أقلام حرة

صادق السامرائي: الأرض والبشر!!

علاقة الأرض بالبشر أزلية وذات إيقاع متكرر ومتشابه، وتستعين عليهم بالأوبئة بأنواعها كلما سئمت من كثرتهم، وعلى مدى قرون عديدة حافظت على نسبة بشرية تستطيع أن ترعاها وتكفل حاجاتها للبقاء، وما بلغت أعداد البشر أكثر من مئات الملايين في معظم العصور، وعند إطلالة القرن العشرين كان العدد دون البليونين، وفي الحرب العالمية الثانية كانوا أقل من  ثلاثة بلايين، وفي مطلع النصف الثاني من القرن العشرين، تمكن العلم من توفير اللقاحات التي قللت نسبة وفيات الأطفال ومنعت إصابات الكبار، إضافة إلى الثورة الدوائية وفي مقدمتها المضادات الحيوية، فتسارع نمو البشر وإزدادت أعدادهم بإضطراد غير مسبوق، وتجاوزالعدد ثمانية بلايين.

فهل تتحمل الأرض هذه الأعداد المتزايدة؟

هل ستطعمهم وتسقيهم وتسعدهم وتغنيهم؟

إن للأرض إرادتها وقوانينها وأساليبها للحفاظ على وجودها، فهي لا تغامر بمصيرها، وعندما تتعلق المسألة بديمومتها، فلا تعرف الرأفة ولا الرحمة، وتتحول إلى وحش فتاك.

ويبدو أن إرادة الأرض فاعلة في لا وعي البشر، وهي التي دفعته إلى إبتكار ما يفنيه ويقضى على النسبة العظمى من نوعه.

فالأسلحة ذات التدمير الشامل بقدراتها المتنوعة من النووية وما بعدها، وكذلك القدرات البايولوجية، التي كانت تستخدمها الأرض صار البشر يستحضرها للنيل من البشر، كما أن العدوانية قد تنامت، وصار البشر يخشى البشر، مما يعني أن طاقات التماحق أخذت تنبثق وتتفاعل، بعد أن توفرت الأدوات اللازمة لتنفيذ تطلعات البغضاء والكراهية والعدوان الشرس على الإنسان والبنيان.

وربما ستعود الأرض إلى ما كانت عليه عند مطلع القرن العشرين، أي أن عدد البشر على ظهرها سيتناقص لكي تتحمل أعباء معيشتهم، وسعيهم الآمن فيها.

فكيف ستحقق الأرض هدفها؟

إنها ذات آليات متنوعة ومؤثرة، وستستهدف الهدف بعناصره ليتمكن من تنفيذ إرادتها، أي أنها ستسخر البشر للقضاء على البشر، وهذا ليس ببعيد، فالدنيا قاب قوسين أو أدنى من إطلاق ما يلغيها ويفنيها في لمحة بصر.

فهل ستنتصر علينا الأرض؟

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم