعرض له شعبنا.
وعن العلاقات مع العالم العربي قال الدكتور دافيد بابايان؟
من غير ادنا شك ان الوطن العربي يمثل لنا أهمية كبيرة، ويعود تاريخنا مع العرب الى قرون خلت، وهناك نشاط اقتصادي، وتاريخي وبنيوي تربطنا مع العرب، لقد ابطل شعبنا اكبر تحدي على المسلمين وهو ثورة بابك الخرمي على العباسيين في فترة ٨٢٦ - ٨٣٧. وكما هو معلوم فان انتصار هذه الثورة لو حصل لكان له اثر خطير ومدمر في مسيرة الحضارة الإسلامية التي شعت في هذه المرحلة. وهناك تلاقع فكري ومعرفي مع المسلمين، فالإسلام هو دين عظيم انتج حضارة عظيمة، نحن نكن لها الاحترام والتقدير.
ويتابع بابايان القول أن للعرب موقف مشرف في التاريخ الحديث عندما وقفوا إلى جانب شعبنا بفعل الإبادة التي ارتكبت بحق الأرمن، فكانت بلادهم مواطن لشعبنا الجريح، وعاش الأرمن في كثير من البلدان العربية كمواطنين كانت لهم انجازاتهم في حقول معرفية وعلمية وصناعية .
في الختام قال الدكتور دافد بابايان: " نحن من خلالكم نريد ان يطلع الشعب العربي على حجم التهديد الذي يتعرض له شعبنا، وشعوب الإقليم من تركيا التي تشكل تهديد حقيقي للعراق ومصر وسوريا وليبيا ودول الخليج العربي، لأنها حالة عدم استقرار بسبب اطماعها التي اعلن عنها المسؤولين الاتراك في اكثر من مناسبة. متمني ان تعيش المنطقة بأمن وسلام بعيداً عن التهديدات التي تفرضها الدول القوية على الدول الأقل منها قوة.
اجرى اللقاء الدكتور جواد كاظم البيضاني