أقلام حرة

إنعام كمونة: عام جديد.. لكن غير سعيد

(أطلب العلم من المهد إلى اللحد)

اكتب عن حقائق مؤلمة وملموسة على سطح الواقع بمسؤولية وحرص بأبنائنا الطلبة، دون تزييف أو تلفيق أو تأطير بل معلومات من أولياء الأمور بثقة مصادر وما عانوا منذ بداية العام بأمانة الكلمة…

ها قد بدأ العام الدراسي الجديد من نهاية الشهر التاسع، وانهالت جيوب التسوق قبل شهر منه، ازدحمت المكتبات والمحلات والأسواق والبسطيات والشوارع بما لذ و طاب وملأ عيون الأهالي والطلاب من المستلزمات المدرسية ومتطلبات الدراسة كتجهيزات شتى من الملابس والقرطاسية، توافد الأهالي على الشراء طوابير طوابير بازدحام ملفت رغم أن أسعار البضاعة خصوصا الحقائب بأنواعها لم تكن بالسعر المناسب للجميع، فمنها الأغلى لمن يحبذ متانة وجودة السلعة بتصاميم جميلة ومغرية، وهناك من لم يجد لجيبه سبيل شراء إلا بما ستجمعه خلال فترة العطلة وخاصة ممن لديهم عدة أبناء في مراحل مختلفة، مع كثير من المفارقات التي نراها في محلات التسوق وبضاعة المكتبات ترهق جيب الأهل بشراهة شراء ارضاء لأبنائهم، وكانه العيد، لا لوم عليهم والقرطاسية جذابة بأشكالها وألوانها، مغرية للاذواق، وتبدأ صعوبة اقناع التلاميذ صغارا وكبارا، بتلك المعاناة أزر ثقيل على المواطن، لو أن وزارة التربية تساند العوائل ببعض التوزيع ودعمهم المعقول لهانت المعضلات، لكن لا حياة لمن تنادي، وبهذا الزخم من المشتريات ورغبة الطلاب باقتناء غير منظم تكون معاناة الأهل، ولو كانت المواظبة على الدوام، وتحضير الواجب بنفس الهمة ليحصدوا جميعا نتائج باهرة لكن ما نتلمسه ينافي ما نطمح اليه..

والجميع يعرف تفشي الكسل و الخمول والأهمال واختلاق الحجج لعدم الذهاب للمدرسة خاصة من يتابع لعبة أو مسلسلا على الموبايل، وبسلامة الأنترنيت يُفضل الطالب العطل والتعطيل والتكاسل عن الدراسة، وهو ما يرهق الأهل بمحاولة إقناعهم بعدة طرق دون جدوى، مما يجعل علاقة الآباء والأمهات بالأبناء متوترة وضعيفة ويحل الشقاق بينهم لدرجة الكراهية، وخاصة مع من هم بعمر المراهقة بتصورهم أنهم تُسلب حقوقهم وراحتهم، نعم لهم أحق الحقوق بالترفية والسفر ومطالبتهم الأهل لتضخيم مكافآتهم من أجل أن ينجحوا، وما حيلة للأهل إلا الرضوخ المهم ينجح من عام لعام بأي طريقة ممكنة فمثلا الطالب المجتهد ينجح بمجهوده وتعبه، وآخر بمساعدة الأساتذة وترجيهم، حتى لو خاض الدور الثاني والثالث، وأخيرا كما نقول بالزحف، باقل الدرجات أو رفع المعنويات بعدد الناجحين بأسلوب قرار الإضافة.. خمس.. عشر درجات أحيانا، وهذا حال طول السنة الدراسية ما يسبب عبأ ثقيلا لا يطاق على الأهل، والكل يعرف أن معظم الطلاب لا يعتمدون على شرح الأستاذ وهم لا يشرحون بشكل جيد، بتصرف متعمد ما حدا بالأهالي والطلبة إلى الدراسة باشراف اساتذة أو دخول معهد، أو مع مجموعة طلاب وهذا دوام ثاني يرهق الطالب ويشوش فكره ويشتت وقته بين دوامين، ينصاع الأهل مضطرين لدفع أقساط الدراسة لتمشية حال العام الدراسي لأبنائهم، علما الكل لا يحب الدراسة حتى الطالب المجتهد، إلا ما ندر، قد يفضل بعضهم والكثير من الأهالي أن يسجلوا أبنائهم في مدارس أهلية لها نظامها الخاص والمعتدل بتحضير الواجب داخل المدارس أو خارجها، هذه المدارس جيدة ومعتمدة بسمعة وعلمية أساتذتها فيها، واشرافهم على الطالب بتنظيم وقته حتى بالسفرات والفعاليات، فيلجأ الأهالي للأغلى و الإرهاق المادي بحرصهم، من أجل أن تفتح نفسية الطالب ويتهيأ مجتهدا يحب الدراسة نفسيا وعقليا وحتى جسديا بفعاليات وانشطة تلتزم الطلاب حتى بالعطل...

