أقلام حرة
صادق السامرائي: فكرة غريبة!!
منذ المرحلة المتوسطة لا أعرف كيف ركبتني هذه الفكرة، وخلاصتها أنني في مساء اليوم الأخير من كل عام أجلس فوق قمة الملوية (الجاون)، متأملا الفضاء الشاسع ومتواصلا مع الأكوان، أرقب غروب شمس اليوم الأخير من العام، وأمامي معالم القصور العباسية، فكنت أعيش لحظات روحية مترعة بالنشوة الإبداعية، التي تدفعني للكتابة حتى منتصف الليل.
كل آخر يوم من كل عام صار جلوسي عند المساء على قمة الملوية أشبه بالطقس، الذي تواصلت معه طيلة تواجدي في الوطن.
إستحضرت تلك الساعات التأملية الخلاقة ونحن على أعتاب نهاية عام ميلادي، وودت لو كنت جالسا فوق الجاون، وروحي تخاطب السماء وتحاور التأريخ والحياة!!
وكم تساءلت هل كان يجلس الخليفة المتوكل برفقة البحتري فوق الجاون؟
وأتعجب عن عدم وصف البحتري للمنظر الجميل المترع بالروعة الخلابة، فربما كان الوصف المجاني لا ينفع، فلكل كلمة عند البحتري ثمن، وهكذا وصف لا يمنحه المطلوب، أو ربما لم يخطر على بال المتوكل أن طلب منه وصف المشهد البديع، أو أنهما لم يجلسا فوق الجاون، وهذا إفتراض بعيد!!
ققمة الملوية كما في بعض المدونات كان عليها بناء أشبه بالرابية التاجية، التي يرنو الجالس فيها إلى بانوروما الحياة المتوهجة بأمواج التألق البهيج!!
مما يعني أن القمة كانت مرتعا روحيا وتأمليا للذي يكون فوقها، وهذا ربما يرجح أن المتوكل والبحتري أحيانا كانا يتنادمان عليها وهما في ذروة الإشراق.
مَن يجالس التأريخ عند الغروب فوق قمة الملوية تتكشف له أغطية المحجوب!!
بها روحٌ إلى العلياءِ تَسري
تلوّتْ نحوَ مُطلقِها لتدري
أرادوا عرشَ أكوانٍ تَجلّتْ
موثقةٍ بآياتٍ بذكرِ
لسامقةِ العصورِ أتى زمانٌ
يحدّثنا بلا عِلمٍ ويُفري
جَهولٌ في مَرابعنا تمادى
يُمزّقنا ويَدْعونا لغدرِ
***
د- صادق السامرائي







