أقلام حرة
صادق السامرائي: أبو جعفر المنصور يحكمنا!!

هو الذي وجه أو أمر محمد بن إسحاق لكتابة السيرة النبوية، لتكون معينا ثقافيا لولي العهد من بعده (المهدي) زوج الخيزران التي أنجبت الهادي وهارون، ويقال إنها قتلت إبنها الهادي لأنه أذلها أو حد من صلاحياتها.
السيرة النبوية كتبت سنة 150 هجرية، وإختصرها إبن هشام، ويُقال أن أبو جعفر المنصور طلب من إبن إسحاق أن يخقفها، لأن المهدي لا قبل له بقراءة مئات الصفحات، ويذكر أن السيرة النبوية مكتوبة بواقعية في زمن عثمان بن عفان، وأحرقها الأمويون لأنها تشيد بالأنصار، الذين أبادوا معظمهم في موقعة الحرة (63) هجرية، التي قادها مسلم بن عقبة.
السيرة فيها الكثير من اللاوافعية، والإبتعاد عن ومضات السيرة في القرآن :"قل إنما أنا بشر مثلكم ...."، "وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل...."
في عصر أبي جعفر المنصور(136 - 158) هجرية، إنطلقت حركة التدوين، ونقل الروايات الشفاهية إلى القراطيس، وهو الذي بدأ بالحث على تدوين الأحاديث وكتابة الصورة التي نعرفها اليوم عن الإسلام وتأريخه وسيرة نبيه.
التفاعلات الواقعية لم تدون بل تحقق إضفاء المثالية والملائكية على منطلقات الدين من بدايته لتبرير ما وصلت إليه أو أرادت أن تصل إليه الدولة العباسية، بعد أن إنقلبت على حلفائها، وتفردت بالسلطة والحكم.
أبو جعفر المنصور المؤسس الحقيقي للدولة العباسية، وواضع البنى التحتية لقيامها وإنطلاقها وتواصلها وفقا لرؤيته الثاقبة وتصوراته كباني إمبراطورية وصانع تأريخ.
ولوفاة إبنه البكر جعفر الأكبر (125 - 151) هجرية، عهد من بعده لإبنه الثاني محمد المهدي، وبهذا تغيرت مسيرة الدولة العباسية من بعده، ووصلت إلى ذروتها ثم إنحدرت بسبب الصراعات بين أولياء العهد الذين تماحقوا.
تدونت الحوادث بعد قرنِ
فمن قول إلى رسم وفنِ
ووثقت الكلام يراع كسبٍ
ومنقولٍ لمنقولٍ بظنِ
فلا تعتب على صورٍ تجلت
بها الأجيال من كتبٍ تكني
***
د. صادق السامرائي