أقلام حرة
مرتضى السلامي: لا تقرأ الفلسفة بل تحاور معها

كثيرًا ما نتعامل مع كتب الفلسفة كأنها كنوز في متحف. نقترب منها بخشوع، نقرأها بحذر، ونحاول أن نحفظ ما قاله المفكرون العظام. نتعامل معها كنصوص مقدسة أو مقررات دراسية يجب استيعابها. هذا الموقف يحول الفلسفة إلى شيء ميت، مجموعة من الآراء المحنطة التي لا علاقة لها بحياتنا.
لكن الفلسفة، في جوهرها، ليست شيئًا نتعلمه، بل هي شيء نفعله. إنها ليست معرفة تتلقاها، بل هي حوار تخوضه. الكتاب الفلسفي ليس نصبًا تذكاريًا، بل هو دعوة للمحادثة. المؤلف، حتى لو مات منذ قرون، يجلس أمامك عبر صفحات كتابه، ويطرح عليك أفكاره، وينتظر منك أن ترد.
لكي تحيي الفلسفة، عليك أن تغير طريقة قراءتك. توقف عن كونك تلميذًا سلبيًا، وكن محاورًا نشطًا. عندما تقرأ جملة، لا تكتفِ بفهمها. اسألها: "ماذا تقصد حقًا؟ لماذا هذا مهم؟ هل أنا أتفق معك؟". تجرأ على أن تختلف مع أعظم العقول. قل: "هذه النقطة تبدو ضعيفة، لأن تجربتي تقول شيئًا مختلفًا".
الأهم من ذلك كله، اربط ما تقرأه بحياتك أنت. اسأل دائمًا: "كيف تساعدني هذه الفكرة على فهم ما أمر به الآن؟ كيف يمكنني استخدام هذا المفهوم كأداة للنظر إلى مشاكلي وعلاقاتي وعالمي؟". عندما تفعل ذلك، يتوقف الكتاب عن كونه مجرد نص، ويصبح مرآة، أو مطرقة، أو نافذة.
تخيل أنك دخلت ورشة نحات عظيم. يمكنك أن تتجول بين التماثيل النهائية، وتعجب بجمالها، وتقرأ البطاقات التي تشرحها. هذه هي القراءة السلبية. أو يمكنك أن تمسك قطعة من الطين بنفسك، وتجلس بجانب النحات، وتحاول أن تصنع شيئًا، وتسأله عن تقنياته، وتجرب أدواته، وتتعلم من أخطائك. هذه هي القراءة الحوارية. في الحالة الثانية فقط، ستفهم حقًا ما يعنيه أن تكون نحاتًا.
الفلسفة ليست في التماثيل النهائية، بل في عملية النحت. والانخراط في هذا الحوار النشط مع النصوص هو ما يحولك من مجرد سائح في متحف الفلسفة إلى فيلسوف يمارس فنه.
"لا تقرأ الفلسفة، بل تحاور معها. عندما تمسك كتابًا فلسفيًا، لا تتعامل معه كنص مقدس أو مقرر دراسي. تعامل معه كشخص يجلس أمامك. مارس 'الحوار': اسأله: 'ما الذي تريد أن تقوله حقًا؟'. اختلف معه: 'أنا لا أتفق مع هذه النقطة، لأن...'. اربطه بحياتك: 'كيف تساعدني هذه الفكرة على فهم تجربتي أنا؟'. إن تحويل القراءة من تلقي سلبي إلى حوار نشط، هو ما يحول النص الميت إلى تجربة حية."
***
مرتضى السلامي