ولنقف عند ظاهرة الهروب من الدراسة فهناك أسباب عديدة :منها تأخر تنظيم الإدارة وعدم تجهيزها بمتطلبات المدرسة، إضافة إلى عبثية التعامل والتصرف مع الطلاب وفي مدارس الطالبات خصوصا، تقلب مزاج المدرسين بعدم الالتزام وإعطاء المحاضرات، التماهل بالتنبيه على الواجب اليومي إلا بعد أن تتذكر أخر الليل وترسل مادة التحضير بحدود الحادية مساء وأحيانا الواحدة صباحا وهي في بيتها، تنشره متأخرا على مجموعة المرحلة، ما يرهق فكر الطالب نفسيا وجسديا، متى يحضر وهو نائم؟، أو على وشك التهيؤ للنوم بعد تحضير دروسه...

 أحيانا تطلب تحضير واجب معين بوقت متأخر والطالب لا يملك كتاب المادة، من أين يجلبه ومتى، حتى المكتبات مغلقة ليلا، الأمر غير سهل على جميع الأهالي، ربما ولي أمر الطالب غير متواجد، ألم يكن من واجب ادارة المدرسة تهيئته من التربية، بهذا يُفرض على الطلاب شراءه من المكتبات هذا أن توفر بسهولة، لذا يحتاج وقت للحصول عليه لعدم توفره، خاصة بعد تغير المناهج، أليس من واجب أدارة المدرسة أن تجهز الطلاب بالكتب، لا أن تلزمه بتحضير دروس كثيرة خوفا أن تتراكم المادة لوجود فترات عطل كثيرة معروفة السبب!!، كيف يحضر الطالب درسه وهو بدون كتب؟ وكلما تأخر أستاذ المادة على تدريس مرحلته يتحمله الطالب...

 والنقطة الأخرى عدم تهيئة ادارة المدرسة نظام الصفوف وكل يوم انتقالهم من صف الى صف أو دمجهم دون مبرركل شعبتين بصف واحد وكأنه نظام تحت التجربة، وهناك ما نستغربه لا أعرف نبكي أو نضحك وكطرفة نقول :أن بعض المدارس آيلة للسقوط قديمة جدا ومتهدمة موجودة في بعض مناطق بغداد لذا طلب مدير المدرسة من الطلاب أن يضعو قلائد باسمائهم الرباعية خوفا من أن تتهدم المدرسة عليهم ويموتوا تحت الأنقاض ويخلي نفسه من المسؤولية بعد أن بح صوته و تهرأت أسطر المناشدة من التربية لترميم أو تبديل لذا احال الأمر الى أولياء الأمور والطلاب لكن دون جدوى ...

وطرفة أخرى ونحن ما زلنا على اعتاب بداية الدوام أن المدارس الجديدة مجهزة بالبنكات والسبلتات والأضوية، الادارة لا توافق تزويد الصفوف بالكهرباء بل للأدارة فقط والحانوت ونحن تحت درجات حرارة لا تحتمل فكيف يصبح الطالب محبا للمدرسة شغوفا بدروسه؟؟، أكيد سيقضي وقته بملل وحجج حتى لا يحضر للدوام...

 أرحموا الطلبة والأهالي أيضا يا اسياد المدارس هم ابناؤكم وأمانة العلم بين أيديكم، هيئوا لهم سبل الراحة ليبدع من له في الدراسة اجتهاد وحظ، وهذا غيض من فيض لا يسع المجال الحديث عنه، فلله المشتكى، والمؤسسات التربوية في غفوة حالم، وشر البلية ما يضحك.

***

إنعام كمونة

 

في المثقف اليوم