أقلام حرة

صادق السامرائي: الرفد المعرفي!!

رفد: دعم أعان بعطاء أو صلة.

تندر الروافد المعرفية في دولنا، فالسائد إستحضارات إستنساخية لما أنتجه غيرنا، فنحن نتبع ونقلد بقصور ونحسب أننا ندري، ونتباهى بتذييل ما نكتبه بمصادر أجنبية .

وما أكثر ترجماتنا لعطاء الآخرين، ولا نمتلك عطاءات أصيلة سائدة، ونشيح الطرف عن لغتنا وهويتنا وتراثنا المعرفي، ونتبجح بأننا ننهل من معين أجنبي.

المجتمعات تنضح مما فيها، ولا تنضح ماء غيرها، ونحن نتفاخر بأننا نجيد لسان غيرنا ونحط من قيمة لساننا، ونستهين بعقولنا، ونحسب كل ما هو آتٍ من بلادٍ بعيدة، جيد ويبهرنا وعلينا أن نتعاطاه كبلسم لمحنتنا المعاصرة.

وما أكثر السم المدسوس في عسل المستوردات من الأفكار والرؤى والنظريات، وكم خدعنا بأن العلة في تأريخنا وديننا وشعرنا، وعلينا أن نجدد وننكر ما عندنا ونتمثل ما عند الآخرين، فتحقق إستعمارنا فكريا وثقافيا وتميعت معارفنا، وتوهمنا بأن الأجداد ليسوا بشرا ولا يمكننا أن نكون مثلهم، لأنهم حالة ملائكية ذات قدرات خارقة.

فأضحى واقعنا الثقافي بلا روافد تنبع من جوهر أعماق الأمة، فجفت عروق وعينا، وتهدمت ركائز سلوكنا، وتهاوت خيام مصيرنا، وأمسينا ندين بالتبعية والخنوع للذين يغفلوننا ويحقنوننا بما ينومنا ويخدرنا، وهم بشراهتهم الإستحواذية ينهبون ما عندنا من كل شيئ، حتى بتنا بلا طعم ولا رائحة، وأخذوا يكيلون علينا الأوصاف السلبية ويحسبوننا أرقاما لا قيمة لها، وموجودات معادية للحياة، وتسعى لصناعة الموت في كل مكان.

إنها لعبة الفناء الذاتي التي تُسَخَر فيها عناصر الهدف لنخره وإسقاطه كأعجاز النخيل المتتشوقة للتحول إلى رماد، بدلا من إلتهامها بديدان التراب الغاشمة.

فاقتلوا بعضكم، يا أمة سئمت منها الأمم!!

روافدنا تقطّعها الأعادي

بأجيالٍ مكبّلة الأيادي

حكوماتٌ بها الأهدافُ فازتْ

لتقهرنا بزنزان البلادِ

أعاجيبٌ تفرّقنا لنبقى

بدائرةٍ من الفعل المُصاديِ

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم