أقلام حرة

صادق السامرائي: يلعنون الظلام ويخشون إيقاد شمعة!!

الكتابات السائدة تجيد لعن الظلام، فما أكثر لعنة الظلام، بالمقالة والشعر وفنون الأدب الأخرى، وحتى في الأغنية ومشارب الفن المتنوعة، ولن تجد بينها من يفكر بإيقاد شمعة، والعمل بجد وإجتهاد للوصول إلى الطريق الواضح المنير.

المفكرون، الكتاب، الفلاسفة، الشعراء، الأدباء وغيرهم، فطاحل في لعن الظلام والتشكي منه والتظلم من ويلاته، وما نهض واحد منهم وحمل شمعة موقدة، وأنار درب الأجيال.

ولا مَن فكر بمصباح ديجون، ليس لكشف الحقيقة، ولكن لطرد ظلام الضلال والبهتان، والتطوح في ميادين التداعي والخسران.

يبدو ان لعن الظلام أسهل من إيقاد شمعة، لأنه لا يحتاج إلى جهد، بينما إضاءة العقول والدروب بحاجة إلى جد وإجتهاد، وتفاعل عقول وقدرات وتكاتف وإنصهار في أوعية المصالح المشتركة، والوطنية الجامعة المانعة من الجور والعدواان.

أكثرنا يجيد مهارات لعن الظلام، ويمعن في إبداعه الإلعاني، ويتوهم بأنه بقدم شيئا نافعا للأجيال، وهو كالتي تولول على القبور، فالإبداع الإلعاني كنعيق الغراب، أو نحيب البوم، لا جدوى منه إلا إثارة الأحزان، وتنمية الأشجان.

الشعوب المقتدرة، نخبها تحمل مشاعل الإشراق والوضوح المستقيلي المفعل لقدرات الأجيال المعاصرة، وتضخهم بالأمل والإصرار على تنمية القوة والعزة والكرامة، والشعور بالمسؤولية والإستعداد للقيادة وتعبيد طرق المستقبل نحو آفاق جديدة، ذات إبداعات أصيلة.

لا توجد في كتاباتها لطميات وذرف دموع، بل تحدي ومنازلة لا تعرف الهوادة.

"قف دون رأيك في الحياة مجاهدا...إن الحياة عقيدة وجهاد"

نخبنا مطالبة بصياغة الكلمة الطيبة، وضخ عناصر ومفردات الأمل والتفاؤل مهما تراكمت الخيبات، وعسعس ليل وجودنا في زمن الغاب البراق الألوان، والمزين بالشعارات المضللة، والتفاعلات المخادعة، والتحديات المتنامية.

الحق رائدنا والصدق مذهبنا، واليراع سلاحنا، وعزمنا شراعنا، وفكرنا ينيرنا، ووعينا يرشدنا، فاكتب بمداد الحق، وجرأة تفعيل العقل، فأن الباطل زاهق ومرتعه وخيم، فما ينفع الناس يمكث في الأرض، وأما الزبد فيذهب جفاءً، وتلك معادلة كونية للديمومة والبقاء.

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم