أقلام حرة
ثامر الحاج امين: التوظيف السيء
في بلدان عدة نجح القابضون على السلطة في استغلال النصوص الدينية للتوظيف السياسي واتخاذها وسيلة للهيمنة السياسية والاقتصادية وكذلك استخدامها اداة للقمع ومصادرة الحريات وخداع عقول البسطاء وجعلها أسيرة إرادتهم الشيطانية وذلك من أجل البقاء في السلطة لتحقيق مآرب شخصية ومصالح فئوية، ويذكر لنا التاريخ انه عندما قام يزيد بن المقفع بأخذ البيعة ليزيد بن معاوية على مضض من الناس تصدى له احدهم بقوله (اني ابايع وانا كاره للبيعة) فأجابه معاوية الذي كان حاضرا الموقف: بايع يا رجل فان الله يقول (وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم)، انظر كيف تم توظيف النص في هذا الخطاب السياسي الذي نجحت العديد من الأنظمة الدكتاتورية في البقاء فترة طويلة في السلطة نتيجة توظيف النص زورا لتبرير فسادها وفشلها وقمعها المخالفين لسياستها وافعالها فهم حرصوا على ترجمة القول المنسوب لابن خلدون (إذا أردت أن تتحكم في الجاهلين فغلف كل باطل بغلاف ديني)، وقد ذهبت عدد من الجماهير ضحية الساسة الاشرار الذين امتهنوا الدجل واللعب بعواطف البسطاء ما جعلوا النص الديني موضع المساءلة والاتهام لدى الغالبية التي لا تفرق بين النص والخطاب .
والاستغلال السياسي لم يقتصر على توظيف النص الديني في خطاب السياسيين فحسب انما تعداه الى استغلال الطقوس والمناسبات الدينية لتمرير الخديعة فنشاهد عدد كبير من المسؤولين يستثمرون الطقوس لأغراض شخصية حيث تراهم يتسابقون على الظهور في مجالس العزاء بالملابس السوداء والمشاركة في تحضير وجبات الطعام والمسيرات والقاء الخطب وتقديم الدعم المالي للقائمين على اعداد هذه الفعاليات وكل ما يقومون به مكشوف النوايا وهو استمالة البسطاء لشخصهم وليجعلوا منهم قاعدة انتخابية تتيح لهم الوصول الى السلطة، وهذه الأساليب المفضوحة لا تنطلي على الشعوب الواعية حيث سرعان ما تكتشف هذه الشعوب الخديعة فتقوم بازاحة الساسة السيئيين عن المشهد السياسي واستبدالهم بساسة وطنيين حريصين على بناء الدولة ورسم مستقبل مشرق لأجيالها، أما الشعوب المخدوعة بالشعارات والخطابات الزائفة فانها تبقى أسيرة الخداع والتلاعب بمستقبلها، فالنصوص الدينية وجدت لإصلاح الحياة وليس لاستغفال البسطاء والتسلق عل اكتافهم من أجل تحقيق منافع دنيوية .
***
ثامر الحاج امين






