أقلام حرة

شاكر عبد موسى: المهاجرون.. وجدوا الإسلام ولم يجدوا مسلمين

جلسة محكمة غير اعتيادية في كندا تجسد الإنسانية بأسمى صورها، حيث وقفت قاضية أمام مجموعة من المهاجرين الذين وصلوا إلى هذا البلد بطرق غير نظامية، لتحكي لهم قصة جديدة عنوانها الأمل والعدالة.

 في أجواء محفوفة بالتأثر، نطقت القاضية بكلمات لم تُسمع مثلها من مسؤول عربي، لتتحول لحظة منح الجنسية إلى احتفال بالإنسانية والكرامة.

بدأت القاضية حديثها بصوت دافئ يحمل بين طياته الإقرار بتضحيات أولئك الأشخاص الذين تركوا وراءهم أوطانا مثقلة بالوجع بحثا عن حياة تستحق أن تُعاش. قالت لهم: أيها السيدات والسادة، نحن ندرك تمامًا الطريق الشاق الذي خضتموه والأوطان التي فارقتموها سعياً وراء مستقبل أفضل. وأضافت بفخر واضح: أنتم الآن جزء لا يتجزأ من هذا البلد الجميل. في هذه اللحظة التاريخية، تتحولون من مهاجرين إلى مواطنين مثلي تمامًا، لا فرق بيننا، فكلنا على قدم المساواة.

ثم ذهبت كلماتها أبعد من ذلك، لتفتح أمامهم أبواب الحرية والكرامة على مصراعيها. قالت لهم: في هذا البلد، أنتم آمنون، لكم حرية اعتناق ما تؤمنون وتطبيق ما يتماشى مع قناعاتكم دون خوف أو مضايقات. يمكنكم التنقل والعمل حيثما تحبون، والدخول والخروج من البلاد وقتما تشاءون. لكن نصيحتها الأهم كانت تعليم أبنائهم قول الحق والعمل به، ومواجهة العنصرية بكل أشكالها.

وفي لمسة إنسانية مؤثرة، اختتمت القاضية حديثها بعبارة بسيطة ولكن عميقة: قوموا الآن واجتمعوا حول بعضكم البعض لنحيي هذه اللحظة معًا. تلك العبارة حملت معها رسالة التسامح والتكاتف التي تغيب عن الكثير من بقاع العالم.

مع هذه الكلمات، غصّت القاعة بمزيج من البكاء والتأثر. دموعٌ عكست سنوات من الحزن والحرمان عاشها هؤلاء في بلدانهم الأصلية— بلدان تشهد على وجع القهر والتشرد.

وفي سؤال يثير التفكير العميق، يبقى الأمل قائماً: هل يمكن أن نشهد مثل هذه اللحظات الملهمة في وطننا العربي الكبير؟ أم أن تلك الأحلام لا تزال بعيدة المنال؟ تذكّرنا هذه القصة بما يمكن أن يكون عليه العالم إذا قررنا أن نترك وراءنا الخوف ونتشبث بالقيم التي تجعل الإنسان أولاً وأخيرًا.

***

شاكر عبد موسى/ كاتب وأعلامي

ميسان

 

في المثقف اليوم