أقلام حرة

ثامر الحاج امين: اقبال نعيم.. أفول مبكر

رحلت الممثلة القديرة "اقبال نعيم"، وقد اعادني رحيلها الى استذكار ادائها المميز في مسرحية  (ترنيمة الكرسي الهزاز) الى جانب زميلتها الممثلة المتألقة " انعام البطاط "، وقبل عام 1987  ــ تاريخ عرض المسرحية المشار اليها ــ لم تكن الممثلة " اقبال نعيم " ممثلة كبيرة في عمرها ومنجزها، كما لم تكن معروفة للجمهور آنذاك، ولكن مسرحية (ترنيمة الكرسي الهزاز) كانت بداية انطلاقتها الناجحة والجادة مع المسرح، فمن خلال دورها في هذه المسرحية تعرف الجمهور على امكانياتها الكبيرة وطاقتها الشابة حيث قدمت برفقة زميلتها البطاط عملا مسرحيا ظل خالدا في ذاكرة المتابعين لمسيرة المسرح العراقي الجاد حيث جاء العمل وسط فوضى ما يسمى بالمسرح التجاري كما كان العرض بمثابة الصد لتدهور مسيرة المسرح وابعاد الرثاثة عن تاريخه المشرق ومحاولة لحماية ذائقة الجمهور من العروض الهابطة .

نالت مسرحية (ترنيمة الكرسي الهزاز) التي تم عرضها لأول مرة عام 1987 في منتدى المسرح التجريبي الكائن في شارع الرشيد اهمية وشهرة واسعتين من قبل الجمهور والمهتمين بشؤون المسرح  حيث اجتمع فيها رموز الابداع العراقي فالنص كان من تأليف الكاتب فاروق محمد واشعار المسرحية لعريان السيد خلف والاخراج للدكتور عوني كرومي ودام عرض المسرحية مجانا لعدة شهور ذلك ان الجمهور لم يكتف بمشاهدة واحدة لها انما البعض حرص على حضور العرض لعدة مرات وانا واحد من الذين حظي بمشاهدتها ثلاث مرات وفي واحدة من المشاهدات كانت بحضور الناقد الكبير " علي جواد الطاهر " الذي وقف في نهاية المسرحية محييا بحماس وفرح القائمين على العمل ومشيدا بالأداء والاخراج وفي اليوم التالي كتب عنها الطاهر صفحة كاملة في واحدة من الصحف الصادرة آنذاك، كما نالت المسرحية اهتمام النقاد الاخرين ونشرت عنها كتابات عديدة وحصلت على جوائز عديدة منها جائزة افضل عمل متكامل في مهرجان قرطاج المسرحي في عام 1987 وظلت المسرحية تعرض بشكل يومي لأكثر من ستة شهور متواصلة، والمسرحية تتحدث عن الحنين الى الماضي وتعرض قصة امرأتين تعيشان مرارة الفقد وتصارعان وحدة العيش، وعالجت المسرحية هذه الاشكالية بعمق النص وبسمات اخراجية متفردة لم يألفها جمهور المسرح قبل هذا العرض، وجاء العمل من شخصيتين فقط يجمعهما بيت تبدو عليه اثار السنين ويتماهى مع شخصيتي العمل، أدت الممثلة " اقبال نعيم " شخصية امرأة تعيش الأمل بعودة الغائب الذي خرج ولم يعد، كما أدت الممثلة " انعام البطاط " شخصية مغنية فقدت بريق صوتها بعد ان تقدمت في العمر ولكنها بقيت متشبثة بمجدها الآفل وبأمل استعادة ذلك المجد من خلال ترانيمها على " كاروك " فارغ، وكان لأداء الممثلتين اقبال والبطاط دورا كبيرا وظاهرا في شهرة المسرحية وانتشارها والذي جعل جمهورا كبيرا من المحافظات يأتي بحملات جماعية للاستمتاع بمشاهدتها .

لقد ظل المسرح العراقي يحتفظ لـ " اقبال نعيم " بواحد من أهم الأدوار الذي أدته ببراعة خلال مسيرتها الابداعية . 

***

ثامر الحاج امين

في المثقف اليوم