أقلام حرة
بديعة النعيمي: الحرب على غزة (46): عقوبات جماعية
كانت العصابات الصهيونية قد بدأت عمليات التطهير العرقي بحق الشعب الفلسطيني بتاريخ ٣٠/نوفمبر/١٩٤٧ وامتدت إلى تاريخ ١٤/ مايو/١٩٤٨ أي تاريخ الإعلان عن قيام دولة الاحتلال. وكان قد رافق عمليات التطهير تدمير كامل او جزئي لمئات القرى الفلسطينية وكان الهدف في ذلك الوقت هو إفراغ هذه القرى وإقامة مستوطنات على أنقاض معظمها. واستمر فعل التدمير والهدم لما بعد ذلك وإلى يومنا هذا مع اختلاف الذرائع والمبررات مثل الهدم كسياسة عقاب جماعي في حال تنفيذ عمليات تؤدي لمقتل االيهود. ففي هذه الحالة تعاقب سلطات الاحتلال عائلة المقاوم بأكملها بهدف ردعه وكذلك في محاولة منها للقضاء على المقاومة الفلسطينية، بينما هدفها المضمر من عمليات الهدم هو تهجير الفلسطينيين تمهيدا لبناء المستوطنات عليها. وقد أعلنت منظمة العفو الدولية أن الجيش "الإسرائيلي" قام بين شهر أيلول لعام ٢٠٠٠ وشهر كانون الثاني لعام ٢٠٠٣ بتدمير أكثر من ثلاثة آلاف منزل وأوقعت أضرارا بآلاف أخرى.
وفي كافة حروبها على غزة كانت تتبع نفس الأسلوب من العقوبات الجماعية ،حيث تقوم في كل حرب بتدمير العمارات والبيوت السكنية التي من المفترض أن تكون آمنة ومحمية بناءً على القوانين الدولية ومنظمات حقوق الإنسان. غير أنها في كل مرة تتذرع بأنها تقصف مواقع تحمي أفرادا من المقاومة التي تطلق عليها مصطلح "إرهابي".
وفي ٧/ اكتوبر/. ٢٠٢٣ حمّل قطاع غزة بأكملة مسؤولية العملية التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في مستوطنات الغلاف. واعتمدت دولة الاحتلال في حربها على تدمير ممنهج طال أحياء ومربعات سكنية بالإضافة إلى المدارس والمستشفيات وغيرها. وبهذا فقد فقد عشرات الآلاف من سكان غزة منازلهم كليا بعد تسويتها بالأرض إما بقصفها عن طريق الجو أو تفجيرها أو كما كشفت صحيفة هآرتس العبرية "أن الجنود يدمرون بعض المباني في غزة بإضرام النيران فيها بناء على أوامر مباشرة من قادتهم".
ووفق البنك الدولي فإن ٣٤ ألف منزل دمرت بالكامل من بين ٥٥ ألفا بنسبة تدمير تصل لنحو ٦٠% تقريبا.
وطبقا لاتفاقيات جنيف ١٩٤٩ تعتبر العقوبات الجماعية جريمة حرب. فالمادة ٣٣ من اتفاقية جنيف الرابعة تنص على أنه " لا يجوز معاقبة أي شخص محمي عن مخالفة لم يقترفها هو شخصيا" و " تحضر العقوبات الجماعية وبالمثل جميع تدابير التهديد أو الإرهاب".
***
بديعة النعيمي